في مشهد ولحظات مؤثرة تمكنت الطفلة الفلسطينية تقى، الأحد، من لقاء والدها الأسير ماهر الأخرس، المضرب عن الطعام منذ 91 يوماً رفضاً لاعتقاله الإداري ومطالباً بحريته، ويحتجز حالياً في مستشفى "كابلان" الإسرائيلي.
تقى، ست سنوات، احتضنت والدها وعانقته وهي تبكي على سريره في مستشفى "كابلان"، بعد يوم من محاولتها وعائلتها أن تزور والدها، الذي حرموا من لقائه، أمس السبت، وظهرت بمشهد مؤثر وهي تصرخ وتبكي من أجل رؤية والدها، فأعلنت العائلة حينها الإضراب عن الطعام لأجل رؤيته والاطمئنان على حالته الصحية، إلى أن علقت الإضراب اليوم، بعد تحقيق هدفها.
تقول تغريد، زوجة الأسير الأخرس، لـ"العربي الجديد": "لقد كان لقاء ماهر بطفلتنا تقى اليوم، مؤثراً جداً، فهي لحظات صعبة جداً لقد احتضنت والدها وهي تبكي وتقبل يديه، بعدما تمكنا من زيارته، وتقى لا تريد أن تفارق والدها وتبكي باستمرار، الاحتلال لا يسمح بتواجدنا باستمرار في غرفة ماهر، لكننا اطمأننا عليه".
وأشارت الأخرس، إلى أن محكمة الاحتلال العليا رفضت اليوم، التماساً تقدمت به محامية زوجها، ورفضت الإفراج عن ماهر، وأبقت على قرارها السابق بتجميد اعتقاله الإداري دون الإفراج عنه وبقائه في مشفى "كابلان"، رغم التدهور الخطير في وضعه الصحي.
وتابعت "حالياً أزالوا عنه القيود والحراسة، لكنه بقي بوضع الاعتقال، وقرار التجميد للاعتقال يشمل الإفراج عنه في الـ 26 من الشهر القادم، لكن ماهر يرفض قرار المحكمة ويطالب بالإفراج عنه، ويرفض فك إضرابه، ويخشى من خطوة المحكمة أن تكون محاولة للالتفاف على إضرابه".
وكان الأسير الأخرس وجه، أمس السبت، رسالة ووصية عبر محاميته، قال فيها "أطلب أن تزورني أمي وزوجتي وأولادي، ولا أريد أن أموت في مستشفى (كابلان) الإسرائيلي ولا أريد مساعدتهم، وإن أرادوا مساعدتي فلينقلوني إلى مستشفى فلسطيني، أريد أن أموت بين أهلي وأولادي، ولا أريد أن يضعوني في الثلاجة وألا يشرحوا جثتي بتاتاً، أريد من الأسرى القدامى الذين خاضوا معركة الإضراب عن الطعام وأهالي الشهداء أن يحملوا نعشي، وأوصي شعبي أن يحموا الوطن".
وجاءت رسالة الأسير الأخرس بعد يوم على قيام مجموعة من السجانين وأمن مستشفى "كابلان"، وتحديداً في تاريخ 23 أكتوبر/تشرين الأول، باقتحام غرفته والتنكيل به بعد إخراج زوجته من الغرفة، وأبلغت سلطات الاحتلال محاميته بقرارها القاضي بإلغاء قرار المحكمة العليا والمتمثل "بتجميد" اعتقاله الإداري، وأنها قررت نقله إلى سجن "عيادة الرملة"؛ وفي نفس اليوم تقدمت محاميته بالتماس للمحكمة، طالبت فيه بوقف قرار نقله من مستشفى "كابلان" لخطورة وضعه الصحي، وعليه قبلت المحكمة الالتماس وأبقته في المستشفى، وفق ما أكده نادي الأسير الفلسطيني في بيان اليوم الأحد.
يُشار إلى أن هذا الالتماس جزء من عدة التماسات سابقة قدمت للإفراج عنه منذ تحويله إلى الاعتقال الإداري، وفي كافة القرارات التي صدرت عن المحكمة العليا للاحتلال رفضت فيها الإفراج عنه رغم وضعه الصحي الصعب.
وفي تاريخ 23 أيلول/ سبتمبر 2020، أصدرت المحكمة قراراً يقضي "بتجميد" اعتقال الأخرس الإداري، وهو بمثابة مسرحية وخدعة نفذتها المحكمة في محاولة للالتفاف على إضرابه، وعليه رفض الأسير الأخرس وقف إضرابه، وفي تاريخ الأول من تشرين الأول/ أكتوبر 2020، رفضت المحكمة مجدداً طلباً بالإفراج الفوري عن الأخرس، ومرة أخرى في تاريخ الثاني عشر من تشرين الأول/ أكتوبر 2020، رفضت المحكمة طلباً مجدداً وخرجت المحكمة بمقترح في جوهره يمثل محاولة جديدة للالتفاف على إضرابه، وتركت فعلياً الباب مفتوحاً لإمكانية استمرار اعتقاله الإداري وتجديده.
ومن الجدير ذكره أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر وفي تاريخ 22 تشرين الأول/ أكتوبر 2020، أصدرت بياناً أكدت فيه على خطورة الوضع الصحي للأسير الأخرس.
ويبلغ الأسير ماهر الأخرس من العمر 49 عاماً، وهو من بلدة سيلة الظهر جنوب جنين شمال الضفة الغربية، متزوج، وأب لستة أبناء، ويعمل في الزراعة، واعتقل الاحتلال الأخرس في 27 تموز/ يوليو 2020، وجرى تحويله إلى الاعتقال الإداري لمدة أربعة شهور، وعليه شرع في منذ لحظة اعتقاله بإضراب مفتوح عن الطعام رفضاً لاعتقاله.
وخلال فترة إضرابه نقلته إدارة سجون الاحتلال إلى عدة سجون، كان أول محطة له في مركز توقيف "حوارة" المقام جنوب نابلس ثم جرى نقله إلى زنازين سجن "عوفر"، ثم إلى سجن "عيادة الرملة" إثر تدهور وضعه الصحي، وأخيراً إلى مستشفى "كابلان" الإسرائيلي حيث يُحتجز فيها منذ بداية شهر أيلول/ سبتمبر الماضي.
يُشار إلى أن الأسير الأخرس أسير سابق اُعتقل عدة مرات منذ عام 1989م، وقضى في سجون الاحتلال ما مجموعه أربع سنوات.