يزداد الوضع البيئي خطورة في محافظة صفاقس، جنوب شرقي تونس، مع انتقال أزمة النفايات من المناطق الحضرية إلى تلك الريفية، التي تتحوّل إلى مكبّات للنفايات، وسط مخاطر تهدّد الزراعة في واحدة من أكبر المناطق المنتجة للزيتون.
وينبّه ناشطون بيئيون من مخاطر نقل كميات من النفايات المكدّسة داخل مناطق في مدينة صفاقس نحو منطقة الوادي العشاش الزراعية، من أجل طمرها من دون معالجة، ويحذّرون السلطات المحلية من تحويل المناطق الزراعية إلى مكبّات عشوائية للنفايات.
ومنذ نحو 14 شهراً، ترزح مدينة صفاقس، التي يُقدَّر عدد سكان المنطقة الحضرية فيها بنحو 800 ألف، تحت أزمة نفايات طالت، بعد إغلاق مكبّ مراقب بناءً على قرار قضائي، وسط عجز السلطات عن إيجاد بدائل لإنشاء مكبّ جديد.
ويقول الناشط البيئي شفيق العيادي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "آلاف الأطنان من النفايات بصدد الانتقال من المناطق الحضرية نحو الفضاءات الطبيعية من أجل التخلّص منها عشوائياً، الأمر الذي يمثّل خطراً صحياً على الهواء والأرض والبحر".
وأكد العيادي أنّ "النفايات المكدّسة في المدينة تُنقل تحت مراقبة أمنية من أجل تخفيف مخاطرها داخل الوسط العمراني، غير أنّها تمثّل خطراً جديداً على البيئة في الضيع، التي من الممكن أن تتحوّل إلى مكبّات عشوائية في غياب حلول جذرية للأزمة".
ويعبّر الناشط البيئي عن قلقه من أن "تطاول تداعيات أزمة النفايات المنتجات الزراعية وبساتين الزيتون"، محذّراً "من تعميم المكبّات العشوائية في إطار الحلول الترقيعية التي تعتمدها السلطات". ويضيف أنّ "النشطاء البيئيين في صفاقس ينتظرون حلولاً جذرية سريعة لتطويق الأزمة، التي تعرّض حياة 800 ألف مواطن لمخاطر الأمراض الناجمة عن النفايات".
ويشير العيادي إلى أنّ "المستثمرين أبدوا استعداداً لإيجاد حلول سريعة لتدوير النفايات، غير أنّ هذه المشاريع تحتاج إلى توفير الأراضي اللازمة لإنشاء وحدات التدوير".
ويوضح أنّ "نحو 14 مستثمراً قدّموا مقترحات مشاريع بهدف إقامة وحدات، بناءً على الاستشارة التي أصدرتها اللجنة الاستشارية لمعالجة ملف النفايات في صفاقس، لكنّ تنفيذها يتوقّف على تحديد الأرض التي سوف تُحوَّل إلى مكبّ مراقب جديد، لاستيعاب وحدات التدوير، بديلاً عن مكبّ القنة الذي أُغلق".
ويطالب المجتمع المدني في صفاقس بتغيير طريقة التعاطي مع أزمة النفايات، وتحويلها إلى ثروة عبر إعادة تدويرها واستخدامها في الدورة الاقتصادية، الأمر الذي من شأنه أن يقلّص من حجم النفايات الواصلة إلى المكبّات.
وقد حذّر قسم العدالة البيئية في المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية من "تمادي التعاطي السطحي والارتجالي مع أزمة النفايات في تونس، وترسيخ عقلية الإفلات من العقاب، مع غياب التحقيقات الجدية ومحاسبة المسؤولين".
تجدر الإشارة إلى أنّ السلطات التونسية لم تتمكّن، منذ أكثر من عام، من إيجاد حلول لأزمة النفايات في صفاقس، بعد رفض المواطنين في مختلف مدن المحافظة فتح مكبّات جديدة، عقب إغلاق مكب القنة في مدينة عقارب بحكم قضائي صدر في يوليو/ تموز من عام 2019.