كانت حياة حسن زاي مستقرة في مسقط رأسه جلال أباد في شرق أفغانستان حتى عام 2001. وإبان الغزو الروسي لأفغانستان، تحملت أسرته الكثير من المصاعب في البلاد، لكنها لم تفكر في الخروج منها. إلا أن دخول القوات الأميركية ونشوب حرب بينها وبين حركة "طالبان" بعد عام 2001 دفعاه إلى مغادرة البلاد. في ذلك الوقت، كان والده يعمل في التجارة، ولم تكن هناك فرصة لمواصلة العمل، فعاد إلى باكستان.
عاش السنوات الأولى من حياته في مدينة بشاور، وعمل في مهن مختلفة شاقة وغير شاقة، ما جعله يترك الدراسة ويكرس حياته لكسب لقمة العيش له ولأفراد أسرته. تزوج قبل عشرة أعوام وبات لديه ثلاثة أولاد. وقبل خمس سنوات، قدم إلى العاصمة الباكستانية إسلام أباد حيث يسكن العديد من أقاربه الذين شجعوه على المجيء لوجود فرص عمل أكثر.
في البداية، كان يعمل سائق سيارة أجرة، ويكسب ما يكفيه لتأمين احتياجات أسرته. لكن مع الوقت، زاد الغلاء. ترك سيارة الأجرة وبدأ برفقة قريب له شراء أغراض المنزل القديمة وترميمها ثم يبيعها من جديد. وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، عمل في تلك المهنة وكسب مالاً جيداً يكفي لتأمين احتياجات أسرته. كما أن أولاده يتعلمون في مدارس خاصة، وهو قادر على توفير الأقساط وما يحتاجون إليه.
ويقول: "ما يفرحني أنني قادر على إرسال أولادي إلى المدرسة، وخصوصاً أنني حرمت من الدراسة. لكن لا لوم عليّ، لأن الظروف المعيشية في ديار الغربة صعبة. كنت مرغماً على ترك الدراسة علماً أن والدي سعى جاهداً إلى توفير كل احتياجات الأسرة، لكن وضعه الصحي وسنه حالا دون ذلك. لم يكن بوسعه أن يواصل العمل ويتكفل باحتياجات المنزل. لذلك، تركت الدراسة وباشرت العمل، لكن لن أجعل أولادي يتركون الدراسة".
يُعرب الرجل عن امتنانه لكيفية تعامل الناس في باكستان معه، وخصوصاً خلال السنوات الأولى من حياته. لكن في الوقت الحالي، تغير الأمر قليلاً في ظل الظروف المعيشية الصعبة. يظن بعض الباكستانيين أن بقاء اللاجئين الأفغان بات ثقلاً كبيراً على اقتصاد بلادهم.
ويشكو من تعامل الشرطة الباكستانية معه وبقية اللاجئين، قائلاً إن الشرطة الباكستانية تلاحقهم في كل مكان وفي كل الأوقات، ولا يستثنى أحد من التعامل القاسي للشرطة الباكستانية. وفي نهاية المطاف، تأخذ الشرطة بعض المال وتطلق سراحهم. لكن إذا لم يأخذوا المال، يزج به في السجن، إما لأنه دخل البلاد بشكل غير قانوني وليس لديه وثائق رسمية أو غير ذلك.
مع ذلك، لا يفكر في العودة إلى أفغانستان بسبب انعدام فرص العمل. كما أن منع طالبان الفتيات من الذهاب إلى المدارس معضلة أخرى، وبالتالي لا يفكر في العودة إلى بلاده إذا استمرت تلك الحالة. أما في حال تحسنت الأوضاع، من الممكن أن يعود بشرط ضمان تعليم أولاده.