وافقت لجنة الصحة في مجلس النواب المصري، يوم الثلاثاء، من حيث المبدأ على مشروع قانون إنشاء صندوق "مواجهة الطوارئ الطبية" المقدم من الحكومة، ويهدف إلى توفير آلية لاستدامة تمويل خدمات وزارة الصحة في مجال الوقاية والعلاج والتأهيل، والقضاء على قوائم الانتظار للمرضى، ودعم شراء الأدوية، ومواجهة حالات الحوادث الكبرى والطوارئ والعناية المركزة، وما يستجد من احتياجات لا تكفي الاعتمادات المالية المتاحة في موازنة الدولة لتغطيتها.
ويكون لصندوق "مواجهة الطوارئ الطبية" الشخصية الاعتبارية العامة، بحيث يتبع رئيس مجلس الوزراء، ويتولى إدارته كلّ من مجلس الأمناء ومجلس الإدارة والمدير التنفيذي، ويموّل من المبالغ المالية المخصصة لصالح صندوق تحسين أداء العمل في إدارات وزارة الصحة، وإدارات العلاج الحر بالمحافظات، والموارد الأخرى التي يقرها مجلس إدارته.
وتشمل موارد الصندوق المساهمات المالية للعلاج على نفقة الدولة في التدخلات الطبية التي يغطيها، واقتطاع نسبة 2% من سعر بيع مستحضرات التجميل المستوردة، و3% من سعر بيع المبيدات الحشرية المُعدة للاستخدام في غير الأغراض الزراعية، والنسبة نفسها من أرصدة حساب صندوق دعم الدواء، و1% من حصيلة الحسابات الخاصة بالقطاعات المختلفة بديوان عام وزارة الصحة، بما يعني تمويل الجزء الأكبر من موارد الصندوق من جيوب المصريين.
تشمل موارد الصندوق المساهمات المالية للعلاج على نفقة الدولة في التدخلات الطبية التي يغطيها
كما تضم موارد الصندوق، بموجب القانون، المبالغ المالية التي يقدمها البنك المركزي المصري والبنوك المصرية واتحاد البنوك للصندوق، والهبات والتبرعات والمنح التي تقدم إليه من الأفراد أو الهيئات، ويقبلها مجلس الإدارة، فضلاً عن عوائد استثمار أموال الصندوق وفق قرار صادر من مجلس إدارته، بعد أخذ رأي وزارة المالية.
ونص مشروع القانون على إلغاء العمل بنظام صناديق صحة الأسرة بالمحافظات، المنشأة بقرار وزير الصحة والسكان رقم 147 لسنة 2003، وأن تؤول أرصدة حسابات هذه الصناديق إلى صندوق مواجهة الطوارئ الطبية.
وشهد اجتماع اللجنة حالة من الجدل حول تشكيل مجلس إدارة الصندوق، وسط مطالبات من النواب بتقليص العدد الوارد في مشروع القانون، والبحث عن بدائل متعددة للإنفاق على القطاع الصحي بخلاف الموازنة العامة للدولة، فضلاً عن تقديم وزارة الصحة دراسة تقديرية عن موازنة الصندوق التقديرية، خلال مدة لا تتجاوز أسبوعين، حتى يتسنى مناقشة مواده تفصيلاً.
وادعى رئيس اللجنة، محمد العماري، أن مشروع القانون يستهدف رفع كفاءة الخدمات المقدمة للمرضى، ومواجهة الأزمات الطبية الطارئة، من خلال تحقيق مبدأ استدامة التمويل والوقاية والعلاج بواسطة أفكار من خارج الصندوق، مع عدم تحميل المواطنين أية أعباء في حالة الأمراض الوبائية أو الكوارث الطبيعية.
واعتبر العماري أن أزمة فيروس كورونا كشفت انهيار الأنظمة الصحية بشكل كامل، حيث يواجه العالم حالياً أزمة صحية كارثية في نطاق انتشارها، وجسامة آثارها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والتي امتدت إلى مرحلة الانعزال، وإغلاق الحدود، بالإضافة إلى الآثار السلبية مثل الحظر الطوعي أو الاختياري.
فيما نبه النائب أيمن أبو العلا إلى أهمية إيجاد وسائل بديلة لزيادة الإنفاق على القطاع الصحي، داعياً إلى الموافقة على إنشاء هذا الصندوق في ظل الحاجة الملحة إلى توفير الأمصال والأدوية الجديدة في مواجهة فيروس كورونا، جنباً إلى جنب مع الإجراءات الاحترازية والوقائية الجديدة.
وأضاف أبو العلا: "نتمنى أن يكون عمر هذا القانون قصيراً، وإلغاء العمل بأحكامه بعد تطبيق قانون التأمين الصحي الجديد"، منوهاً إلى أهمية مراجعة مصادر التمويل والموارد والمساهمات الخاصة بالعلاج على نفقة الدولة، حتى لا يتحمل المصريون المزيد من الأعباء المالية.
من جهته، قال المستشار القانوني بوزارة الصحة، أحمد حفني، إن القانون يستهدف مواجهة الطوارئ والأزمات التي يتعرض لها قطاع الصحة في مصر، لافتاً إلى تشكيل الصندوق برئاسة رئيس الوزراء، وعضوية محافظ البنك المركزي، ووزراء الصحة والمالية والتعليم والبحث العلمي والتضامن الاجتماعي، وثلاثة أعضاء من الشخصيات العامة وذوي الخبرة يختارهم رئيس الوزراء.
بلغت اعتمادات قطاع الصحة في الموازنة الحالية 93 ملياراً و544 مليون جنيه فقط، متضمنة مخصصات وزارة الصحة والمديريات الصحية
فيما قال وكيل محافظ البنك المركزي، شريف عاشور، إن البنك لا يدخر جهداً في إطلاق المبادرات للمساهمة في دعم الدولة بخطط النهوض بكافة القطاعات، لا سيما الطبية منها، وآخرها ما يتعلق بمواجهة فيروس كورونا، مستطرداً بأن البنوك المصرية تسعى للمساهمة والتبرع في القضايا المجتمعية، شرط أن لا تكون بصورة إلزامية.
ودعا عاشور إلى مراجعة البند الذى يقضي بأن يكون ضمن موارد صندوق مواجهة الطوارئ الطبية المبالغ المالية التي يقدمها البنك المركزي، واتحاد البنوك المصرية، إذ يُفهم منه أنه أمر إلزامي، في حين أنه تبرع اختياري، معرباً عن تخوفه من وجود تداخل بين الصندوق ومشروع التأمين الصحي الشامل.
وشدد رئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية، طلعت عبد القوي، على أهمية إعداد دراسة اكتوارية (إحصائية تأمينية) لمشروع القانون، بقوله: "لقد عانينا طوال السنوات الماضية من عدم تدبير التزامات نظام التأمين الصحي، فكانت الاحتياجات كبيرة، والموارد قليلة، بما أضعف من تطبيق القانون".
وأضاف أن مشروع القانون يتماشى مع الدستور المصري، والذى نص على توفير حق الرعاية الصحية لكل المصريين، زاعماً أن ميزانية الدولة لم تعد قادرة على دعم قطاع الصحة لتلبية رغبات المواطنين، واحتياجاتهم، في ظل الظروف والأوضاع الاقتصادية الحالية، وبالتالي لا بد من البحث عن بدائل.
وخالفت الموازنة المصرية الجارية أحكام المواد 18 و19 و21 و23 من الدستور للعام الخامس على التوالي، والمتعلقة بالتزام الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي لا تقل عن 3% من الناتج القومي لقطاع الصحة، و4% للتعليم ما قبل الجامعي، و2% للتعليم العالي، و1% للبحث العلمي.
ولم تخصص موازنة العام المالي 2020-2021 سوى نحو 3.65% من المخصصات الدستورية لكل هذه القطاعات مجتمعة، مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي البالغ 6 تريليونات و858 ملياراً و730 مليون جنيه.
وبلغت اعتمادات قطاع الصحة في الموازنة الحالية 93 ملياراً و544 مليون جنيه فقط، متضمنة مخصصات وزارة الصحة ومديريات الشؤون الصحية بالمحافظات، وخدمات المستشفيات، والمستشفيات المتخصصة، ومراكز الأمومة، وخدمات الصحة العامة، والبحوث والتطوير في مجال الشؤون الصحية، وهيئة البحوث الدوائية، والمجلس القومي لمكافحة الإدمان وعلاجه.