أقامت جمعيات ثقافية عربية في السويد منها، "سراج السويد"، و"العربية للجميع"، و"بيت العود"، و"أيد بأيد"، بدعم من "الاتحاد الدراسي ابن رشد"، وبالتعاون مع المكتبة المركزية في مدينة مالمو، السبت الماضي، عددا من الفعاليات الثقافية المتنوعة والندوات الحوارية، بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية. ويتزامن الاحتفال هذا العام مع الذكرى السنوية الخمسين لإعلان اللغة العربية لغة رسمية في الأمم المتحدة.
بدأت الفعاليات بكلمات ترحيبية باللغتين العربية والسويدية لممثلي الجمعيات المشاركة، أكّدوا من خلالها أهمية اللغة العربية لدى الجاليات العربية في المغترب، وضرورة الحفاظ عليها كجزء أصيل من هويتهم.
الخط العربي والإلقاء الشعري
تضمنت الفعاليات نشاطات خاصة بالأطفال بإشراف الأستاذ أمجد عيد، فألقى عدد منهم قصائد شعرية بالعربية الفصحى، فحضرت قصائد أبي البقاء الرندي، أحمد شوقي، بدر شاكر السياب، ونزار قباني، على لسان الأطفال، وسط احتفاء الجمهور بإلقائهم المتقن. وكرم الفائزين منهم في مسابقة "تحدي القراءة"، بجوائز نقدية، وترافق ذلك مع ورشة للخط العربي للأطفال، بإشراف الفنان يحيى عشماوي.
تحدّيات تعلّم العربية لغير الناطقين بها
وتحت عنوان "صعوبات وتحديات تعلم اللغة لغير الناطقين بها"، قدّمت كل من، الأكاديمية خلود العبيدي "أستاذة اللغة العربية لغير الناطقين بها"، والتربوية مي السمهوري، مداخلتين تحدثتا خلالهما عن الخطوات العملية لاكتساب وتعلم اللغة، وأكدت السمهوري على ضرورة الحوار والنقاش مع الأطفال لخلق بيئة لغوية لا سيما لمن يعيش في المجتمعات الغربية، كما أشارت العبيدي إلى تزايد الاهتمام بتعلم اللغة العربية لدى الأجانب، لأسباب معرفية واقتصادية ودبلوماسية.
وهم الفصل ما بين اللغة والهوية
وخلال جلسة طاولة مستديرة، قدّم يوسف سلامة أستاذ الفلسفة في جامعة دمشق سابقاً، مداخلة بعنوان "دور اللغة في تشكيل الهوية"، فأكد على أن اللغة هي الشرط الأساس في الهوية، وأن كل فصل بينهما هو وهم"، موضحاً أن تعلّم الطفل اللغات الأجنبية يختلف عن ارتباط الهوية باللغة الأم، إذ تصبح اللغة الأم "إشكالية في حالة الهجرة، ما لم يجد التربويون والأسرة نقاط تواصل بين اللغتين في البيت والمدرسة".
وشدد سلامة على أهمية الانفتاح الثقافي لخلق هوية كليّة إنسانية تعتمد لغة الحوار والانفتاح على الآخر.
كما قدم أستاذ اللسانيات والمعاجم الدكتور محمد العبيدي، مداخلة بعنوان "الهوية اللغوية والتنوع الثقافي" أكد فيها أن اللغة هي "أقدم تجليات الهوية، صاغت أول هوية لجماعة في تاريخ الإنسان"، وعرّف الهوية الثقافية بأنها "وعي الفرد بالانتماء إلى مجموعة معينة، واعتزازه بذاته وبثقافته ومعتقداته وعاداته وتقاليده".
وأشار العبيدي إلى أن علماء الأنثروبولوجيا "عرفوا الإنسان على أنه كائن ثقافي، وذلك يدل على أن الهوية لها الدور الأكبر في تشكيل فكره وتفاعلاته داخل منظومته الاجتماعية والمنظومات الأخرى".
جدل اللغة والهوية
وفي مداخلتها "علاقة اللغة بالهوية والانتماء"، تحدثت عريب العالول القمحاوي، من واقع تجربتها الطويلة في مجال التدريس وتدقيق المعجم السويدي العربي، عن العقبات التي تواجه طلاب اللغة، وآليات التفكير اللغوي، والتحديات التي تخلقها حالة الاغتراب، مشددة على "ضرورة الاعتراف باختلاف اللغة الثانية مهما بلغت درجة إتقانها عن اللغة الأم"، مشددةً على "أهمية الشعور بالانتماء والاعتزاز بالهوية في خلق حالة من التوازن والثقة لاكتساب اللغات الأخرى".
اختتمت الفعاليات بمشاركة الشاعر أحمد الثرواني، ومعزوفات قدمها الفنانان عزمت لباد وبدر الدبس، بالإضافة لقصائد مغنّاة.
وتعتبر اللغة العربية ثاني أكبر لغة في السويد، ويعود الاحتفاء في اليوم العالمي للغة العربية، في 18 ديسمبر/كانون الأول، إلى ذكرى صدور قرار الأمم المتحدة عام 1973، لاعتماد اللغة العربية لغة رسمية سادسة في المنظمة، إلى جانب الإنكليزية والفرنسية والروسية والإسبانية والصينية، ثم جعلته اليونسكو يوماً عالميا للغة العربية.