منذ أيام تفترش عاملات منازل من الجنسية الكينية، الرصيف أمام قنصلية كينيا في بيروت، حيث يعتصمن احتجاجاً على تردّي أوضاعهنّ الصحية والمعيشية، وفي جعبتهنّ مطلبٌ واحد "نريد الرحيل بعيداً عن لبنان، نريد العودة إلى ديارنا".
بحسرةٍ ودمعةٍ، قالت إحدى العاملات التي رفضت الكشف عن هويّتها، "لبنان يغرق ونحن نغرق معه، نريد العودة إلى بلادنا، طردونا بسبب عجزهم عن دفع رواتبنا بالدولار الأميركي، ويريدوننا أن نعمل من دون مقابل. منذ فبراير/شباط 2021 لم أتمكّن من إرسال أيّ مبلغ لعائلتي، واضطرّ ابني الكبير لترك جامعته والأصغر لترك الثانوية. والدي توفّي بسبب عدم قدرته على شراء الأدوية، وهو كان يعاني من مرض السكري وارتفاع ضغط الدم".
العاملة التي سئمت لبنان وأوضاعه، وفق قولها لـ"العربي الجديد"، رأت أنّ "الخيّرين في هذا البلد رحلوا عنه ولم يبقَ سوى الفساد والإجحاف، بدوري، عانيتُ من الكفيل ومن رب العمل ولا أريد أن أعاني أكثر. نحن متعبات كفاية، أوقفوا هذا الظلم بحقنا، فكلّ عاملة لديها قصتها، وعلى قنصليّتنا التحرّك".
بدورها، سألت عاملة ثانية "كم سننتظر بعد في الشارع؟ متى سنعود إلى بلادنا؟"، مضيفةً "لا أملك المال ولا جواز السفر، كلّ ما أملكه بطانية أفترشها أمام القنصلية. لقد وعدتنا إحدى الجمعيات الأهلية بترحيلنا الأسبوع المقبل، ونحن ننتظر الإيفاء بذلك".
أمّا أوليف، الناطقة باسم العاملات، والتي فضّلت عدم ذكر شهرتها، فلفتت إلى أنّها لا زالت تعمل في لبنان، غير أنّها بادرت لتقديم "ما تيسّر من طعامٍ للعاملات المعتصمات، واللواتي يبلغ عددهنّ نحو 19 عاملة"، وقالت "نقلنا اليوم إحدى العاملات التي رموا بها أمام القنصلية، إلى المستشفى، غير أنّها لا تزال فاقدة وعيها، ولا نعلم ماذا أصابها أو حتّى إذا تعرّضت للأذى"، وشدّدت على أنّ "كينيا مطالبة بالتحرك سريعاً لصون حقوق العاملات، فالوضع الاقتصادي متدهور جداً، والقنصل غائب عن السمع".
من جهةٍ أخرى، أوضح مساعد قنصل كينيا في لبنان، قاسم جابر، أنّ "سبب تشرّد العاملات يكمن بوجود أحكام فرار أو سرقة بحقّ أغلبهنّ، وهذا ما تكشفه محاضر الأمن العام اللبناني، علماً أنّ العاملة تبقى لها روايتها، وكذلك الكفيل الذي ربّما طردها وادّعى أنّها فرّت، لكن لا يمكننا حجز بطاقات سفر قبل تسوية أوضاعهنّ، وإلا سيتمّ توقيفهنّ في المطار. وهنّ لا يسمحن لنا بالوصول إلى مكاتبنا، إنّما يكسرن سياراتنا، فكيف لنا أن ننجز معاملاتهنّ".
وأضاف في اتصالٍ لـ"العربي الجديد": "أول 8 معتصمات كان بحقّهنّ بلاغات فرار وتمّت تسوية أوضاعهنّ، غير أنّ ذلك غير ممكنٍ إذا كانت التهمة سرقة أو مخدّرات أو جريمة قتل"، وأشار إلى أنّ "القنصلية تعمل على تغطية تكاليف السفر، وهناك جمعيات تساعد بهذا الشأن، كما أنّ القنصل يتكفّل برسوم فحوص الـ PCR وغيرها. لكن فقط نحو 2800 عاملة مسجّلة لدينا وفق الإحصاء الأخير عام 2020، في حين أنّ 80% من العاملات غير مسجّلات لدى القنصليّة ولا نعرف عنهنّ أيّ شيء، فيقعن ضحية عصابات تغرّر بهنّ".