اختتم المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات فرع تونس، اليوم السبت، أعمال ورش انطلقت أمس الجمعة وبحثت موضوع الهشاشة التربوية في مدارس تونس. أكّد خلالها باحثون ضرورة الاهتمام بالمدارس التونسية، وتكوين المدرّسين، والاهتمام بالجوانب النفسية الخاصة بالتلاميذ، والأخذ بإيجابيات الأنظمة التربوية السابقة، والبناء عليها للإصلاح، وتحسين المنظومة التربوية.
وقال الباحث في المركز العربي، محرز الدريسي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "النقاشات كانت مهمّة على مدى يومَين، وقد خرجنا بتوصيات عديدة، أبرزها أنّه من الضروري إعادة النظر في طرق ومحتويات عملية تكوين المدرّسين"، مشدّداً على أنّه "حان وقت تجاوز الطريقة البيداغوجية (التربوية) التقليدية، وكذلك أنسنة مناخ المدرسة وتحسين طرق التواصل بين المدرّسين والمعلّمين وإنجاز الإصلاحات التربوية المطلوبة وفق مقاربة شاملة".
موضحا أنّ "الاستقرار السياسي مهمّ جداً للسياسة التربوية، ولا بدّ من انفتاح المدرسة على محيطها وإشراك البلديات والسلطات المحلية".
وأكدت أستاذة علم النفس، سامية بن يوسف، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الورشة التي أدارتها ركّزت على كيفية حيازة المربّي للقدرة على إحداث نقلة من التربية المدرسية إلى التربية على الحياة"، موضحة أنّه "تدارسنا الكفاءات الاجتماعية والنفسية الواجب توفّرها لدى المربّي لكي ينقل قيم المجتمع إلى التلميذ الذي هو مواطن الغد".
وأضافت بن يوسف أنّ "الوضع النفسي للمربي ينعكس على التلاميذ، ولا بدّ من معرفة طرق معالجة الآثار النفسية من قلق وضيق لكي لا تنتقل المشاعر السلبية إلى التلاميذ. وهو ما يتطلب التواصل معهم باستمرار والوقوف عند المشكلات". وتابعت أنّ "الصعوبات هيكلية ومعالجتها غير ممكنة بسرعة، لكنّه في الإمكان تغيير المناخ حتى يكون التركيز أساساً على التلميذ لا على التلقين".
وشدّدت الأكاديمية التونسية على أنّه "لا بدّ من التركيز على دور المختصين في علم الاجتماع وعلم النفس في هذا الإطار"، مبيّنة أنّ "الاستماع إلى التلميذ ضروري لمعالجة المشكلات في السلوكيات". وأشارت إلى أنّه "من أجل تقييم القدرات التربوية، لا بدّ من مراجعة المحيط التربوي ككلّ".
وأفادت بن يوسف بأن "المطلوب هو تنمية الثقة لدى التلميذ، وبين المدرّسين والتلاميذ، وثمّة مسؤولية تقع على عاتق المسؤولين التربويين". وأكملت أنّ "التكوين يجب أن يكون على الجوانب الإنسانية، فتوعية المدرّسين مهمة لكي يحسّنوا التعامل مع التلاميذ"، لافتة إلى أنّ "ثمّة أسباب عدّة للسلوكيات العنيفة في المحيط التربوي، وشعور التلميذ بالإقصاء يدفعه إمّا إلى الانعزال وردّ الفعل على نفسه وإمّا إلى محاولة إثبات ذاته".
في سياق متصل، قالت أستاذة اللغة العربية، آمال خرباش بن صالحة، لـ"العربي الجديد"، إنّه "من الممكن التغلّب على الصعوبات والمشكلات من خلال المناخ الإيجابي الذي يغرسه المربّي في فصله ومن خلال الابتكار"، موضحة أنّه "على الرغم من مرور 28 عاماً على تجربتي في التدريس، فأنا أشعر في كلّ يوم بأنّه يومي الأوّل في التعليم وأحرص على التجديد والحصول على التكوين المستمرّ في عالم الطفل والمراهق".
وأضافت بن صالحة أنّ "هذا الأمر لا يجعلني أشعر بهشاشة تربوية بل بصلابة تربوية"، مبيّنة أنّ "التلميذ التونسي قوي، وثمّة تلاميذ فاقوا مدرّسيهم". وأكّدت أنّ "وراء كلّ تلميذ عظيم مدرّساً عظيماً والعكس صحيح".