ناشدت عائلة الأسير المقدسي أحمد صالح المؤسّسات الدولية التي تعنى بحقوق الإنسان التدخل العاجل والضغط على الاحتلال الإسرائيلي للإفراج عن نجلها الذي حكم عليه بالسجن تسع سنوات ونصف السنة وقضى منها حتى الآن سبع سنوات، محمّلة سلطات الاحتلال المسؤولية عن حياته بعد تدهور وضعه الصحي والنفسي، وخصوصاً بعد قرار تمديد عزله مدة ستة أشهر، لتضاف إلى فترة عزله السابقة والبالغة سبعة أشعر.
وعن ظروف اعتقاله، تقول والدته خلال مؤتمر صحافي عقد في منزلها في مدينة القدس، إن أحمد معزول داخل زنزانته منذ أشهر طويلة، ومحروم من أبسط الحقوق في العلاج والغذاء، الأمر الذي أدى إلى تدهور حالته الصحية والنفسية. تضيف أنّ استمرار سجن أحمد وعزله انفرادياً فيه ظلم كبير جداً بحق طفل عُذّب منذ اعتقاله وتعرض لأبشع أنواع التحقيق والضغط النفسي. وحين يجوع إبني يأكل الإندومي. أحمد في حالة مزرية تبكي الحجر".
من جهته، يتحدّث والد أحمد عن تعرض نجله لكسر في الجمجمة بعد اعتقاله وضربه من قبل المستوطنين وتهديدهم في حينه بقتله من خلال مطالبة قوات الاحتلال بإطلاق الرصاص عليه.
ويصف والد أحمد ظروف اعتقال نجله طوال سنوات سجنه السبع بالسيئة جداً، لافتاً إلى أنه يعامل بقسوة من قبل سجانيه. ويقول: "كنا نأمل أن تفرج سلطات الاحتلال عن أحمد من عزله الانفرادي لأن بقاءه في العزل وتجديده مدة ستة أشهر أخرى سيزيدان حالته النفسية سوءاً". يضيف أن "ما يسمى بلجنة الثلث ستعقد جلسة لها في التاسع عشر من يونيو/ حزيران الجاري للنظر في طلبنا الإفراج المبكر عن أحمد، ونأمل أن يتحقق ذلك إنقاذاً لحياة ولدنا".
من جهته، يحمل المحامي خالد زبارقة، أحد المحامين المدافعين عن أحمد، الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية القانونية والأخلاقية عن صحته، مطالباً بالإفراج الفوري عنه. ويصف تعاطي القضاء الإسرائيلي مع ملف اعتقال أحمد بأنه تمييزي ويقوم على الكراهية وتشريع القمع طالما أن الضحية فلسطيني، مشيراً إلى الحاجة الفورية للنظر في صحة ونفسية أحمد اللتين تتدهوران يومياً في العزل.
ويقول زبارقة: "يتوجب على الاحتلال الإسراع في إخراج أحمد من العزل"، مشيراً إلى أن "العديد من الأسرى أبدوا استعداداً لرعايته والاعتناء به صحياً ونفسياً حتى يتحرر كلياً من الأسر".
وأرجأت محكمة الاحتلال الإسرائيلي المركزية في بئر السبع في الثامن عشر من الشهر الماضي، البت في أمر تمديد عزل أحمد مناصرة (خلال الشهر الجاري) إلى حين إحضار تقرير طبيّ مفصل عن وضعه الصحي والنفسي.
وتجدر الإشارة إلى أن أحمد مناصرة الذي واجه الاعتقال والتعذيب منذ كان في الـ13 من عمره، هو واحد من بين مئات الأطفال الذين يتعرضون للاعتقال والتعذيب في سجون الاحتلال سنوياً، عدا عن سياسة الإهمال الطبي المتعمد (القتل البطيء).
وولد مناصرة في 22 يناير/ كانون الثاني عام 2002 في القدس لدى عائلة تتكون من عشرة أفراد، وله شقيقان وهو أكبر الذكور في عائلته، بالإضافة إلى خمس شقيقات. وقبل اعتقاله عام 2015، كان تلميذاً في الصف الثامن في مدرسة الجيل الجديد في القدس، وكان يبلغ من العمر في حينه 13 عاماً.
قصة أحمد لم تبدأ منذ لحظة اعتقاله فقط، إذ إنه كالمئات من أطفال القدس الذين يواجهون عنف الاحتلال اليوميّ، بما فيه من عمليات اعتقال كثيفة ومتكررة. وتشهد القدس أعلى نسبة في عمليات الاعتقال بين صفوف الأطفال والقصر.
عام 2015 ومع بداية الهبة الشعبية، تصاعدت عمليات الاعتقال بحقّ الأطفال وتحديداً في القدس، ورافق ذلك عمليات تنكيل وتعذيب ممنهجة، وكان أحمد جزءاً من مئات الأطفال في القدس الذين يواجهون المصير نفسه.
وفي 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2015، تعرض أحمد وابن عمه حسن الذي استشهد في ذلك اليوم بعد إطلاق النار عليه وعلى أحمد، لعملية تنكيل وحشية من قبل المستوطنين. ونشرت فيديوهات لمشاهد قاسية له كان ملقى على الأرض ويصرخ وهو مصاب، ويحاول جنود الاحتلال تثبيته على الأرض والتنكيل به، وتحولت قضيته إلى قضية عالمية.
وشكّل هذا اليوم نقطة تحول في حياة أحمد، بعد اعتقاله وتعرضه لتحقيق وتعذيب جسدي ونفسي حتى خلال تلقيه العلاج في المستشفى. ونتيجة لذلك، أصيب بكسر في الجمجمة وأعراض صحية خطيرة.
ولاحقاً، أصدرت محكمة الاحتلال بعد جلسات عدة حُكماً بالسجن الفعلي بحقّ أحمد لمدة 12 عاماً وتعويض مالي، وجرى تخفيض الحكم لمدة تسع سنوات ونصف السنة عام 2017.
وقبل نقله إلى السجون احتجزت سلطات الاحتلال أحمد مناصرة لمدة عامين في مؤسسة خاصّة بالأحداث في ظروف صعبة وقاسية. ونقل إلى سجن مجدو بعدما تجاوز عمره الـ14 عاماً. وفي الوقت الحالي، يواجه أحمد ظروفاً صحية ونفسية صعبة وخطيرة في العزل الانفرادي في سجن "إيشل بئر السبع". وكانت حملة دولية قد انطلقت دعماً للمطالبة بالإفراج عن الأسير أحمد مناصرة.