قبل أسبوع أبلغ الاحتلال الإسرائيلي أصحاب الأراضي في منطقة "جبل أبو سودا" شرق بلدة بيت أمر شمال الخليل إلى الجنوب من الضفة الغربية، بالاستيلاء على أكثر من 300 دونم من أراضي "جبل أبو سودا" و"خربة بريكوت".
لا تتوقف عملية استهداف الاحتلال الإسرائيلي لأراضي الفلسطينيين، إذ يسعى للاستيلاء عليها بحجج واهية، أبرزها توسعة مستوطنة "مجدال عوز" المقامة على أراضي البلدة.
استهداف واضح بالاستيطان
يستهدف الاحتلال الإسرائيلي منطقة "جبل أبو سودا" عبر منع البناء وهدم المنشآت الزراعية واقتلاع الأشجار المثمرة؛ بهدف الحد من التوسع السكاني والانتشار الزراعي فيها؛ بحجة منع الاحتكاك بالمستوطنين والقرب من الطرق الالتفافية.
ويُحذّر منسق المقاومة الشعبية في بيت أمر، يوسف أبو ماريا في حديث لـ"العربي الجديد" من مساعي الاحتلال بتوسيع الطرق الالتفافية على حساب الاستيلاء على الأراضي، تمهيدًا لمنع الفلسطينيين من العبور فيها، وهي الطريق الواصلة بين الخليل وبيت لحم من أمام مخيم العروب المعروفة بطريق بوابة القدس الكبرى؛ بهدف تحويل خط سير الفلسطينيين إلى طريق أطول مسافةً ومشقةً في واد سعير.
ووفق أبو ماريا، فإن بيت أمر مهددة بالحصار الاستيطاني من جهاتها الأربع، في حال الاستيلاء على جبل أبو سودا الذي سيستخدم لمناطق سياحية ورياضية ومساكن استيطانية.
يشير أبو ماريا إلى أن الاحتلال بعد عام 2014، الذي حدثت به عملية خطف ثلاثة مستوطنين من دوار عتصيون الاستيطاني، عمل على نصب الخيام والبيوت المتنقلة على رأس "جبل أبو سودا" والجبال المحاذية كخطوة مخالفة للقوانين الدولية.
وترتفع أراضي "جبل أبو سودا" حوالي 1050 مترا فوق سطح البحر، أيّ أنها منطقة تطل على القدس ويُرى منها المسجد الأقصى، والأراضي الأردنية والبحر الأبيض المتوسط، وحسب توجهات الاحتلال الاستيطانية فإنها منطقة استراتيجية باعتبارها مرتفعة ومن المؤهل أن تصبح امتدادا لمستوطنات: غوش عتصيون، ومجدال عوز، وكرمي تسور.
ويستغل الاحتلال الإسرائيلي في مصادرة الأراضي اتفاقية أوسلو التي أعطت الاحتلال أحقية السيطرة على المناطق المصنفة "ج"، حسب أبو ماريا، الذي أوضح أن تسعة آلاف دونم من أراضي بيت أمر خاضعة لإدارة البلدية، وحوالي 21 دونمًا تصنف "ج" ويهدد الاحتلال الإسرائيلي بالسيطرة الكاملة عليها مع إبقاء حق الاعتراض مفتوحا للفلسطينيين بلا جدوى.
محاولات لإثبات الملكية لليهود!
يدعي الاحتلال أنه يملك أوراق ملكية لجزء من الأراضي التي يسعى للسيطرة عليها شرق بيت أمر؛ بحجة أنها تعود ليهودي اشتراها في النصف الأول من القرن الماضي، وأنها تصنف تحت بند قانون أملاك الغائبين، كما يروي أحد أصحاب الأراضي صقر أبو عياش في حديث لـ"العربي الجديد".
يقول أبو عياش: "لكنني سأقدم في المحكمة الإسرائيلية أوراق الطابو العثماني والبريطاني التي أملكها في حال اقتربوا من أرضي، لأنني أنا وأبي لم نتنازل عن أملاكنا، رغم محاولات طردنا من الأرض بشكل متكرر منذ 30 عاما".
تزعم قوات الاحتلال أن تلك الأراضي متروكة تقع تحت تصرف دولة الاحتلال الإسرائيلي، أو أنها مصنفة "ج"، أو أنها تعود ليهود قدامى، لكن خبراء ومراقبين يرون أن ذلك يأتي في سعي الاحتلال الإسرائيلي وبشكل متسارع إلى ضمّ أكبر قدر ممكن من الأراضي والأملاك الفلسطينية إلى سلطته وتحديدًا في مناطق جنوب الضفة الغربية، تحت ذرائع غير قانونية تعتمد على طرق الاستيلاء بشكل بطيء.
استغلال قانون أملاك الغائبين
يستغل الاحتلال، بحسب أبو عياش، قانون أملاك الغائبين للاستيلاء على 10 دونمات في المنطقة، والمساحة المتبقية يسعى للاستيلاء عليها بحجّة أنها أراض غير مستخدمة، مشيرا إلى أن ادعاء الاحتلال غير صحيح، كون الأراضي مزروعة بالزيتون والأشجار، وأصحابها يزورونها بشكل دائم، لكن الاحتلال ومنذ عام 1968 يضيق عليهم باستخدامها بحجة قربها من المستوطنة أو الطرق الالتفافية.
ينص قانون أملاك الغائبين على أحقية تصرف السلطات الإسرائيلية بأملاك الفلسطينيين أو اليهود الذين هجروا أراضيهم قبل عام 1950، وفي عام 2015 أصدرت المحكمة الإسرائيلية العليا قرارها النهائي، بسماحها بتطبيق قانون أملاك الغائبين على أملاك سكان الضفة الغربية كأملاك أهالي الأراضي المحتلة عام 1948، كذلك ينص القانون الإسرائيلي على أن الأراضي التي لا تستصلح لمدة تقارب العشر سنوات في المناطق المصنفة "ج"، تعتبر أراضي "دولة" لأنها متروكة.
اتهامات بضعف الدور الفلسطيني الرسمي
صقر أبو عياش الذي كان رئيسا للجان الدفاع عن أراضي جنوب الضفة الغربية، يشتكي من ضعف دور السلطة الفلسطينية بقضية أرضه، قائلًا: "لم أستفد منهم بشيء، كل ما قدموه هو الاستنكار".
في حين، يعاتب الناشط أبو ماريا المؤسسات الرسمية لغياب دورها الفاعل في تعزيز صمود الناس، قائلًا: "طالبنا بتزويد أصحاب الأراضي بغرف زراعية وكرافانات، ليكون المد السكًاني واضحا، وحينها يصبح الاستيلاء على الأراضي صعباً ومكلفا على الاحتلال، ولكن لا حياة لمن تنادي".
وحاول "العربي الجديد"، التواصل مع هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية للاستيضاح حول متابعتها للاستيطان في بيت أمر، وطرق دعمها للأهالي، إلا أنها استمرت بالمماطلة في الردّ، متذرعة بالبحث في تفاصيل القضية.