استقدمت كوادر الأحزاب المصرية الداعمة للرئيس عبد الفتاح السيسي عشرات المصريين من سكان محافظة شمال سيناء شرقي البلاد، إلى مقار الشهر العقاري بالمحافظة لجمع التوكيلات اللازمة لترشح السيسي لفترة رئاسية ثالثة، بالتزامن مع وصول عشرات الشاحنات المحملة بالسلع الغذائية والخدمات البيطرية للمرة الأولى في تاريخ المحافظة التي عاشت ظروفاً سيئة للغاية على مدار العقد الأخير.
ووصلت أكبر قافلة للسلع الغذائية والخدمات البيطرية يوم الثلاثاء الماضي إلى محافظة شمال سيناء، وتضم سلعاً غذائية مجانية إلى المناطق الأكثر احتياجاً بالشيخ زويد ورفح، مقدمة كهدية من السيسي، بالإضافة إلى توزيع حلويات بمناسبة المولد النبوي، كما أعلن وزير الزراعة واستصلاح الأراضي السيد القصير. وأوضح الأخير أن القافلة تضم حوالي 41 سيارة فيها أكثر من 75 طناً من السلع الضرورية كاللحوم والدواجن والبيض والألبان والأرز والسكر والخُضار والطماطم والبطاطس والبصل وجميع أنواع البقوليات، على أن يتم بيعها بتخفيض يصل إلى 50 في المائة.
أضاف أن هناك قافلة بيطرية انطلقت لعلاج المواشي وتقديم الأمصال واللقاحات والفحوصات مجاناً، لدعم وحماية الثروة الحيوانية للأهالي في شمال سيناء. وأوضح أن هناك قافلة أخرى تُجهَّز إلى سيناء تزامناً مع احتفالات نصر أكتوبر، مؤكداً أن الوزارة وفقاً لتوجيهات القيادة السياسية ومن خلال مبادرة "خير مزارعنا لأهالينا"، توفّر السلع للمواطنين بأسعار مخفضة، سواء في منافذها الثابتة بالمحافظات أو المتحركة التي تجوب المناطق الأكثر احتياجاً.
ووصلت السيارات المحملة بالمواد الغذائية وقد علقت عليها صور الرئيس السيسي وكتب عليها: "مبادرة رئيس الجمهورية لمحاربة الغلاء" إلى مقر محافظة شمال سيناء، على أن تباع إلى المواطنين على مدار الأيام المقبلة وبأسعار مخفضة، فيما تعيش محافظة شمال سيناء أوضاعاً اقتصادية سيئة نتيجة الأوضاع الأمنية التي مرت بها خلال السنوات الماضية، ما أثر على كافة مناحي الحياة، وعطل أعمال ومهن آلاف المواطنين، ما دفعهم إلى انتظار المساعدات والمعونات الحكومية والأهلية.
ويكشف مصدر محلي من مدينة العريش لـ "العربي الجديد" أنه تم توزيع كراتين مساعدات من حزب مستقبل وطن وحزب حماة الوطن على المواطنين الذين شاركوا في جمع التوكيلات، ورفعوا صور السيسي، والتقطوا الصور على أبواب مقار الشهر العقاري، فيما تم تقديم وعود باستمرار المساعدات خلال الفترة المقبلة بقدر الاجتهاد في الفعاليات التي ستقيمها الأحزاب المؤيدة لترشح السيسي في مدن المحافظة، بما فيها مدينة رفح الجديدة التي سيتم افتتاحها في احتفال كبير خلال الشهر المقبل. ورفعت صور الرئيس السيسي على مبانيها خلال الأيام الماضية.
ويؤكد المصدر ذاته أن هناك حراكاً غير مسبوق في أمانات الأحزاب المؤيدة للسيسي في محافظة شمال سيناء، ويبدو واضحاً أن مرد ذلك يعود إلى كون تطهير سيناء من الإرهاب أحد أبرز محددات الدعاية الانتخابية للسيسي في الانتخابات المقبلة، مشيراً إلى أنه يجري إعداد مواد مصورة من مدن شمال سيناء تأييداً للسيسي، بما يشمل تصوير مشاريع استراتيجية تم تشييدها خلال السنوات الماضية كمحاور الطرقات وتوسعة ميناء العريش ومطار العريش، وإنشاء محطات كبيرة للمياه والكهرباء في المحافظة، على الرغم من أنها لم تعمل بعد في خدمة أهالي سيناء المتعطشين لتحسين الأوضاع المعيشية لهم منذ سنوات بل عقود.
ويشار إلى أن شمال سيناء يشهد حراكا آخر على صعيد ملف مهجري مدينة رفح مع اقتراب المهلة التي حددتها قيادة الجيش المصري خلال تدخلها لوقف التظاهرات التي خرجت على أطراف المدينة من قبل المهجرين المطالبين بعودتهم إلى المدينة والقرى المحيطة بها. وتكشف مصادر قبلية لـ"العربي الجديد" عن قرب الإعلان عن عودة مئات المهجرين إلى قرى رفح من دون قدرتهم على الوصول إلى مساحات واسعة من المدينة نفسها التي تم هدم منازلها، لإنشاء المنطقة العازلة على حدود سيناء مع قطاع غزة بدءاً من عام 2014 وحتى 2018.
ويقول الناشط السياسي زهدي جواد من مدينة العريش، لـ"العربي الجديد"، إنه لا يمكن الفصل بين بدء جمع التوكيلات للسيسي وبين الكرم المفاجئ الذي هلّ على محافظة شمال سيناء في هذا التوقيت، على الرغم من أن معاناة الأهالي وصلت إلى السقف الأعلى خلال الفترة الماضية التي تلت اندحار الإرهاب عن المحافظة، في ظل عدم توفر مصادر رزق ثابتة من خلال مشاريع حكومية أو تجارية كبرى تستطيع جمع أكبر عدد ممكن من الأيدي العاملة في المحافظة، وأدخل الأهالي في حالة ضيق شديد في ظل عدم وجود خطة حكومية ملموسة لمعالجة آثار مكافحة الإرهاب على سكان المحافظة".
يضيف أن "هذه الجهود الحكومية الجديدة سواء كانت بضائع بأسعار مخفضة أو كراتين المساعدات مؤقتة، ستتصاعد بالتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات، في ظل الارتباط الوطني الكبير بين المصريين وسيناء، ومحاولة استخدام ورقة سيناء في الدعاية الانتخابية، وإظهار أن الدولة تقف إلى جوار الأهالي بكل ما أوتيت من قوة، بينما من يسير في طرقات سيناء يعرف جيداً حجم المعاناة المستمرة على الأهالي في كافة القطاعات كالكهرباء والمياه والاتصالات والصحة والتعليم، وهناك آلاف الشكاوى التي يمكن رؤيتها في أروقة المؤسسات الحكومية، وكذلك يمكن تصفحها على صفحات نشطاء سيناء عبر مواقع التواصل الاجتماعي".
ويشير إلى أنه "في آخر انتخابات رئاسية عام 2018، بلغ عدد المواطنين الذين يحق لهم الانتخاب في محافظة شمال سيناء أكثر من ربع مليون مواطن من أصل أكثر من 59 مليون ناخب، ما يعني أن الجهات المعنية المحيطة بالسيسي لا تريد أصوات الناخبين بقدر ما تلزمهم المادة الإعلامية الصادرة عن دعم المواطنين في سيناء للسيسي، وكذلك إظهار المشاريع التي قامت بها الدولة والقوات المسلحة على أنها إنجازات للرئيس خلال سنوات حكمه لمصر، مع إخفاء صور الدمار والقتل والتشريد والاعتقال لمئات المواطنين تحت مظلة مكافحة الإرهاب".