تواصل فرق البحث والإنقاذ في المغرب جهودها، لليوم العاشر على التوالي، في القرى والبلدات التي دمّرها الزلزال، وإن كانت الآمال في العثور على ناجين تحت الأنقاض صارت شبه معدومة.
في موازاة ذلك، استؤنفت العملية التعليمية في مناطق متضرّرة عدّة، بعد أسبوع من قرار وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة الأخير القاضي بتعليق الدراسة.
لم تكشف السلطات المغربية عن أيّ تغيير في حصيلة ضحايا زلزال إقليم الحوز التي بلغت 2946 قتيلاً، في وقت تواصل فيه القوات المسلحة عملية توزيع الخيام لإيواء المتضرّرين من الزلزال، مستعينة في ذلك بطائرات مروحية وحمير من أجل إيصالها إلى محتاجيها في القرى البعيدة، كما الحال في بلدتَي إيملمايس وتيزي نتاست.
وتطلّب إيصال تلك الخيام إلى المتضرّرين من عناصر القوات المسلحة السير لساعات في مسالك جبيلة صخرية وعرة، مع إرشاد محلي من قبل السكان.
واستقبلت المستشفيات الميدانية التي أقامها الجيش في عدد من المناطق مزيداً من المصابين الذين يحتاجون إلى علاج، فيما واصلت فرق البحث والإنقاذ من قطر وإسبانيا وبريطانيا والإمارات عملها في أمزميز، على بعد 56 كيلومتراً من مدينة مراكش.
وبعد عشرة أيام من وقوع الزلزال، ما زال سكان قرية تلوتيمنت في إقليم شيشاوة يشكون من نقص في الخيام ومن خطر الهزّات الارتدادية التي تؤرّقهم.
يقول رئيس جمعية "تلوتيمت للتنمية الشاملة" مصطفى أوريك لـ"العربي الجديد" إنّ السكان ما زالوا يشعرون بالهلع من احتمال هزّات ارتدادية جديدة، في حين يزيد النقص الحاصل في الخيام والفرش من معاناتهم.
ويبيّن أوريك أنّ "نحو 18 أسرة لم تحصل بعد على خيام، الأمر الذي يجعلها تعاني الأمرّين، إذ يبيت أفرادها في العراء ولا يستطيعون العودة إلى منازلهم الآيلة للسقوط في أيّ لحظة". لكنّه يشير إلى أنّ هؤلاء تلقّوا مساعدات غذائية وأدوية وفّرتها السلطات والجمعيات وفاعلو الخير.
ويبدو أنّ الخوف من الهزّات الارتدادية ما زال مهيمناً، بعد عشرة أيام من الزلزال العنيف الذي ضرب المغرب ليل الثامن من سبتمبر/أيلول الجاري ووُصف بأنّه الأقوى في تاريخ البلاد منذ قرن، علماً أنّ قوّته بلغت سبع درجات على مقياس ريختر.
ويُسجَّل ذلك الخوف خصوصاً في أقاليم مراكش وورزازات وشيشاوة والحوز وأزيلال، إذ إنّ هزّات ارتدادية تتكرّر فيها بين الحين والآخر، ولعلّ آخرها صباح اليوم الاثنين.
فقد سجّل مركز رصد الزلازل الأوروبي المتوسطي هزّة ارتدادية جديدة بقوّة 3.2 درجات على مقياس ريختر. وجاء في بيانه أنّها وقعت على عمق 20 كيلومتراً، وكان مركزه على مسافة 114 كيلومتراً في مدينة مراكش، من دون أيّ إشارة إلى أضرار أو إصابات.
من جهة أخرى، استؤنف التعليم في عدد من المناطق الأكثر تضرراً من زلزال المغرب، اليوم الاثنين، وذلك بعد تعليقه وتضرّر 530 مؤسسة تعليمية و55 داخلية بدرجات متفاوتة ما بين انهيار أو شقوق بالغة. وتتركّز تلك المؤسسات في أقاليم الحوز وشيشاوة وتارودانت.
وابتداءً من اليوم الاثنين، عادت الدفعة الأولى من تلاميذ البلدات الأكثر تضرّراً بزلزال الثامن من سبتمبر في إقليم الحوز (نيعقوب، وإيغيل، وويرغان، وانوغال، وأزغور) إلى مدارسهم، بعد قرار اللجنة الإقليمية لليقظة تحويلهم إلى داخليات مختلف المؤسسات التعليمية في مراكش، في سياق ما عدّته مقاربة جديدة في إطار البدائل الممكنة لضمان عودة مدرسية سليمة وضمان استمرارية التعليم.
ويتعلّق الأمر بنحو ستّة آلاف تلميذ وتلميذة ممّن يتابعون تعليمهم في المراحل الابتدائية والثانوية والإعدادية والثانوية التأهيلية. وهؤلاء حُوّلوا مع مدرّسيهم وكوادر مؤسساتهم إلى المؤسسات التعليمية العمومية في مدينة مراكش، مع ضمان الإيواء والغذاء بالإضافة إلى أنشطة الدعم النفسي.
وإلى جانب صيغة تحويل تلاميذ المؤسسات التعليمية الأكثر تضرّراً من الزلزال إلى مؤسسات تعليمية داخلية في مدينة مراكش، تراهن المديرية الإقليمية للتعليم في الحوز على إجراء ثانٍ لاستئناف مئات التلاميذ تعليمهم في ظروف جيدة، وهو نصب خيام مجهّزة بكلّ المستلزمات التربوية الضرورية وبالألواح الشمسية في المناطق المتضرّرة.
وجاء قرار عودة التلاميذ المتضررين من الزلزال إلى مدارسهم، بعد أن وافق عدد من أولياء الأمور على ذلك.
وكانت "التنسيقية الوطنية للأساتذة المفروض عليهم التعاقد" قد أعلنت، اليوم الاثنين، عن وفاة 10 مدرّسين في الزلزال، علماً أنّ العدد الذي كشفت عنه وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، الأسبوع الماضي، هو سبعة مدرّسين.
ودعت التنسيقية، في بيان لها، إلى ترقية هؤلاء المدرّسين ترقية استثنائية وتعويض أسرهم وذوي الحقوق الناجين من الكارثة، تعويضاً مادياً مدى الحياة. كذلك طالبت بمتابعة الحالة الصحية للمدرّسين المصابين ومواكبتهم، لا سيّما على مستوى الصحة النفسية، والتكفّل بمصاريف العلاج والتداوي والاستشفاء.
وفي حين تتوجّه الأنظار إلى بدء أعمال اللجان المكلفة بإحصاء المنازل المتضرّرة، في إطار برنامج إعادة الإعمار والإيواء الذي أطلقه الملك محمد السادس، يوم الخميس الماضي، يحذّر رئيس "الجمعية المغربية لحماية المال العام" محمد الغلوسي من "وجود من يتربّص بالصفقات التي سوف تكون موضوع البرنامج"، مشدّداً على "ضرورة اليقظة".
ويشدّد الغلوسي لـ"العربي الجديد" على ضرورة "تعزيز الشفافية مع يقظة كلّ الآليات المؤسساتية المعنية من أجل التصدّي لأيّ انحراف أو فساد في هذا المسار الإنساني الوطني، ومواجهة العابثين والمفسدين بكلّ حزم وصرامة، وتقديم كلّ المتورطين المحتملين إلى القضاء".
ويؤكد الغلوسي أنّ جمعيته على استعداد لمتابعة أطوار ومسار هذا البرنامج وتتبّع أيّ فساد أو تلاعب محتملَين، مضيفاً "سوف نتقدّم بالشكاوى إذا اقتضى الأمر ذلك إلى الجهات المسؤولة، وفي مقدّمتها القضاء لمواجهة كلّ مظاهر الفساد والثراء غير المشروع على حساب جراح بسطاء الشعب".
وكانت السلطات المغربية قد أقرّت، الخميس الماضي، خطة لتفعيل برنامج الطوارئ لإعادة إيواء المتضرّرين من الزلزال والتكفل بالفئات الأكثر تضرراً، تضمّنت منح الدولة مساعدة طارئة بقيمة 30 ألف درهم مغربي (نحو 3000 دولار أميركي) للأسر المعنيّة.
كذلك، تشمل الخطة مبادرات طارئة للإيواء المؤقت، من خلال "صيغ إيواء ملائمة في المناطق نفسها، وفي مساكن مقاومة للبرد والاضطرابات الجوية، أو في مراكز استقبال مهيّأة تتوفّر على كلّ المرافق الضرورية". وتقوم الخطة على برنامج إعادة إيواء يستهدف سكان نحو 50 ألف مسكن انهارت كليا أو جزئيا على مستوى الأقاليم الخمسة المتضرّرة.