استمع إلى الملخص
- عبّر السكان عن استيائهم من إغلاق المدارس، حيث ترك القرار آلاف التلاميذ بلا تعليم، وأثار تساؤلات حول عدم توحيد الإجراءات في جميع مناطق الإدارة الذاتية.
- دافعت هيئة التربية والتعليم عن إغلاق المدارس المخالفة للوائح، مشيرة إلى حماية مصلحة التلاميذ، بينما اقترح البعض تسلّم وزارة التربية السورية ملف المدارس لحل الأزمة.
فور إطاحة نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول المنصرم، اتّخذت الإدارة الذاتية في شمال شرق سورية قراراً يقضي بإغلاق كلّ المدارس، من ضمن إجراء وصفه معنيّون في ذلك الحين بأنّه "طبيعي وسط الظروف المستجدّة". وشهدت المنطقة إغلاقاً شاملاً للمدارس الحكومية والخاصة، بما فيها المدارس التابعة للهيئات الكنسيّة وتلك المؤقتة التي كانت قد أُنشئت في مراكز أو مساكن. وبعد شهر، راحت القرارات المتعلقة بالتعليم تثير جدالاً واسعاً بين الأهالي والمسؤولين، خصوصاً مع إعادة فتح مدارس بمدن مثل القامشلي والحسكة أخيراً، فيما أُبقي عدد من المؤسسات التربوية بمدن أخرى مغلقاً، في تباين واضح.
وعبّر سوريون من سكان المنطقة الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية عن استيائهم من القرارات التي قد تؤثّر سلباً على مستقبل أبنائهم، ولا سيّما تلك المتعلقة بإغلاق مدارس حكومية، بحسب ما قال رضوان الأحمر من سكان القامشلي لـ"العربي الجديد". وتساءل الأحمر: "مدارس خاصة أُغلقت، لكنّه سُمح بفتح مدارس حكومية في القامشلي والحسكة إلى جانب مدارس الإدارة الذاتية المتوفّرة، وبالتالي لماذا لا يُطبَّق ذلك في كلّ مناطق الإدارة مثل عامودا والدرباسية؟". وأشار إلى أنّ "الصفّ في مدارس الإدارة الذاتية يضمّ نحو 15 تلميذاً، في حين أنّ الصفّ في المدارس الحكومية القليلة المتوفّرة يضمّ أكثر من 60 تلميذاً".
من جهته، رأى خليل الأحمد، من سكان مناطق الإدارة الذاتية، أنّ "إغلاق المدارس المؤقتة ترك آلاف التلاميذ بلا تعليم". وقال الأحمد لـ"العربي الجديد" إنّ "ثمّة مدرستَين أو ثلاث مدارس حكومية مفتوحة فقط. لو كان أولياء الأمور يرغبون في تسجيل أبنائهم في مدارس الإدارة الذاتية لفعلوا ذلك منذ البداية"، داعياً المعنيّين "ارحموا هؤلاء الأطفال ودعوهم يكملون تعليمهم".
ولم تأتِ قرارات إغلاق المدارس وإعادة فتحها رسميّة وفقاً للمعلومات التي حصل عليها "العربي الجديد"، إنما جاءت استناداً إلى رسائل نصيّة عبر تطبيق واتساب. وقد بعثت مديرة التربية في الحسكة إلهام شاروخان برسالة تطالب بفتح المدارس الخاصة التابعة للهيئات الكنسية والمدارس الحكومية وتلك التابعة للإدارة الذاتية، مع الإبقاء على إغلاق مدارس خاصة يتابع فيها عرب وأكراد تعليمهم وفقاً للمناهج الحكومية.
في سياق متصل، أفاد الأستاذ الجامعي فريد سعدون "العربي الجديد" بأنّ "إغلاق المدارس الخاصة التي تدرّس منهاج الدولة يعني أنّ نحو 40 ألف تلميذ خسروا تعليمهم"، علماً أنّ عدداً كبيراً منهم من تلاميذ الشهادات الثانوية. أضاف أنّ قرار الإبقاء على تلك المدارس مغلقة "يتسبّب في تفرقة بين مدارس الطوائف (التابعة للهيئات الكنسيّة) التي يُسمح لها بالعمل وبقية المدارس التي أُغلقت"، مشيراً إلى أنّ من شأن ذلك أن "يزيد حدّة النزاعات بين الأهالي وأصحاب المدارس بشأن الأقساط المدفوعة".
من جهتها، دافعت هيئة التربية والتعليم التابعة للإدارة الذاتية عن قرارها المتّخَذ، وبيّنت أنّ الإغلاق يستهدف المدارس التي "خالفت اللوائح وحوّلت التعليم إلى سلعة تجارية". وقالت الرئيسة المشتركة للهيئة كلستان إسماعيل لـ"العربي الجديد" إنّ "عدد المدارس المغلقة أبوابها يقارب 50 مدرسة، وهي تستهدف نحو 40 ألف تلميذ وتلميذة"، مشدّدةً على أنّ "إغلاقها أتى حرصاً على مصلحة أبنائنا التلاميذ". وأضافت إسماعيل أنّ "هيئة التربية والتعليم استثنت المدارس التابعة للهيئات الكنسيّة بسبب خصوصيتها التاريخية"، وأوضحت أنّ "الهدف من الإغلاق هو تطبيق فلسفة الهيئة في قطاع التربية والتعليم التي تؤكّد مجانية التعليم وعدم السماح باستغلال أولياء أمور التلاميذ".
في المقابل، قال المدرّس إسماعيل الحسين، المقيم في مناطق الإدارة الذاتية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "قضية التعليم في شمال شرق سورية لم تعد عرضة للتجاذبات بعد سقوط النظام (السوري السابق)، لأن سبب توجّه الإدارة الذاتية إلى إصدار مناهج وإغلاق المدارس الحكومية ارتبط بوجود النظام". وأضاف أنّه "من الممكن حلّ أزمة التعليم بتسلّم وزارة التربية في الحكومة السورية ملفّ المدارس"، لافتاً إلى أنّ من شأن هذا أن "ينهي الصراع حول المناهج وحول المدارس الخاصة والحكومية والكنسيّة، وتلك التي تشرف عليها الإدارة الذاتية". ورأى أنّ "من الممكن استثناء تلاميذ الشهادات الثانوية لهذا العام، والبدء بخطوات فعّالة للعام الدراسي المقبل (2025-2026)".