تقول السورية لارا خليل، إن حياتها في تركيا تغيّرت 180 درجة بعد حصولها وأسرتها على الجنسية التركية، وقد تخلّصت من "مشاكل الكيملك وصعوبة الحصول على الأوراق الرسمية". وباتت، بعد حصولها قبل أشهر على الجنسية، "مواطنة تركية تتمتّع بكامل الحقوق".
وتقول خليل إنّ الحصول على الجنسية التركية ساهم في استقرار الأسرة نفسياً وشعورها بالأمان، على الرغم من أن تركيا تمنح اللاجئين كل شروط العيش الكريم"، كما منحتها الجنسية جواز سفر تركياً يخوّلها السفر إلى أكثر من مائة دولة حول العالم، لافتة إلى أن جواز السفر السوري"عامل شبهة للأسف، ولا تستقبلها أي دولة".
وفي ما يتعلق بالتملّك، كون القانون التركي يمنع تملّك السوريين، تقول خليل: "هذه الميزة يستفيد منها أصحاب الرساميل أكثر من غيرهم. فالجنسية تتيح لهم التملّك، لكن الميزة الأكبر أنه في إمكاننا الآن الحصول على قروض مصرفية، حتى تتمكن ابنتي الوحيدة من الالتحاق بالجامعة"، مشيرة إلى أنّ "السوريين يتعلمون في المدارس التركية مجاناً. لكن هناك شروطاً للدراسة في الجامعات، كما أنها لم تعد مجانية كما كانت طوال السنوات السبع الماضية".
في السياق نفسه، يقول السوري محمد حسين، وهو من منطقة نيزيب التابعة لمدينة غازي عنتاب التركية، إنّ الجنسية منحته الاستقرار قبل كل شيء. في الماضي، كان مضطراً للذهاب إلى مدينة غازي عنتاب لاستصدار أي ورقة، الأمر الذي يتطلب حجز دور وتكاليف، "لكنني اليوم قادر على إنهاء أي معاملة خلال دقائق".
ويشير حسين لـ "العربي الجديد" إلى أنه اشترى منزلاً بعد حصوله على الجنسية من خلال قرض مصرفي مريح وبفائدة قليلة. "سابقاً، لم يكن في إمكاني فتح حساب مصرفي في معظم المصارف التركية. في المقابل، يفقد الحاصل على الجنسية بطاقة الهلال الأحمر، التي تمنح اللاجئين السوريين مساعدة شهرية، بالإضافة إلى الطبابة المجانية والتعليم، وأدفع اليوم مبلغاً للتأمين الصحي لا يدفعه السوريون".
وكان وزير الداخلية التركي سليمان صويلو قد أعلن أنه يبلغ إجمالي عدد السوريين الحاصلين على الجنسية التركية نحو 92 ألفاً و280 شخصاً، وذلك من أصل من تستضيفهم تركيا حالياً، ويقدرون بنحو 3 ملايين و639 ألفاً و284 سورياً، في إطار قانون الحماية المؤقتة. ويُبين أنّ عدد الأطفال السوريين في تركيا، والذين هم في سن التعليم، يبلغ مليوناً و47 ألفاً و536 طفلاً، بحسب بيانات المديرية العامة للتعليم مدى الحياة، مشيراً إلى أن عدد السوريين المسجلين في إسطنبول هو 547 ألفاً، مؤكداً تسجيل 7 آلاف سوري بناء على الاستثناءات الإنسانية خلال عام 2020.
ويشعر سوريون سبق وأن أدرجت تركيا أسماءهم في ملفات منح الجنسية، بالقلق بعد إلغاء أنقرة في أغسطس/ آب الماضي، آلاف الطلبات لمتقدمين وصلوا إلى المرحلة الرابعة. وتقول مصادر إن معظمهم زوّر الأوراق أو لديه مشاكل أمنية.
ويقول المدرّس السوري خالد الأسعد لـ "العربي الجديد": "فوجئت وأسرتي قبل ثلاثة أشهر بإلغاء ملف الجنسية بعدما بلغت المرحلة الرابعة، على الرغم من أنني قدمت منذ عام 2017 كل الأوراق الرسمية، وخضعت وأسرتي للمقابلة وغيّرنا أسماءنا بالملف الجديد". يضيف أنه ربط وأفراد أسرته مصيرهم بتركيا ولم يفكروا منذ وصولهم إليها قبل ست سنوات بالهجرة أو تغيير الإقامة، متمنياً إعادة دراسة ملفه لينال الجنسية، وخصوصاً أن أولاده سيدخلون الجامعة العام المقبل.
ورداً على الميزات التي يمنحها القانون التركي للحاصلين على الجنسية، يقول المسؤول في دائرة الهجرة جلال ديمير: "باتوا أتراكاً يتمتعون بكامل الحقوق والواجبات"، ولا يتمّ تفريقهم أمام القانون.
ويشير ديمير، وهو من ولاية غازي عنتاب، إلى أن ذوي الدخل المحدود الأتراك والحاصلين على الجنسية، يحصلون على مساعدات من الدولة، خصوصاً خلال الأزمات المعيشية كالتي يمر بها البعض خلال وباء كورونا، فقد منحت تركيا مساعدات مباشرة للعائلات مرتين خلال هذا العام، ونالها السوريون المجنسون كما الأتراك.
كذلك، يحصل السوريون المجنسون على الحليب، وهي إعانة تقدمها وزارة الأسرة والعمل والخدمات الاجتماعية التركية لحديثي الولادة"، بشرط أن يكون لدى المستفيد تأمين من مؤسسة الضمان الاجتماعي SSK، أو لدى مؤسسة التأمين الصحي لذوي المهن الحرة. وهذه المعونة تبلغ 300 ليرة تركية (نحو 38 دولاراً) للمولود الأول، و400 ليرة (نحو 51 دولاراً) للمولود الثاني، و600 ليرة (نحو 78 دولاراً) للمولود الثالث.
وتمنح وزارة الأسرة والعمل والخدمات الاجتماعية التركية معونات خلال شهر رمضان والأعياد الدينية، لتلبية الاحتياجات الأساسية من غذاء وملابس للأسر المحتاجة، التي يقل دخل الفرد فيها عن ثلث صافي الحد الأدنى للأجور. كما تمنح تركيا معونة تدفئة تشمل الفحم مجاناً للأسر المحتاجة مرة في العام قبل فصل الشتاء، بعد تسجيل أسمائها في مؤسسات المساعدة الاجتماعية والتضامن، فضلاً عن مساعدات أخرى وكثيرة بحسب ديمير، مثل بطاقة مواصلات مجانية للأمهات التركيات اللواتي لديهن أطفال تتراوح أعمارهم ما بين يوم و4 سنوات.