افتتحت مجموعة من السيدات في مدينة إدلب، الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، شمال غربي البلاد مركزاً لصيانة الهواتف الخلوية، تديره 15 سيدة تدربن على الصيانة على مدى شهرين، ويعتبر الأول من نوعه في المنطقة. وجاء افتتاح المركز بهدف تأمين فرص عمل للسيدات الباحثات عن دخول سوق العمل، والحفاظ على خصوصية النساء اللاتي يرغبن بصيانة هواتفهن، دون الإطّلاع على محتوياتها من قبل عمّال الصيانة الذكور.
وتشرف على مركز الصيانة منظمة "بارقة أمل" العاملة في مدينة إدلب بدعم إيطالي، وتسعى من خلاله إلى دمج السيدات العاطلات من العمل في السوق وخاصة الخريجات الجدد منهن، والمعيلات لأهاليهن وأطفالهن، من الأرامل وزوجات الأشخاص الذين قتلوا خلال سنوات الحرب.
تقول المشرفة على سير المشروع سوسن السعيد لـ"العربي الجديد"، إن الفكرة انبثقت من خلال تواصل منظمة "بارقة أمل" مع المستفيدات من مشاريعها، خلال جلسات الحوار واللقاءات، إذ طلبت العديد منهن تدريب متدربات على صيانة وبرمجة الهواتف الخلوية، وهناك العديد منهن ذكرن أنهن اضطررن لشراء أجهزة جديدة خوفاً من عرض أجهزتهن المعطّلة على مراكز الصيانة التي يديرها ويعمل بها رجال فقط.
وتشير إلى أن المنظمة اختارت 30 متدربة أبدين رغبتهن بتعلم هذه المهنة، بعد أن أجريت لهن مقابلات، وكان للتدريب عدة شروط منها اجتياز الثانوية كحد أدنى، والرغبة في التعامل مع هذه المهارات، وإتقان المتدربة للغة الإنكليزية بمستوى جيد، وكون المتدربة مسؤولة عن إعالة أشخاص آخرين، لأن هدف المشروع الرئيسي هو التمكين الاقتصادي للنساء، وتأمين مصدر دخل لهن يؤمن إعالة أسرهن.
وبحسب السعيد، فإن هناك 15 متدربة تدربن على التسويق الإلكتروني، ويعملن في الوقت نفسه على الترويج للخدمات التي يقدمها المركز، وهناك إشراف دائم على المشروع بعد أن أنهت جميع المتدربات شهرين من التدريب، ودخلن سوق العمل، حتى يصبحن قادرات على تأمين مصادر دخلهن بشكل كامل ومستقل.
أما عضو مجلس إدارة مركز بارقة أمل ندى سميّع فتقول لـ"العربي الجديد" إن الدورة التي استمرّت شهرين، الأول نظري والثاني عملي، استهدفت سيدات من مدينة إدلب وأخريات نازحات ومن سكان المخيمات، وكان هناك تركيز على التوزيع الجغرافي كي يشمل جميع مناطق المحافظة، وتشير إلى أن متدربات في أحد المخيمات افتتحن أيضاً مركزهن الخاص وبدأن بممارسة العمل على الفور.
وتضيف سميّع أن المتدربات سيمارسن عملهن في المركز تحت إشراف المدربين لمدة ستة أشهر، وهناك سعي من المنظمة لتوسيع المشروع والعمل على استدامته من أجل إفادة أكبر عدد ممكن من النساء في المنطقة.
بدورها، تقول المتدربة بيان دردورة لـ"العربي الجديد"، إن ما دفعها للاشتراك بهذه الورشة التدريبية هو رغبتها بالحفاظ على خصوصيتها وخصوصية أي امرأة في المنطقة، إضافة إلى الرغبة في تأمين عمل ثابت للاستفادة منه في المستقبل، وتشير دردورة إلى أنها تعلّمت كيفية فتح وإدارة المشاريع الصغيرة، وتعلّمت الصيانة، وباتت تستطيع إصلاح أي عطل في الأجهزة الموجودة في السوق.
وتضيف أن المتدربات واجهن الكثير من التحديات في محيطهن الاجتماعي، من مثل رفض فكرة العمل للنساء والمراهنة على فشلهن، لدعاوى مثل أن هذه المهنة لا يتقنها إلا الرجال، وأن المرأة يجب أن تهتم بمنزلها وزوجها وأطفالها، لكن هذه التحديات زادت من إصرارهن على النجاح وإثبات أنهن قادرات على التفوق بأي مجال، ولا يوجد مجال عمل حكر على الرجال دون النساء.