تستمر طائرات الإغاثة المُحمّلة بالمساعدات الغذائية في سياسة إسقاطها عبر المظلات على الغزّيين، رغم أنها قليلة وغير مُجدية، حسب وصف الجهات الفلسطينية والمكتب الإعلامي الحكومي في غزة، وحتى المستفيدين الذين يستمرون في ملاحقة هذه الكميات المحدودة التي لا تكفي الطفل الواحد في كل مناطق وسط وجنوب غزة، بعد وصول الجوع إلى مستويات كارثية.
الفلسطيني محمود السحار قال لـ"العربي الجديد"، إنّ الوجبات الأردنية تتكون من "المجدرة" وهي مزيج من الأرز والعدس والبصل، وشوربة الفريكة ومعلبات أرز باللحم. وأضاف "إنها عبارة عن وجبة واحدة تكفي لشخص واحد كإفطار وغذاء وعشاء"، مشيراً إلى أنه تناولها بنفسه ولم تكفه حتى كوجبة واحدة. بينما تحتوي الوجبات الأميركية على علبة عصير صغيرة وقطعة حلوى وأرز وقطعة صدر الدجاج وملعقة بلاستيكية وشوكة وأكياس، وهي أيضاً تكفي لشخص واحد. ويوضح السحار، "إنها ليست كوجباتنا التي كنا نأكلها قبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، هذه وجبات نمنحها للأولاد الصغار فقط".
ويضيف "هذه الوجبات نصف مطبوخة وتحتاج إلى تسخين على جهاز الميكرويف، ونحن في غزة لم نر الكهرباء منذ أشهر. وحسب الإمكانيات المنعدمة في منطقتنا فإننا لا نستطيع طهيها، وبالتالي تؤكل مباشرة، لأن كل الناس جائعون، وبعضهم يأكلونها أثناء فتحها مباشرة بدون أي انتظار".
لا يختلف الوضع فيما يخص المساعدات المصرية والإماراتية، ففيها بقوليات وأجبان وأرز وسكر وملح وبعضها يحتاج إلى طهي، وهناك صعوبات في تأمين أدواته، كذلك تتكون صناديق المساعدات من حليب أطفال وبعض الحفاضات والفوط النسائية، وفقاً للسحار.
وتوحّدت أصوات الغزيين في أن المساعدات الغذائية قليلة، كما أن توزيعها واستلامها يتم بطريقة عشوائية، كما يقول عبد السميع وافي، وهو من المتواجدين في مدينة غزة، ويقضي يومه وهو يجري وراء المساعدات.
ويضيف وافي لـ"العربي الجديد": "نموت لنحصل على كراتين الوجبات التي لا تكفي إلا لشخص واحد، وهي أقل مما كنا نأكله في منازلنا، إنها وجبات إهانة وإذلال لنا، لكننا مضطرون لذلك، الكل يتفاخر بالإنزال، غير أن ما نأكله أقل بقليل من طعام أي طفل في العالم".
الطبيب المختص بالتغذية إسلام دياب، المتواجد ما بين مجمع الشفاء الطبي ومستشفى المعمداني في شارع عمر المختار ويعمل ضمن تغطية المرضى في أقسام الطوارئ، أكد أن الوجبات التي يتلقاها الغزيون لا تتجاوز سعراتها الحرارية اليومية 250 سعرة حرارية لوجبة تكفي اليوم الواحد لكل شخص.
وأضاف دياب لـ"العربي الجديد": "يحتاج الشخص البالغ إلى أكثر من ألفي سعرة حرارية في اليوم، والطفل إلى أزيد من ألف سعرة حرارية. ما يتم إسقاطه من مساعدات غير كاف، هل هذه هي العدالة الدولية، الناس يواجهون الموت ويتم إنزال وجبات لا تكفي لطفل واحد".
يذكر أنّ برنامج الأغذية العالمي أعلن، أمس الثلاثاء، إسقاط 6 أطنان من الإمدادات الغذائية التي يقدمها في شمال غزة، معتبراً أن ذلك يأتي تزامناً مع تعثر جهوده في استئناف وصول الأغذية إلى الشمال عن طريق البرّ ومواجهة المزيد من الانتكاسات، كذلك تبقى الطرق البرية السبيل الوحيد لنقل كميات كبيرة من الغذاء لتجنب المجاعة.