أعلنت السلطات التونسية، أمس الأحد، عن إجراءات جديدة لتخفيف الاكتظاظ في أكبر سجن مدني بالبلاد، وذلك عبر إعادة توزيع المودعين ونقل سجناء من سجن المرناقية، بمحافظة ولاية منوبة القريبة من العاصمة تونس، إلى سجني أوذنة من محافظة بن عروس وصواف التابعة لمحافظة زغوان، بهدف الحد من الاكتظاظ.
وأفادت وزارة العدل في بلاغ لها، بأنه "تم إقرار هذا الإجراء، على أثر زيارة وزيرة العدل، ليلى جفال، إلى سجن المرناقية في 12 يوليو/تموز، والتي أكدت خلالها ضرورة الحد من الاكتظاظ بهذه الوحدة السجنية، وتكريس حق السجين في ظروف إقامة لائقة تستجيب للمعايير الوطنية والدولية للإيداع".
وقالت الوزارة، إنها سوف تعتمد هذا المسار في قادم الأيام لتخفيف العبء على بعض الوحدات السجنية التي تشهد اكتظاظاً، فضلاً عن إقرار حزمة من الإجراءات العاجلة في هذا الاتجاه، بما يحسن من ظروف الإيداع ويمكن الأعوان من العمل في ظروف أحسن.
وتقول المحامية والناشطة الحقوقية، نادية الشواشي، في تصريح لـ "العربي الجديد" إن"السجناء في تونس يعانون من ظروف صعبة بسبب اكتظاظ السجون التي تؤثر على مجمل حقوقهم".
واعتبرت الشواشي أن "السجن في عدد من القضايا لا يمثل حلا لمشاكل المجتمع" مؤكدة على" ضرورة تغيير أحكام السجن بالعمل للصالح العام في قضايا النفقة مثلا التي تقدر بنحو 34 ألف قضية سنويا تنتهي أحيانا بسجن المتخلف عن دفع النفقة لفائدة المنتفع بها".
والاكتظاظ في سجون تونس مشكلة هيكلية تعاني منها أغلب الوحدات السجنية، وسبق أن نبهت إليه كل التقارير المحلية والدولية التي تعتبر أن ذلك انتهاك لحقوق المساجين.
وانتقد تونسيون منشور وزارة العدل، معتبرين أن إعادة توزيع المساجين لا تحل مشكل الاكتظاظ بل تزيد من أعباء الأسر التي ستجبر على التنقل لمسافات أطول من أجل زيارة أبنائها في سجني أوذنة وصواف.
وقال المعلقون على صفحة وزارة العدل إن مكافحة الاكتظاظ في السجون تستوجب معالجة الأسباب الحقيقية، وهي طول فترة الإيقاف التحفظي للمتهمين دون عرضهم على القضاء، مطالبين بإجراء تعديلات على المجلة الجزائية في اتجاه تخفيف الأحكام في القضايا التي لا تمس بالأمن العام وليس لها طابع جنائي، على غرار قضايا استهلاك أصناف من المخدرات وقضايا الشيك دون رصيد.
ويشير تقرير أصدرته الأمم المتحدة حول السجون التونسية في المعايير الدولية إلى أن الزيارات للسجون، والاستماع لشهادات، كشفا وجود العديد من التشكيات والشعور بالظلم وعدم الإنصاف لدى المساجين نتيجة طول مدة انتظار المحاكمة أو عدم الأخذ بعين الاعتبار لظروف التخفيف التي تمنح السراح الشرطي.
وأبرز التقرير أن أكبر عدد من السجناء ينتمون إلى الشريحة العمرية ما بين 20 و 30 عاما، ومنهم من يدرسون في التعليم الثانوي والجامعي، وأن 53 بالمائة من المودعين مسجونون في قضايا تتعلق بمسك أو استهلاك أو ترويج مخدرات. وقال التقرير إن السجون التونسية تعاني من ارتفاع كبير من عدد الموقوفين على ذمة قضايا تجاوزت مدة إيقافهم تحفظيا 14 شهراً.
وأوصى تقرير الأمم المتحدة بضرورة تطوير التشاريع بصفة تضمن المحاكمة العادلة والتحقيق الجزائي، مع التقليص من السجن إلى ما بين 3 و 6 أشهر لمن ليس لديهم قضايا سابقة، وذلك لإعطاء هذا الصنف من المساجين فرصة للإصلاح والمساهمة في الحد من ظاهرة الاكتظاظ.