لا تختلف قصة تهجير جميل أبو جاموس عن غيرها من القصص. وعلى غرار لاجئين آخرين، يرغب في العودة إلى الوطن
يعيش اللاجئ الفلسطيني جميل أبو جاموس في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا (جنوب لبنان)، وتعود أصوله إلى قرية عمقا الواقعة في قضاء عكا في فلسطين. هُجّر من بلده وهو في السادسة من عمره، وكان والده يعمل في تربية الأبقار والماعز.
وعن التهجير، يتذكر: "في الحادي عشر من مايو/ أيار عام 1948، كنا صائمين، وإذ بالصهاينة يهاجمون قريتنا ويحتلونها. قبل ذلك بأربعة أيام، قدم صهاينة إلى منزل المختار، وأخبروه بأن المندوب السامي أوصانا بأن نعيش وإياكم في البلد. فرد المختار بأنه لا يمون على أحد في البلد".
يتابع: "رفض الناس الاستسلام. هاجمتنا دبابتان للعدو، إحداهما من الشمال، والأخرى من الشرق. إحداهما أطلقت النار نحو البيادر فأحرقت المزروعات. بعدها، بدأ الصهاينة يطلقون النار نحو قريتنا. في المقابل، أطلق الفدائيون النار على الدبابتين حتى نفد الرصاص منهم". يقول إنه بعد ذلك، خاف الأهالي وراحوا يهربون. "طلب والدي من أمي ألا تأخذ معها شيئاً لأننا عائدون بعد أسبوع. تركنا القرية وتوجهنا إلى الحقل، فمكثنا تحت أشجار الزيتون. وبعد أسبوع، بدأ جنود العدو يطلقون النار باتجاه أشجار الزيتون التي كنا نحتمي بها منهم. من هناك، بدأ الناس يهربون وانقسموا إلى ثلاث مجموعات؛ منهم من توجه نحو سورية، والقسم الثاني نحو الأردن، والثالث إلى لبنان. ونحن كنا من بين الذين توجهوا إلى لبنان". يتابع: "من فلسطين توجهنا نحو قرية صربين، وهي إحدى قرى قضاء بنت جبيل في محافظة النبطية، جنوب لبنان، وهناك مكثنا سنتين. كنا نتنقل بيت بيوت الناس".
من صربين، انتقل أبو جاموس وعائلته إلى قرية جويا في قضاء صور، جنوب لبنان، حيث مكث جميع أفراد الأسرة فيها نحو 8 أشهر. ثم توجهوا إلى مخيم عين الحلوة. "بداية، عشنا في الخيام، وصرنا نحصل على مساعدات من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين - أونروا". يضيف: "سكنّا في الخيام أكثر من ثلاث سنوات. عملت أمي بالباطون لتعيلنا، بالإضافة إلى أعمال أخرى. والدي كان مريضاً ولم يكن يقوى على العمل، وتوفي عام 1964".
وعن التعليم، يقول: "في البداية، افتتحت الأونروا لنا مدرسة في حي الطوارئ في المخيم، ثم انتقلت المدرسة إلى حي حطين في المخيم وسميت باسمه، ثم إلى الطوارئ مجدداً. تعلمت حتى الصف السادس الأساسي. بعدها، تركت التعليم وصرت أعمل. نحن فقراء، وما من أحد قادر على مساعدتنا. عملت في بيع البسكويت. عملت في كل ما كان متاحاً لمساندة العائلة". يتابع: "عندما كبرت، صرت أعمل بالباطون وفي معامل الحجارة، بالإضافة إلى أعمال أخرى".
تزوّج في الرابعة والعشرين من العمر، وأنجب أربعة صبيان وثلاث بنات. "عملت كثيراً بهدف تربية أولادي وتعليمهم. كان الراتب قليلاً جداً في ذلك الوقت. لكنني كنت أتنقل من مكان إلى آخر بحثاً عن عمل. اليوم، لم أعد أقوى على العمل. فقدت بصري بنسبة 80 في المائة، وأجريت ثلاث عمليات في العين. اليوم، تركت العمل ويعيلني أولادي".
يرغب في العودة إلى فلسطين هو الذي ما زال يذكر حكايات والده التي أخبره بها قبل مماته. "أخبرني عن منزلنا وعمله. فلسطين جنة، ليتنا نعود إليها ونموت فيها. هنا نعيش عذاباً وذلاً. كانت لدينا أراض فيها أشجار زيتون، وأغنام وأبقار، لكننا في لبنان عشنا حياة فقر وإذلال".