أفاد أستاذ علم الأحياء الدقيقة في جامعة بادوفا الإيطالية، أندريا كريزانتي، بأنّ ثمّة صعوبة بالتوصّل إلى مناعة القطيع من دون تحصين اليافعين من خلال لقاحات مضادة لكوفيد-19 الذي يتسبّب فيه فيروس كورونا الجديد. أتى ذلك بعيد موافقة وكالة الدواء الوطنية في إيطاليا على الاستخدام الطوعي للقاح فايزر-بايونتيك للقصّر من الفئة العمرية 12-15 عاماً، علماً أنّ وكالة الأدوية الأوروبية كانت قد وافقت على ذلك في نهاية الأسبوع الماضي.
وقال كريزانتي في حديث لمحطة "سكاي نيوز 24" الإيطالية إنّ "ثمّة نماذج عديدة تظهر أنّ مناعة القطيع لا تتحقّق من دون اليافعين". أضاف أنّ ثمّة مشكلة كبيرة، "إذ إنّه في حال أصيب الأطفال (بالفيروس) فإنّهم يعانون من أعراض خفيفة جداً، ومع كوفيد-19 لا وفيات دون سنّ الثامنة عشرة عموماً. لذلك لا بدّ من أن تكون معايير السلامة عالية".
وردّاً على سؤال حول تراجع معدّلات تفشّي الوباء في إيطاليا والرفع التدريجي للإجراءات التقييدية، شدّد كريزانتي على أنّ "الفيروس لم يختف. ما يحدث هو أنّ ثمّة عدداً كبيراً من الأشخاص الذين تلقوا اللقاح، نحو 25 مليوناً، فيما شفي ربّما 14 مليوناً، وهذا يشكّل كتلة كبيرة تمنع انتشار الفيروس".
وإيطاليا ليست الوحيدة التي أقرّت تزويد تلك الفئة العمرية (12-15 عاماً) بلقاح مضاد لكوفيد-19، في وقت طالبت منظمة الصحة العالمية الدول التي تملك لقاحات وفيرة بمنح جرعات إلى دول في حاجة إليها بدلاً من تحصين الأطفال واليافعين. وكانت المنظمة قد وصفت في مارس/ آذار الماضي عدم المساواة في الحصول على اللقاحات بأنّه "بشع". يُذكر أنّ مبادرة كوفاكس كانت قد أُنشئت لتقاسم اللقاحات مع الدول الأكثر فقراً، لكنّ الدول الغنية التي وقّعت عقوداً بشكل مباشر مع شركات صناعة الأدوية، استحوذت على جرعات اللقاحات بمعظمها فور توفّرها.
وفي سياق متصل، كانت أربع منظمات دولية كبرى قد شدّدت في مقالة مشتركة نشرتها أمس الثلاثاء، على ضرورة أن يقطع قادة العالم "تعهّداً جديداً" بالعمل من أجل توزيع أكثر عدالة للقاحات المضادة لكوفيد-19، بهدف التمكّن من القضاء على الوباء. ويرى مراقبون كثر أنّ عدم المساواة في الحصول على اللقاح بين الدول الغنية والفقيرة يعقّد ويطيل أمد الجائحة التي تسبّبت حتى الآن بوفاة أكثر من ثلاثة ملايين و560 ألف شخص في العالم. وفي المقالة التي نشرتها صحيفة "ذا واشنطن بوست" الأميركية، رأى قادة منظمة الصحة العالمية (تيدروس أدهانوم غيبريسوس) ومنظمة التجارة العالمية (نغوزي أوكونجو إيويالا) وصندوق النقد الدولي (كريستالينا غورغييفا) والبنك الدولي (ديفيد مالباس) أنّ التفاوت في توزيع اللقاحات شجّع ظهور متحوّرات جديدة من فيروس كورونا الجديد أدّت إلى موجات وبائية جديدة في دول نامية. أضافوا أنّ "الوصول إلى اللقاحات هو المفتاح" بهدف التصدي بشكل شامل لجائحة كورونا وإنهاء الأزمة الصحية، وتابعوا أنّ "إنهاء الوباء ممكن، وهو يتطلب اليوم تحركاً عالمياً".