أكد "فريق منسقو استجابة سورية" اعتماد الأمم المتحدة التفويض الثامن لإدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود من معبري باب السلامة والراعي، في ريف حلب شمال غرب سورية، لمدة ثلاثة أشهر، تنتهي في 5 فبراير/ شباط من العام القادم، مشيراً إلى أن حجم المساعدات الإنسانية التي دخلت المنطقة منذ التفويض الأول في 13 فبراير/ شباط 2023 بلغ 1036 شاحنة، وذلك من معبري الراعي وباب السلامة شمال حلب.
وأوضح الفريق في بيان صدر عنه، اليوم الثلاثاء، أنه خلال التفويض السابق (التفويض السابع) دخل من المعبرين 15 شاحنة مساعدات فقط، وذلك ما بين 5 أغسطس/ آب و5 نوفمبر/ تشرين الثاني. وشدد الفريق على ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود مع ضمان استمراريتها، وذلك مع زيادة العجز في معدل الاستجابة الإنسانية وارتفاع أعداد المحتاجين إلى المساعدات في المنطقة، وذلك مع قرب حلول فصل الشتاء والتحديات التي يواجهها النازحون والسكان في المنطقة على حد سواء.
وعملت المنظمات الإنسانية على نقل متضرري الزلزال في مناطق إدلب وحلب إلى مساكن من الطوب أو شقق سكنية، ومعظم هذه العوائل كانت تقيم في مراكز للإيواء، إلا أن بعض العوائل، التي لم تكن قادرة على البقاء في مراكز الإيواء، اتجهت إلى الإقامة في مخيمات النازحين التي بنيت قبل الزلزال. ومن هؤلاء فاطمة العمر، وهي أم لثلاثة أطفال، قالت لـ"العربي الجديد" إنها تقيم في الوقت الحالي ضمن مخيم التحدي شمال إدلب. موضحة أنها في السابق قبل التوجه مع عائلتها إلى المخيم كانت تقيم في مركز إيواء، لكن الوضع ضمن المركز كان سيئاً، من ناحية الاكتظاظ وعدم التجهيز وعدم توفر الفرش ما دفعها للتوجه إلى المخيم.
وقالت العمر: "أغلب من أعرفهم ممن صبروا وبقوا داخل مراكز الإيواء نقلوا إلى شقق سكنية وصبروا على الوضع السيئ، يبدو أن تصرفنا كان خاطئاً، كان من الأفضل لنا البقاء في مركز الإيواء وعدم الانتقال إلى المخيم. الآن وضعنا كما وضع كافة سكان المخيمات، نحن بحاجة إلى مساعدات إنسانية، خاصة في الوقت الحالي مع قرب حلول الشتاء، نحن بحاجة إلى مواد تدفئة وأغطية وألبسة أطفال".
متضررو الزلازل الأكثر تأثراً بتقليص المساعدات
ومن أكثر المناطق تضرراً جراء زلزال 6 فبراير/ شباط 2023، سكان مدينة جنديرس في منطقة عفرين. ومن هؤلاء مسعود الناصر (44 عاماً) الذي أوضح لـ"العربي الجديد" أنه في الأصل مهجّر من ريف دمشق وكان يقيم في جنديرس، ولديه بقالة ضمن المدينة. وبعد الزلزال، انهار المنزل الذي كان يقيم فيه والبقالة، وهو الآن يقيم في مخيم لمتضرري الزلزال. مضيفاً "بعد الزلزال، فقدت منزلي ومصدر رزقي، وكذلك ابني المتزوج فقد منزله، مما ضاعف صعوبة وضعنا. ورغم توزيع المساعدات الإنسانية لفترة قصيرة من قبل المنظمات المحلية والدولية، لكن كميات المساعدات الإنسانية تقلصت تدريجياً، حتى أصبحت شبه معدومة".
أضاف الناصر "أُقيم الآن في مخيم عشوائي شُيّد بعد الزلزال للمتضررين منه، لكن يفتقد المخيم لأبسط مقومات الحياة، لا سيما أن الأمطار التي هطلت خلال اليومين الماضيين أدت إلى تضرر عدد من الخيام، مع أن العمر الافتراضي لتلك الخيام سنة، ولكنها تضررت بسبب رداءة نوعيتها". وأردف: "النازح اليوم يجب أن يوجد له حل جذري بعيداً عن الحلول الإسعافية التي تزيد من معاناتنا، والحلول الجذرية للنازحين إما بتسكينهم في مبانٍ صالحة للسكن أو إعادتهم إلى منازلهم وقراهم التي احتلها النظام السوري".
وذكرت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" أن المتضررين في منطقة جنديرس جراء الزلزال يعيشون أوضاعاً سيئة في أكثر من ـ20 مخيماً، حيث إن المدينة هُدمت معظم أبنيتها جراء الزلزال. والمخيمات التي يقيمون فيها شيدت في أراض زراعية، تتحول الطرقات فيها إلى طينية خلال فصل الشتاء، وعمر الخيام فيها تجاوز العام ونصف العام، والمساعدات في هذه المخيمات شبه معدومة. وذكرت المصادر أن العديد من العائلات فقدت أرباب الأسر والمعيلين لها.
وكان مجلس الأمن الدولي قد بدأ في عام 2014 العمل بآلية إدخال المساعدات الأممية إلى سورية عبر أربعة معابر حدودية واقعة على الحدود مع تركيا والأردن والعراق. ومع مرور الوقت، وبسبب الاعتراضات الروسية بدعم صيني، بدأ تقليص عدد المعابر الحدودية حتى اقتصرت على معبر باب الهوى. وفي مطلع العام الحالي، وافق النظام السوري على دخول المساعدات الأممية إلى سورية من باب الهوى نحو المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، شمال غربي البلاد، لمدة ستة أشهر إضافية، وذلك ضمن الآلية المعتمدة من الأمم المتحدة منذ عام 2014، بتفويض من مجلس الأمن الدولي، لكن من دون قرار من مجلس الأمن.