تعمّ احتفالات عارمة بيوت الآلاف من العائلات الجزائرية عقب الإعلان عن قوائم الناجحين في امتحان شهادة البكالوريا، وتعد المناسبة فرصة للعائلات للتعبير عن الفرحة والسعادة بأشكال مختلفة وبطقوس متعددة، إذ يطلق العنان للزغاريد وأبواق السيارات والبارود، وإقامة حفلات لقبول التهاني من الجيران والأقارب والأصدقاء.
ويحمل النجاح في البكالويا في الجزائر رمزية خاصة مهما كان المعدل الذي حصل عليه التلميذ، وإن كان 9 من 20، وهو ما اتفق عليه الكثيرون، ففي النهاية هو اجتياز امتحان عسير في ظروف صعبة، تميزت بتأخير الامتحانات وستة أشهر دون دراسة بسبب الحجر الصحي.
يبدأ الاحتفال بالنجاح في البكالوريا عادة من أمام الثانوية ومباشرة بعد الاطلاع على النتيجة، أمهات يزغردن وعناق حار لأبنائهن الناجحين، الذين بدورهم يدخل بعضهم في حالة من الفرحة والبكاء في آن واحد، تنطلق بعدها الأفراح في الشارع عبر إطلاق العنان لأبواق السيارات احتفالا بالخبر السعيد وباجتياز العقبة الصّعبة، ويطلق الشباب أيضا العنان لألعاب نارية في الحي.
بينما تفضل عائلات أخرى إقامة الاحتفالية بطريقة توزيع" الفأل" أو " الباروك" على الجيران، وهو عبارة عن عصائر وحلويات، تعبيرا عن الفرحة واستقبالها لخبر النجاح بطعم حلو، وهو الأمر الذي تعودت عليه الكثير من الأسر الجزائرية، خصوصا في الأحياء السكنية القديمة.
كثيرون احتفلوا بطريقتهم الخاصة مثلما فعلت والدة إلهام صديقي من منطقة بوفاريك غربي العاصمة الجزائرية الحائزة على شهادة البكالوريا علوم الطبيعة والحياة بمعدل 15 من 20، إذ زارت اليوم رفقة ابنتها صديقتها التي تعثّرت في الحصول على الشهادة، وبقيت معها فترة حتى تكون لجانبها خاصة في هذا الظّرف الحساس بالنسبة لها.
وتعتبر الاحتفالات بالنجاح في هذه الشهادة عادة جزائرية بامتياز، لأنها من أهم النجاحات التي يتحصل عليها التلاميذ للولوج إلى الجامعة وتحقيق طموحاتهم، وتنتظرها العائلات على أحرّ من جمر، خصوصا في مثل الظروف التي مرت بها الجزائر والعالم أجمع قرابة الثمانية أشهر، بسبب أزمة وباء كورونا، فكانت النتائج فرصة للعودة للحياة.
تقول والدة محمد منصوري الحاصل على معدل 14 من 20 في شعبة الرياضيات من ولاية سكيكدة لـ" العربي الجديد"، إنّ نجاح ابنها البكر في نيل شهادة البكالوريا وللمرة الأولى، أدخل البهجة والفرح إلى قلوبهم، خاصة وأن الامتحان تمّ تأجيله منذ شهر يونيو/حزيران الماضي إلى شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، وكانت الظروف صعبة للغاية بالنسبة للتلاميذ كما الأسر.
مظهر آخر من مظاهر الفرح، لم تعرفه العائلات الجزائرية في العقود السابقة، وهو التعبير عن الفرحة عبر وسائط التكنولوجيا، إذ ينشر الآباء والأهل صورا لأبنائهم وأقاربهم الناجحين، مع عبارات إطراء وتثمين لجهد المراجعة، وتمنيات أكبر للنجاح والتوفيق في الدراسة في المستقبل، فكل الفائزين هم نجوم العائلة والحي، وجميعهم يستحقون التهاني واقتسام الفرحة معهم.
وكانت وزارة التربية الجزائرية قد أعلنت أمس عن نتائج البكالوريا بمجموع نسبة نجاح فاقت 55 في المائة، واحتلت شعبة الرياضيات النسبة العليا من بين الشعب في البكالوريا، بنسبة 80.22 في المائة تلتها شعبة لغات أجنبية بنسبة 67.78 في المائة، بينما احتلت شعبة تقني رياضي 58.48 في المائة المرتبة الثالثة، ثم شعبة علوم تجريبية بنسبة 56.97 في المائة، تبعتها شعبة آداب وفلسفة 52.60 في المائة وأخيرا شعبة تسيير واقتصاد 38.09 في المائة.