تؤكد سلطات النظام السوري أنها رفعت مضطرة الرسوم الجامعية بعد 4 سنوات خلت من أي إجراء على هذا الصعيد. لكن الطلاب وذويهم يعتبرون أن هذا الرفع يزيد الأعباء الثقيلة، ويزيل "المجانية" عن التعليم الجامعي.
لا يوفر النظام السوري أية فرصة لانتشال مزيد من المال من جيوب المواطنين الذين سحقهم خلال السنوات الماضية، مناقضاً كل خطاباته عن دعمه لهم. وفي إطار هذه السياسة، رفعت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي كل رسوم التدريس الجامعي بنسبة 40 في المائة، ما يزيد الأعباء المادية على كاهل الطلاب وعائلاتهم، والعوائق التي تعترض إكمال طلاب كُثر تعليمهم.
يقول الطالب في جامعة دمشق، مهند تقي الدين (20 عاماً) لـ"العربي الجديد": "باتت تكاليف التعليم كارثية بكل تفاصيلها، من ثمن القلم والدفتر، إلى قيمة تصوير المحاضرات في المكتبات لاستخدامها بدلاً عن الكتب الجامعية، وصولاً إلى أجور النقل". يضيف: "فيما يستغل المسؤولون كل مناسبة لإلقاء محاضرات تتناول مجانية التعليم، يتجاهلون في الوقت ذاته أن الطالب الواحد يحتاج إلى مبلغ 100 ألف ليرة شهرياً (28.57 دولاراً) لمتابعة دروسه في الجامعة المجانية، بينما يقارب راتب والده في الدولة 80 ألف ليرة (22.85 دولاراً)، فكيف الحال إذا أنفق هذا الأب على طالبين جامعيين أو أكثر، علماً أن مصاريف الطلاب في مرحلة ما قبل التعليم الجامعي ليست أقل، لأن الأهل ينفقون مبالغ كبيرة جداً على طلاب الشهادة الثانوية تحديداً، والذين يحتاجون غالباً إلى أساتذة خصوصيين لتحصيل معدل علامات جيد يسمح بدخولهم كليات يفترض أن تضمن مستقبلهم، بحسب المنهج القائم في الانتقال من المرحلة الدراسية إلى مرحلة العمل".
من جهته، يقول الموظف أبو مهران نصار الذي يقطن في دمشق ولديه ابن وابنة يتابعان دراستهما الجامعية: "رفع رسوم الجامعات يهدف إلى إقصاء أبناء الفقراء عن التعليم، فنحن عاجزون عن تأمين مجرد ثمن القرطاسية، وإيجار الطريق لأبنائنا. وإذا جهل القائمون على التعليم ذلك فهم لا يعيشون معاناتنا". ويسأل: "هل يعلم هؤلاء المسؤولون مثلاً أن ابني وابنتي وكثراً من زملائهما لا يستطيعون تناول وجبة خفيفة في الجامعة، أو حتى احتساء كوب شاي، لأنّ هؤلاء جميعهم غير قادرين على تحمل كلفتها. وهل يعلمون أن الرسوم الجامعية تشكل عبئاً على الموظف ذي الدخل المسحوق، إلى جانب تكاليف التنقل واحتياجات أخرى؟".
وتنقل صحيفة "الوطن" الموالية للنظام عن مصدر مسؤول في وزارة التعليم العالي، قوله إن "نسبة رفع الرسوم لم تتجاوز الـ 50 في المائة، مبرراً سبب فرضها بزيادة تكاليف التعليم ومستلزمات عملية التدريس والخدمات المقدمة في التعليم العالي التي تأثرت بارتفاع أسعار الورق ومعدات أخرى، في حين لم يطرأ أي ارتفاع كبير على باقي الرسوم التي تبقى شبه رمزية". ويؤكد المسؤول أنه "جرى رفع الرسوم بما يتوافق مع مصلحة الطلاب، مع مراعاة تأمين الحد الأدنى من الكلفة والنفقات، علماً أن أي تعديل لم يطرأ على الرسوم منذ 4 سنوات".
وكانت وزارة التعليم أصدرت تعديلاً شاملاً لرفع الرسوم الدراسية، وبينها تلك التي للطلاب المسجلين وفق المفاضلة الجامعية. وحدد نص القرار الذي نشرته وسائل إعلام محلية رسم تسجيل الطلاب بدءاً من العام الدراسي 2020 -2021 بـ 4 آلاف ليرة سورية (1.1 دولار)، ورسم التقدم إلى الامتحان التكميلي لكل مقرر بـ 6 آلاف ليرة (1.71 دولار)، ورسم التقدم إلى الامتحان من خارج الجامعة لكل مقرر بـ 8 آلاف ليرة (2.28 دولار)، علماً أن عدد مقررات السنة الجامعية الواحدة يتجاوز الـ 10، وأيضاً رسم المصادقة البديلة عن تلك الأصلية المفقودة بـ12 ألف ليرة (3.42 دولارات)، ورسم المصادقة البديلة عن تلك الأصلية المفقودة للمرة الثانية بـ30 ألف ليرة (8.57 دولارات).
كذلك، رفعت رسوم الخدمات الجامعية بالنسبة للطلاب السوريين المسجلين وفق المفاضلة العامة لهذا العام. وبلغت 300 ألف ليرة (85.71 دولاراً) لطلاب كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، و225 ألفاً (64.28 دولاراً) لطلاب كليات الهندسة بمختلف فروعها وكليات الفنون الجميلة، و150 ألفاً (42.85 دولاراً) لطلاب كليات الزراعة والطب البيطري و15 ألفاً (4.2 دولارات) لطلاب كليات الآداب والعلوم الإنسانية والشريعة، و90 ألفاً (25.71 دولاراً) لطلاب كليات العلوم، و120 ألفاً (34.28 دولاراً) لطلاب باقي الكليات والمعاهد العليا الأخرى. كما رفعت الوزارة رسوم التسجيل في التعليم المفتوح إلى 7000 ليرة (2 دولار) لكل مقرر يقدمه الطالب للمرة الأولى، و9000 ليرة (2.5 دولار) لكل مقرر يقدمه الطالب للمرة الثانية، و11,000 ليرة (3.1 دولارات) لكل مقرر يقدمه الطالب للمرة الثالثة أو أكثر. كما تتقاضى الجامعات 150 دولاراً عن كل مقرر للطلاب العرب والأجانب. وشملت الرسوم المرفوعة أيضاً الإقامة في السكن الجامعي من 300 ليرة (8 سنتات) إلى 2000 ليرة (57 سنتاً) شهرياً، علماً أن تطبيق هذين القرارين يبدأ في العام المقبل.