صيدلية بمبادرة فردية لمساعدة مرضى مخيم برج البراجنة

04 ابريل 2023
يرهق موضوع توافر الدواء أو عدمه الناس في لبنان (العربي الجديد)
+ الخط -

في ظل تأزم الوضع الاقتصادي وعدم استقرار سعر صرف الدولار في لبنان الذي رفع كثيراً من أسعار السلع الاستهلاكية والدواء، بالتزامن مع عدم قدرة المرضى على شراء أدوية لا يستطيعون الاستغناء عنها، رغب أحمد هشام القفاص، في تنفيذ مبادرة شخصية بالتعاون مع جمعية "أمان" تشمل المساعدة في توفير أدوية يحتاجها المرضى دائماً، وذلك بما يستطيع.

يعيش أحمد البالغ الـ39 من العمر والمتحدر من مدينة عكا بفلسطين في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في بيروت، وهو حاصل على شهادة تمريض في القسم المهني، ويعمل اليوم في مجال الصيدلة بالمخيم.

يقول لـ"العربي الجديد" عن المبادرة: "قبل أن أفتتح الصيدلية الخيرية في منزل أهلي، لم أكن أستطيع استئجار مكان لفعل ذلك بسبب ارتفاع أسعار المحلات والبيوت عموماً، علماً أنني كنت قد تركت عملي السابق وهو قيادة سيارة، وبحثت بلا جدوى عن عمل، وسبق ذلك التحاقي بمعهد لدراسة التمريض، وإنهائي عامي الأول بنجاح، لكنني اضطررت إلى ترك المعهد بسبب الظروف المادية الصعبة، وعدم قدرتي على تأمين قسط المعهد، ثم عدت بعد مضي ثماني سنوات إلى مقاعد الدراسة، وأنهيت تخصصي المهني بنجاح، وحصلت على الشهادة، وبدأت بعدها رحلتي في البحث عن عمل، وتحديداً في التمريض، لكن الراتب لم يكفني، خاصة بعدما تزوجت وصار عندي أولاد، فتركت هذا العمل وشغلت وظيفة سائق لدى شخص أعطاني تعويضاً بعد سنتين، فقررت توظيف المبلغ في فتح صيدلية في المخيم".
يتابع: "بعدما وجدت صعوبة في دفع إيجار محل، أخذت غرفة من بيت أهلي في المخيم، وافتتحته صيدلية. في البداية، كنت أشتري الدواء على الفاتورة من طبيب في مخيم شاتيلا، وأسدد ثمنه، لكن بعدما ارتفعت الأسعار في شكل جنوني، وطالبني موزعو الدواء بتسديد قيمة ثمن المشتريات نقداً بالدولار، تبدل الأمر، ثم عملت مع جمعية أمان الموجودة في المخيم مع بداية جائحة كورونا، ولمسنا حاجة الناس الكبيرة للدواء، في ظل عدم قدرتهم على تأمينه، ووجدنا أن نصف مصاريف الناس تذهب لجلب أدوية، فيما لا تغطي الرواتب مصاريف توفير المأكل، فكيف بتأمين الدواء، وهكذا أتت فكرة مساعدة الناس بالأدوية".

رهق موضوع  توفر الدواء أو عدمه الناس في لبنان (العربي الجديد)
يرهق موضوع توفر الدواء أو عدمه الناس في لبنان (العربي الجديد)

ويوضح أن "المبادرة تتألف من شقين: أولهما دعم جمعية أمان للأدوية التي يحصل عليها مرضى مجاناً، والثاني بيع الأدوية بأسعار أقل مقارنة بباقي الصيدليات، علماً أن كثيرين يلومونني على بيع الأدوية بأسعار مخفضة، لكنني أعلم حاجة الناس لأدوية وعدم قدرتهم على شرائها، وأن بعض المرضى يحتاجون إلى أدوية في شكل دائم، مثل أولئك الذين يعانون من ارتفاع في السكر والضغط. ومعلوم أن هناك أشخاصاً يحصلون على دواء الضغط والسكري من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، لكن الأدوية التي تمنح لهم لا تناسب حالاتهم الصحية، فيحضرونها إلى الصيدلية، وأقدمه بالتالي إلى محتاجيها مجاناً".
ويساعد أحمد أيضاً في تقديم علاج لمرضى، إذ يحتاج مرضى إلى أمصال معينة، في وقت لا يستطيعون تحمل تكاليف مستشفى، حتى لو لم تكن خاصة، فيكتفون بزيارة أطباء في عيادات موجودة في المخيم، ويحضرون وصفات معهم، فيوفر لهم خدمة تأمينها بسعر أقل من المستشفى، ويجهزها لهم في البيت للحصول على العلاج المطلوب.

وعن الأمصال وأسعارها يقول أحمد: "أوفر المصل حالياً بقيمة 5 دولارات مع الإبر بالحجم الصغير، فالمريض لا يستطيع أيضاً تحمّل سعر مصل بحجم كبير. وأنا أحاول قدر الإمكان مساعدة الناس، وعملي في الصيدلية لا يهدف إلى جني أرباح كبيرة من الأدوية، لكنني أريد أن أؤمن مصاريف عائلتي فقط".
يتابع: "تعتبر حاجة الناس الذين يسكنون في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان كبيرة جداً للأدوية اليوم، خاصة بعدما قلصت الأونروا خدماتها في مجال توفير الدواء، وباتت لا تؤمن أدوية معينة، وبعضها يحتاجها الناس الذين أرهقهم هذا الأمر وسط ضائقة اقتصادية متفاقمة وغير عادية، ما جعلهم يقللون كميات الأدوية التي يجب أن يتناولوها بحسب وصفات الطبيب، وبينهم أصحاب أمراض مزمنة، ولم يعد آخرون يشترونها بسبب عدم وجود المال، فوجدت أنه لا بدّ أن أعمل لمساعدة الناس، ولو بأدنى قدر ممكن. وإلى جانب لجوء الناس إليّ للحصول على أدوية موجودة لدي، يقصدون مركز أمان لأخذ أدوية توفرها الجمعية".

المساهمون