بدأ حاملو الشهادات العليا في تونس، أمس الإثنين، إضراباً مفتوحاً عن الطعام أمام وزارة الشؤون الاجتماعية، تحت شعار "إضراب الكرامة".
والمضربون تمّ تشغيلهم بصفة "هشّة" ضمن ما يُعرف بالآلية 20، حيث تمّ توزيعهم على عدّة جمعيات ومنظمات وطنية تُعنى بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وعلى وزارتي التربية والصحة، على أمل توظيفهم لاحقاً في المؤسسات الحكومية، ولكن تمّ التنصل من مختلف الوعود التي أطلقتها مختلف الحكومات المتعاقبة منذ الثورة إلى الآن.
وقدم المحتجون، الذين قرروا الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام، من مختلف المحافظات التونسية، وخاصة من المناطق المهمّشة، كسيدي بوزيد والقصرين وقفصة، وعدة مناطق أخرى، مؤكّدين أنهم يعانون من أوضاع صعبة وظروف مهينة وأجور متدنية، وأنه "أمام تواصل سياسات التسويف والمماطلة، ورفض وزارة الشؤون الاجتماعية إيجاد حلول لتسوية وضع قطاع الآلية 20، وأمام عدم التعامل الجدي والمسؤول للأطراف المسؤولة المعنية بالملف، ورفضها إيجاد تسوية نهائية وعاجلة تُنهي مأساة العاملين"، قرروا الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام إلى حين الانتداب في الوظيفة العامة.
وقالت منسّقة إضراب الكرامة آمنة زويدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ مطلبهم الأساسي هو "التوظيف على غرار عاملين ضمن آليات أخرى تمّت تسوية ملفهم"، مؤكّدة أنهم عانوا كثيراً من التشغيل الهشّ ومن الأجور المتدنية التي لا تتناسب وشهاداتهم العلمية، ولكن الدولة "تريد مواصلة العمل بالتشغيل الهشّ، وإدخالهم ضمن الاتفاقية القطاعية المشتركة التي يعاني العاملون ضمنها من عدّة إشكاليات".
وأوضحت زويدي أنّ التوظيف وتسوية وضعهم حق دستوري"، مضيفة أنهم ناضلوا طيلة 10 سنوات من أجل التشغيل، وهم مستعدون اليوم لـ"مزيد من النضال، حيث ستكون هذه المعركة مصيرية، إمّا التسوية ونيل حقوقنا، أو الموت".
ولفتت إلى أنّها جلبت ابنتها الرضيعة، وأنّ "ظروف الإضراب ستكون صعبة جداً بعدما صادر الأمن أغراضنا ومستلزماتنا، ما سيضطرنا للبقاء في العراء، ولا يمكننا الجلوس لأنه تمّت مصادرة كل شيء"، وأشارت إلى أنّ هذا لن يثنيهم ولن يجعلهم يتراجعون عن مطالبهم، فقد "وصلنا إلى مرحلة لا يمكن السكوت فيها على الظلم والمعاناة".
وقال محمد باللطيفي، من محافظة القصرين، إنّ الإضراب عن الطعام سيكون مفتوحاً، وأضاف أنّ مطلبهم الأساسي هو "الإدماج في الوظيفة العمومية لا غير"، وقد قرروا مقاطعة العمل إلى حين تحقيق مطلبهم.
وأشار إلى أنهم يطالبون بكفّ الضغط والظلم المسلّط على أعوان الآلية 20، مضيفاً أنه يتم تشغيل العديد من الشباب في أعمال لا تتماشى ومستواهم التعليمي الجامعي، ولفت إلى أنهم اكتشفوا ملفات فساد في بعض المراكز التي تُعنى بذوي الاحتياجات الخاصة، وهم يطالبون بفتحها وبضرورة الإصلاح.
وأشار إلى أنه تعرّض للتعنيف والضرب والإهانة لأنه تكلم عن التجاوزات الموجودة في الجمعية التي يعمل بها، مؤكداً أنّ معدل أعمارهم بين 40 و45 عاماً، ولكن أجورهم المتدنية لا تلبي أبسط الضروريات.
وأضاف أنّ في كفالته والدان مسنان، وهو من عائلة معوزة، ومع ذلك يضطر للتنقل يومياً 40 كلم للعمل، كما أنّ أغلبهم من مناطق مهمّشة تعاني من الفقر المدقع.
وتقول فتحية الصولي، من منوبة في العاصمة، إنهم لا يتمتعون بأي حقوق، كالتغطية الاجتماعية والعلاج، ورسالتهم اليوم من خلال الإضراب هي "المطالبة بالمساواة الفعلية مع غيرهم، ويكفي ظلما لأصحاب الشهادات العليا وحرمانهم من حقوقهم المشروعة".
وأكّدت منى الدريدي أنهم عانوا طيلة أعوام من الظلم والحرمان والأجور المتدنية بسبب الآلية 20، واليوم تصرّ الدولة على إحالتهم على قطاع آخر هشّ، وتوزيعهم على مراكز للعناية بذوي الاحتياجات الخاصة، رغم أنهم لا يملكون أي تدريب في هذا المجال، مشيرة إلى أنّ "الوضع كارثي".