يحتاج الأطفال إلى نشاطات ترفيهية ونفسية واجتماعية تغيّر أجواء وجودهم في المدارس وتمضيتهم ساعات طويلة في تحصيل العلم، وكذلك إلى أماكن تسمح لهم بالترويح عن أنفسهم، وهذه الحال تشمل أيضاً أطفال مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في بيروت، لأنه لا توجد ملاعب في المخيم، ولا أماكن لاستيعاب لعبهم وصراخهم.
يوفر مركز الغد في مخيم برج البراجنة مساحة آمنة لاستقبال أطفال بين عمر 6 سنوات و17 سنة. وتقول صباح عُكّر، المسؤولة عن مشروع الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال في المركز، والمتحدرة من حيفا بفلسطين، وتقيم في مخيم شاتيلا، لـ"العربي الجديد": "أنا متخصصة في المحاسبة، وأعمل منذ فترة في مركز الغد. وقبل سنتين تسلمت العمل في مشروع الدعم النفسي الاجتماعي بالمركز المموّل من السفارة السويسرية، والذي ينفذ أنشطة تتعلق بحماية الأطفال، ويمنحهم مساحات للعب والرسم الموجه الذي يسمح بالتعرف أكثر على الأطفال ومشاعرهم، والدبكة، وسواها".
وعن أعمار الأطفال، تقول: "هناك ثلاث مجموعات، تضم الأولى أولئك بين 6 و9 سنوات، والثانية أطفالاً بين 10 سنوات و13 سنة، والثالثة بين 13 و17 سنة. وأطلق المشروع قبل أربع سنوات بهدف تمكين الأطفال والشباب من اتخاذ قرارات، والوقت المتاح لكل مجموعة يومياً هو ساعة ونصف الساعة، ما عدا السبت والأحد".
وتتابع: "نختار للشباب أنشطة مناسبة ومهارات حياتية خصوصاً أن مجتمعنا يواجه اليوم العديد من الآفات وأوضاعاً اقتصادية واجتماعية صعبة، ونحن لا نريد أن يعاني هؤلاء الشباب لذا نعمل لتعزيز مهاراتهم الحياتية، ونقدم لهم دورات في اللغة الإنكليزية وأخرى في التصوير والمونتاج، ونعتبر أن هذه الدورات ملجأ للشباب يحميهم من الذهاب إلى المقاهي. كما نعمل مع أهالي الأطفال، وكذلك الفتيات في ما يتعلق بالزواج المبكر. واللقاءات مع الأهل تحديداً كانت لها أثار إيجابية، علماً أننا نعمل على تفاصيل العلاقة بين الأم والطفل. ولأننا أعضاء في شبكة حماية الطفل يسهل أن نتواصل مع المدارس ونزور الأهل".
وعن كيفية التواصل مع الأطفال والشباب، تقول: "زرنا في البداية مدارس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في المخيم، ثم تواصلنا مع معلمين يعطون دروساّ خصوصية لأطفال، وعرضنا مشروعنا عليهم، وقد تجاوب معه عدد كبير من التلاميذ".
وتقول سارة ميعاري، المتخصصة في "تصميم الغرافيك"، والمتحدرة من بلدة شعب بفلسطين وتقيم في مخيم برج البراجنة، وتعمل في الأنشطة الترفيهية والمهارات الحياتية للكبار في مركز الغد: "أعمل منذ عام 2019 في المشروع الذي يعرّف الأطفال والكبار على أمور مختلفة تسمح لهم بأن يحموا أنفسهم، ويتحاوروا مع أهلهم في شكل أفضل لتجنب إخفاء أمور مهمة عنهم. كما يعزز المشروع فكرة المساواة بين الفتيان والفتيات. ويضم المركز معالجة نفسية تشرف على الشباب والأطفال في حال احتاجوا إلى رعاية خاصة".
تضيف: "تكمن أهمية مشروعنا في أنه يساعد الأولاد في تفريغ طاقاتهم، ويكشف مواهب تمهيداً للعمل على تنميتها، مثل الرسم. ويتواجد الأولاد معنا لمدة ساعة ونصف الساعة يومياً، واللافت أنه حين ينتهي الوقت لا يرغب بعض الأولاد في الذهاب إلى بيوتهم، بل يفضلون البقاء في المركز".
ويقول الطالب في صف البكالوريا القسم الأول محمد السعيد، المتحدر من بلدة يافا بفلسطين، ويقيم في مخيم برج البراجنة، لـ"العربي الجديد": "التحقت بالمركز منذ شهر بعدما تعرفت إليه لدى زيارة فريق منه مدرستي. ونحن ننفذ أنشطة ترفيهية فيه، وأخرى للتوعية وحل الخلافات بطرق سلمية. وما جعلني ألتحق بالمركز هو أنني أقوم مع شبان آخرين بأنشطة عديدة تسمح لنا بتفريغ طاقاتنا، ونحن نقيم علاقات اجتماعية جيدة بين بعضنا البعض، ونطوّر شخصياتنا في شكل ملائم. ومن خلال التدريبات صرنا نفكر أكثر قبل أن ننفذ أي عمل قد يؤذينا لاحقاً".
وعن أهمية وجود المركز، يقول محمد: "لا نذهب إلى المدرسة خلال العطلة الصيفية، في حين نحتاج كشباب إلى مكان لممارسة هوايات، وقضاء أوقات الفراغ، وهنا تنظم دورات للغة الإنكليزية وأخرى ترفيهية خلال عطلة الصيف، وأنا أرغب بالاستفادة منها".
أما الطفلة ريماس علاء الدين التي تقيم في مخيم برج البراجنة، وهي في الصف الخامس الأساسي، فتقول لـ"العربي الجديد": "تعرفت من خلال المركز على حقوق الطفل، وأنا ألعب وأتدرب مع رفاق لي على عدم التنمر على الآخرين، لذا أرى أنه من الضروري أن تتواجد أماكن مماثلة في المخيم كي نلعب، خصوصاً أنه لا أماكن للعب في المخيم".