جدال حول خطة وزير التعليم لإنهاء أزمة كثافة الفصول في مدارس مصر

03 اغسطس 2024
كثافة الفصول مشكلة مزمنة في مدارس مصر (محمد حسام/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **رؤية الوزير الجديد ومقترحاته:** اقترح وزير التعليم المصري، محمد عبد اللطيف، استخدام قاعات المعاهد الأزهرية ومراكز الشباب لتخفيف الكثافة الطلابية في المدارس، لكن قوبلت هذه المقترحات بانتقادات لعدم تأهيل هذه الأماكن.

- **انتقادات الخبراء والمختصين:** وصف تربويون وأساتذة جامعيون مقترحات الوزير بأنها غير عملية، مشيرين إلى أن جوهر أزمة التعليم يكمن في تراجع مستوى المعلمين وانتشار الدروس الخصوصية.

- **الحلول البديلة المقترحة:** اقترح الخبراء التوسع في بناء المدارس، تطبيق نظام التعليم المدمج، تشجيع الاستثمار في التعليم، تأهيل المعلمين، وتوسيع استخدام التكنولوجيا والتعليم عن بعد.

فاجأ وزير التعليم المصري الجديد، محمد عبد اللطيف، الرأي العام بتقديم ما سماها "رؤيته" لحلّ مشكلة الكثافة الطلابية في المدارس، والتي تجاوزت، بحسب أرقام رسمية، 75 طالباً في الفصل الواحد، ما يزيد بنسبة 50% عن المعدلات العالمية. وتضمنت رؤية عبد اللطيف إمكانية توظيف قاعات المعاهد الأزهرية ومراكز الشباب في العملية التعليمية لحل أزمة الكثافة في الصفوف، وجعل العملية التعليمية جذابة للطلاب من أجل العودة إلى المدارس.
ويصف مصدر في وزارة التعليم، طلب عدم ذكر اسمه، رؤية عبد اللطيف بأنها "متسرعة، واستندت إلى نصائح قدمها مقربون منه شددوا على ضرورة محاولته تجاوز الجدال الدائر في شأن شخصه إلى جدال حول رؤيته بعد استمرار توليه المنصب رغم الطعون في شهادات الدكتوراه والماجستير والبكالوريوس التي يحملها".
ويقول عبد الرحمن عبد الحميد، وهو ولي أمر تلميذ في المرحلة الإعدادية الأزهرية، لـ"العربي الجديد"، إن "غالبية المعاهد الأزهرية تعاني من ارتفاع الكثافة الطلابية، وتضم أكثر من 55 طالباً في الصف الواحد، ما يعني أنها تحتاج بدورها إلى تقليل الكثافة، وليس لاستقبال طلاب مدارس التعليم العام".
من جهته، يستغرب محمد علي، وهو مدير أحد مراكز الشباب بالجيزة، مقترحات وزير التعليم الجديد، ويؤكد لـ"العربي الجديد" عدم صلاحية قاعات المراكز للتعليم لأنها مجهّزة لممارسة الأنشطة الرياضية، وتحويلها إلى فصول تعليمية يمنعها من ممارسة مهمتها الأصلية.
ويصف تربويون مقترحات عبد اللطيف بأنها محاولات جرى تجربتها في السابق، وثبت فشلها بسبب تجاهلها جوهر أزمة التعليم المتمثلة في تراجع مستوى المعلمين وافتقادهم معايير التدريب والتأهيل، وتفشي الدروس الخصوصية والكتب الخارجية، ويرى بعضهم أنها نابعة من تأثر الوزير بفكر مراكز الدروس الخصوصية التي عمل سنوات فيها قبل أن يتولى منصبه.
وينتقد أستاذ علم النفس والتقويم التربوي بكلية الدراسات التربوية العليا في جامعة القاهرة، عاصم حجازي، حديث عبد اللطيف عن إيداع الطلاب في قاعات مراكز الشباب والمعاهد الأزهرية لمعالجة قضية الكثافة العالية في المدارس، ويصف المقترحات بأنها "تهدف إلى لفت الأنظار عن مشكلات أخرى، وعن أزمات التعليم الجوهرية والمزمنة في مصر".

فصول المعاهد الأزهرية أيضاً مكتظة (فاضل داود/ Getty)
فصول المعاهد الأزهرية أيضاً مكتظة (فاضل داود/Getty)

ويقول لـ"العربي الجديد"، إن "توظيف قاعات مراكز الشباب غير المؤهلة أصلاً يقضي على دور هذه المراكز وأنشطتها المخصصة لفئات أخرى تتجاوز الطلاب، علماً أن آلاف القرى تفتقر إلى وجود مراكز الشباب، وأوضاع تلك الموجودة متردية وتفتقر إلى البنية الأساسية المناسبة".
ويشير حجازي إلى أن "طبيعة المعاهد الأزهرية تختلف عن معاهد التعليم العام، فهي تركز على العلوم الشرعية، وتعاني من ارتفاع في الكثافة التعليمية بسبب الإقبال على الالتحاق بها في السنوات الأخيرة. من المشكلات الأخرى التي تعترض تطبيق المقترح الحاجة إلى وقت طويل لإجراء التنسيق المطلوب بين وزارة التعليم والأزهر الشريف ووزارة الشباب للتنفيذ، ما يعني أن قضية الكثافة ستظل من دون حل خلال العام الدراسي المقبل على الأقل".
ويشدد على أن "أزمة التعليم في مصر تحتاج إلى حلول غير تقليدية، بعضها عاجلة وأخرى طويلة الأمد، منها مثلاً نظام التعليم المدمج الذي جرى تطبيقه أثناء أزمة كورونا، والمتمثل في تخصيص ثلاثة أيام في الأسبوع للتعليم الإلكتروني بالمنزل، وذهاب طلاب المرحلتين الإعدادية والثانوية إلى المدارس ثلاثة أيام فقط لمناقشة ما جرى تدريسه خلال الأيام الثلاثة مع المعلمين، ويأتي في مقدمة الحلول طويلة الأجل توسيع مشاريع بناء المدارس، وتشجيع الأوقاف على الاستثمار في التعليم عن طريق صندوق الوقف، وفتح حسابات في البنوك لدعم التعليم، وتدشين شراكة مع رجال الأعمال لبناء أكبر عدد من المدارس".
من جهته، يعتبر رئيس قسم أصول التربية في جامعة عين شمس، تامر شوقي، أن ما طرحه عبد اللطيف حلول جرت تجربتها في السابق، وهي غير قابلة للتنفيذ، ما يعكس عدم وجود رؤية لدى الوزير لمواجهة أزمات العملية التعليمية، والتي تتجاوز الكثافة إلى حالة المدارس والمعلمين ووسائل التدريس والمناهج ومستوى الكتاب التعليمي والوسائط التكنولوجية.

ويوضح لـ"العربي الجديد"، أن "محاولة استغلال فصول الأزهر ومراكز الشباب وتعدد الفترات الدراسية سيضربان محاولات تطوير العملية التعليمية والمناهج الدراسية، خصوصاً أن المناهج الجديدة تفرض أن تكون الحصة 90 دقيقة، فهل يمكن تطبيق هذا الأمر في ظل وجود ثلاث فترات دراسية يومياً؟ الكثافة تقضي على الفروقات الفردية في المدارس، وتقطع الطريق أمام دور المعلم في تطوير قدرات الطلاب لأنه غير مدرب أساساً على التعامل معها، كما تغيب إفادة الطلاب من الأنشطة التعليمية ومن التقدم التكنولوجي في ظل عدم توفر العدد الكافي من الأجهزة، ويجب تأكيد محورية مشكلة الكثافة رغم أنها ليست الأزمة الوحيدة".
ويتحدث شوقي عن "حلول بديلة عدة تشترط وجود نوع من التوازن، في مقدمها التوسع في بناء المدارس، ووضع مخطط لجعل الكثافة أزمة من الماضي، والإفادة من التكنولوجيا وبرامج التعليم عن بعد". ويبدي دهشته من الحديث عن تطوير المناهج من دون التركيز على تأهيل المعلم وتدريبه بحيث يملك إمكانيات التعامل مع المناهج الجديدة، والتوسّع في تجربة فصول المشاهدة والقنوات التعليمية، إضافة إلى إيجاد حلول جذرية لمشكلة الدروس الخصوصية.

المساهمون