رحلات صيد سياحي تهدد الحياة البرية في ليبيا

25 مايو 2024
تتزايد التعديات على الحياة البرية في جبال ليبيا (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- الحياة البرية في ليبيا تواجه تهديدات متزايدة بسبب الانفلات الأمني والصيد الجائر، خاصة في المناطق النائية والمحميات الطبيعية، مع توثيق انتهاكات عبر منصات التواصل الاجتماعي.
- رحلات السياحة الصحراوية، التي تهدف إلى التعارف بين شباب المناطق، تتحول إلى فعاليات للصيد الجائر، مما يساهم في اختفاء أنواع من الحيوانات ويدفع بعضها للهجرة بحثًا عن الأمان.
- مبادرات محلية وتحذيرات من منظمات دولية ومحلية حول خطر الانقراض الذي يواجه الحياة البرية في ليبيا، مع التأكيد على أهمية الوعي المجتمعي والجهود التطوعية للحفاظ على التوازن البيئي.

تزداد المخاوف والمخاطر على الحياة البرية في ليبيا، في ظل الانفلات الأمني الذي تعيشه البلاد منذ سنوات طويلة، وغياب أجهزة إنفاذ القانون عن ممارسة الرقابة المطلوبة والحدّ من المخالفات. وأخيراً انضم أشخاص شاركوا في رحلات تنظمها شركات للسياحة الصحراوية في عمق جنوب ليبيا، إلى لائحة مهددي الحياة البرية. وأظهرت العديد من المواد المصورة الثابتة والمرئية التي جرى تداولها على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعي مشاهد صيد جائر لحيوانات برية نادرة، مثل الغزال والودان في مناطق بعمق جنوب الصحراء والمرتفعات الجبلية.

وكان لافتاً أن هذه الرحلات نظِمت باسم المصالحات الاجتماعية، ورفعت شعار "لمة خوت"، أي اجتماع الأخوة الذي هدف إلى زيادة التعارف بين شباب المناطق الليبية ضمن مجموعات سياحية زارت مناطق جبلية في اقصى جنوب ليبيا، وبينها جبال أكاكوس التي تحتوي على متاحف تاريخية طبيعية. لكن المشاركين في هذه الرحلات مارسوا الصيد الجائر بخلاف القانون في مواسم تكاثر الحيوانات وأماكن مصنّفة بأنها محميات طبيعية.
وأظهرت الصور ولقطات الفيديو المتداولة مشاهد لتعرض حيوان الودان البري المهدد بالانقراض في ليبيا للصيد بأعداد كبيرة. ويوضح الناشط البيئي الطاهر سريتي، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن "الجمعيات والمنظمات المعنية بالحياة البرية في ليبيا باتت لا تشاهد الودان البري وأصنافاً أخرى من الحيوانات في الأماكن التي كان يعيش فيها سابقاً مثل الحمادة الحمراء جنوب غربي البلاد". يضيف أن "حملات الصيد التي نفذها مسلحون في شكل عنيف وغير قانوني خلال السنوات الماضية، باستخدام البنادق الآلية والسيارات السريعة، دفعت الغزلان وحيوانات الودان البري وأنواعاً أخرى إلى الهجرة إلى مناطق مجاورة، والى أعلى المرتفعات في أقصى جنوب ليبيا".
وينتقد سريتي تصرفات الشركات التي تعمل في السياحة الصحراوية على صعيد تهيئة فرص ممارسة الصيد البري الجائر، "فهي سمحت للشباب باصطحاب بنادق واستخدام سيارات صحراوية خاصة لاصطياد الحيوانات النادرة ضمن حملات التعارف السياحية للجنوب، رغم أن الغرض هو السياحة والتعرف إلى مواقع التراث الثقافي وبينها في جبال أكاكوس".

حيوانات عدة مهددة بالانقراض في ليبيا (محمود تركية/ فرانس برس)
حيوانات عدة مهددة بالانقراض في ليبيا (محمود تركية/فرانس برس)

وفي رد واضح على رفض أهل الجنوب تصرفات وسلوك الشركات السياحية في استهداف الحياة البرية، نشر مواطنون من منطقة سوكنة الصحراوية فيديو على منصات التواصل الاجتماعي لإطلاق عدد من حيوانات العزال البري في وديان منطقتهم، في خطوة أشادت بها جمعيات ونشطاء معنيين بالحياة البرية.
وتدأب منظمات وجمعيات أهلية تنشط في مجال البيئة والحياة البرية على نشر فيديوهات لإطلاق فرقها عدداً من أنواع الحيوانات البرية النادرة في محميات وأودية لمحاولة تلافي خطر انقراضها.
وسبق أن حذرت منظمات دولية معنية بالحياة البرية من المخاطر التي تواجهها الحيوانات في ليبيا. وكانت جمعية الطيور الدولية أعلنت أن نحو 500 ألف طائر مائي وبري وجارح تقتل في ليبيا سنوياً، فيما أكدت الجمعية الليبية لحماية الحياة البرية أن حيوانات غزال الدوركس والودان وصيد الليل والسلحفاة البرية وقط الصحراء وطائر الحباري من بين أكثر الحيوانات المهددة بالانقراض في ليبيا.
ويؤكد الأستاذ في قسم علم الحيوان بجامعة طرابلس عبد الباسط المثناني، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "الجهات الحكومية المعنية بالبيئة والحياة البرية لم تعد تملك أي سلطة أو وجود لفرض سلطة القانون. ويعتبر أن إطلاق أهالي سوكنة أربعة حيوانات من أنثى الغزال مؤشر جيد على وعي المواطنين بالخطر الذي يتهدد التوازن البيئي".

يتابع: "بات المواطن الطرف الوحيد الذي يعوّل عليه لحماية البيئة والحياة البرية في ليبيا، وقد نفهم رغم أننا لا نقبل هذا السلوك أن اصطياد الطيور بشكل جماعي وبعنف سببه البحث عن المال باعتبار أن أثمان بعض الطيور الجوارح باهظة، لكننا نتعجب كثيراً من متابعة صور ولقطات لقتل شبان حيوانات نادرة مثل الغزال لمجرد ممارسة هواية الصيد".
وتبذل جمعيات حماية الحياة البرية جهوداً تطوعية كبيرة تشكل أحد أسباب استمرار الأمل في فعالية جهود التكافل المجتمعي ضد ظاهرة الصيد الجائر، والتعدي الجشع على الحياة البرية من أجل كسب الأموال". وتشكلت في السابق نقابات للصيادين توّلت منحهم رخصاً، لكنها لم تعد موجودة بسبب عدم ممارسة السلطات المعنية بالبيئة دورها.

المساهمون