ترتبط الظواهر المناخية الحادة المتعلّقة بدورة المياه، كموجات الجفاف والفيضانات، ارتباطاً وثيقاً بمتوسط درجات الحرارة في العالم، علماً أن حدّتها تشتد بصورة كبيرة بسبب الاحترار المناخي، كما أفادت دراسة حديثة تستند إلى بيانات جديدة.
واستخدم العلماء الذين أعدّوا الدراسة والمقيمون في الولايات المتحدة، أسلوباً مبتكراً في أعمالهم البحثية، واستندوا إلى بيانات جمعتها الأقمار الاصطناعية لدراسة الظواهر المناخية المائية الحادة. وكانت دراسات مماثلة استندت حتى اليوم بصورة أساسية إلى معدلات المتساقطات.
وفي دراسة نشرتها مجلة "نيشتر ووتر"، استخدم الباحثون بيانات تعود إلى السنوات الممتدة بين 2002 و2021 حتى يتوصلوا إلى تقديرات أفضل لأثر الاحترار المناخي على ظواهر الطقس الحادة، علماً أنّ هذا الأثر معروف نظرياً لكن غير مُقاس بشكل جيد.
وتوصّل معدو الدراسة الجديدة إلى أنّ "شدّة الظواهر الحادة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمتوسط درجات الحرارة العالمية"، أكثر من ارتباطها بأي عامل مناخي آخر (كظاهرة النينيو عل سبيل المثال). ومنذ عام 2015، تزايدت وتيرة الظواهر المناخية إلى أربع مرات سنوياً، بينما كانت تحدث ثلاث مرات خلال السنوات الـ 13 التي سبقت عام 2015.
وقال ماثيو رودل من وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) وأحد معدي الدراسة، إنّ ما توصلت إليه الدراسة "يشير إلى أننا سنشهد مستقبلاً موجات جفافٍ وأمطارٍ أكثر تواتراً وحدّة مع استمرار الاحترار المناخي". ولفت إلى أنّ "الهواء الساخن يزيد من معدلات تبخر المياه التي تُصبح مفقودة بصورة أكبر خلال موجات الجفاف"، مضيفاً أنّ الهواء الساخن من شأنه أيضاً الاحتفاظ بالرطوبة ونشر معدلات أعلى منها، ما يؤدي إلى كميات مياه متزايدة خلال موجات تساقط الأمطار. أضاف: "من المنطقي أن نشهد زيادة في حدّة موجات الجفاف وتساقط الأمطار تزامناً مع ارتفاع درجة حرارة الأرض".
وارتفعت درجة حرارة العالم بنحو 1،2 درجة مئوية منذ عصر ما قبل الصناعة بسبب الأنشطة البشرية، وتحديداً استخدام الوقود الأحفوري كالنفط والفحم. وسيتجه العالم، في حال لم تُتخذ قرارات سياسية صارمة، نحو ارتفاع بـ 3،2 درجات مئوية بحلول العام 2100، وفق الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي (IPCC).
وحتى اليوم، شكّل فيضان في وسط أفريقيا أهم ظاهرة مناخية حادة تُسجّل خلال السنوات العشرين الماضية. وتسبب الفيضان في رفع مستوى بحيرة فيكتوريا بأكثر من متر، وكان لا يزال مستمراً في عام 2021 عند انتهاء الدراسة. واستمرت نحو 70 في المائة من الظواهر المناخية التي جرى قياسها ستة أشهر أو أقل، مع متوسط يتراوح ما بين الخمسة إلى الستة أشهر.
وسُجل ثلث أبرز 30 ظاهرة مناخية رطبة أو جافة في العالم بأميركا الجنوبية. أما موجات الجفاف الأكثر حدة، فشهدتها منطقة الأمازون خلال العام الأكثر حراً على الإطلاق. وقال رودل: "كان متوقعاً أن تصبح موجات الجفاف والفيضانات أكثر تواتراً وحدّة في ظل ظاهرة التغير المناخي، لكنّ قياس ذلك كان يتّسم بصعوبة".
وكان الرابط بين الظواهر المناخية الحادة ومتوسطة درجات الحرارة في العالم يستند إلى نماذج مناخية وملاحظات، إذ يُفسّر الهواء الساخن مثلاً بمزيد من تبخر المياه خلال موجات الجفاف، إلا أنه يتيح كذلك لمسطحات مائية أكبر التحرك خلال موجات هطول الأمطار.
ووفّرت الدراسة أدلة قوية على ارتباط الظواهر المناخية الحادة بالاحترار المناخي، استناداً إلى ما التقطته الأقمار الاصطناعية عن مخزون المياه على كوكب الأرض، إن كان داخل التربة أو فوقها، بحسب ماثيو رودل.
(فرانس برس)