نشبت مشادة كلامية في بث مباشر بين عضو مجلس نقابة أطباء مصر أحمد حسين، ولاعب كرة القدم السابق ومقدم أحد البرامج الفضائية أحمد حسام ميدو، على خلفية البلاغ الذي قدمته النقابة ضد الأخير، واتهمته فيه بتوجيه ألفاظ السب والقذف ضد جموع الأطباء.
وكان ميدو قد خرج في مقطع فيديو، نشره عبر حساباته الخاصة على منصات التواصل الاجتماعي، يشكو مما وصفه بـ"إهمال ومهزلة القطاع الطبي في مصر"، بعدما ادعى أن عدداً من المستشفيات الكبرى رفض استقبال والد زوجته المريض بالسرطان بعد تدهور حالته الصحية خلال إجازة عيد الأضحى نتيجة لإجازات الكثير من الأطباء.
وقال حسين، في مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب في برنامجه "الحكاية" المذاع على قناة إم بي سي مصر، ليلة الأحد: "إذا كان لاعب الكرة السابق يرغب في محاسبة المسؤول عن تدهور القطاع الصحي، فعليه أن يحاسب وزير الصحة، ورئيس الوزراء، ورئيس الجمهورية، بوصفهم المسؤولين عن تدهور القطاع في مصر".
وأضاف حسين: "نقابة الأطباء ليست لديها معارك مع أشخاص، سواء مع اللاعب السابق أو غيره، لأن الأطباء يتعاملون مع المرضى من دون اعتبارات، سواء كان المريض وزيراً أو غفيراً، أو من أقارب أحد المشاهير أو المسؤولين"، مستطرداً: "لا بد من الفصل بين إهانة وجهت إلى عموم الأطباء، وبين النقد الموجه إلى المنظومة الصحية ككل".
وتابع: "نقابة الأطباء تقدمت ببلاغ إلى الجهة المسؤولة عن فتح التحقيق في واقعة السب والقذف، مستندة إلى قول اللاعب في الفيديو إن معظم الأطباء ليس لديهم ضمير"، مردفاً: "رغم ضعف الإمكانيات، فإن الحديث عن اهتراء المنظومة الصحية غير صحيح، لأن بعض الدول الغربية أشادت بالمنظومة الصحية المصرية أثناء جائحة كورونا، والتي مثّل الفريق الطبي أحد أهم عواملها".
وزاد قائلاً: "اللاعب ذهب إلى مستشفى خاصة، وهي تتلقى مقابلا ماديا للخدمة، ومن غير المنطقي أن تفتح أبوابها من دون تواجد أطباء بها"، مستكملاً: "هو قال إن هناك حالة حرجة رفضت المستشفى إدخالها إلا بعد سداد 10 آلاف جنيه، ومعنى ذلك أنه كان يوجد أطباء في المستشفى لعلاجها".
وواصل حسين: "اللاعب انتقد وجود الأطباء الشباب بدلاً من الاستشاريين، علماً أن النظام الصحي في مصر قائم على الشباب، وكذلك في معظم دول العالم. والطبيب الاستشاري من حقه أن يأخذ إجازة من العمل، ومن يرغب في مساءلة أحد عليه أن يذهب إلى رئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس الوزراء، ورئيس الجمهورية، لأن هذا هو أساس الموضوع".
وأكمل بقوله: "الحكومة هي المسؤولة عن تردي المنظومة الصحية، والمستشفيات الخاصة تخضع لرقابة وزارة الصحة، ولديها أطباء مؤهلون لاستقبال الحالات المرضية"، مضيفاً: "قبل إجازة العيد بيومين تعرض أستاذ كبير في أمراض القلب للطعن لاعتداء بأسلحة بيضاء من أهل متوفية حاول إنقاذ حياتها بعد إصابتها بجلطة قلبية، وأسفر ذلك عن إصابات مختلفة في أنحاء جسده استدعت تدخلاً جراحياً عبر 68 غرزة".
وقال حسين: "ما تعانيه المنظومة الصحية المصرية هو نتاج طبيعي لتفاقم الأزمة بفعل الشحن الإعلامي، ومع استمرار هذه التصرفات لن نجد طبيباً يعمل في مصر مستقبلاً، لأن هناك 11 طبيباً على الأقل يستقيلون من الحكومة يومياً".
وأضاف: "لدينا قرابة 150 ألف طبيب مصري هاجروا إلى خارج البلاد، لأن راتب لاعب الكرة في مصر يساوي 300 ضعف راتب أي طبيب. وكل ما نطلبه هو زيادة أجور الأطباء في مصر، بما يتناسب مع طبيعة عملهم".
في المقابل، قال ميدو في تعقيبه على حديث عضو مجلس النقابة، إن "القانون لا يعاقب المستشفيات الخاصة على رفضها استقبال أي حالة مرضية من دون إبداء أسباب"، وتابع أن "الأطباء الأكبر سناً كانوا في إجازة طوال فترة العيد، ووالد زوجتي لا يزال محتجزاً في العناية المركزة في أحد مستشفيات القاهرة".
وقدم ميدو اعتذاراً لكل طبيب تعرض له بالإساءة من خلال حديثه، والذي كان على سبيل حرصه على مصلحة الأطباء والمنظومة الصحية (حسب تعبيره)، قائلاً: "كنت أتوقع من نقابة الأطباء أن تحارب معي لتحسين وضع الأطباء الذي لا يسر عدو أو حبيب، ويدفعهم إلى الهجرة خارج البلاد".
وعن قوله إن "القطاع الطبي في مصر هو مهزلة"، قال ميدو: "حديثي كان ناتجاً عن حالة من الغضب نتيجة الموقف الذي تعرضت له، والحقيقة أن بعض الأطباء يتخوفون من الاتصال هاتفياً بالاستشاريين خلال أيام الإجازات. ووصلتني آلاف الرسائل من المواطنين الراغبين في تقديم شكاوى ضد الأطباء، بسبب وقائع تتعلق بوفاة ذويهم".
وردّ حسين، معقباً: "نحن على اتفاق بأن المنظومة الصحية في مصر يوجد بها خلل، ولكنك أهنت معظم أطباء مصر، والنقابة على رأسها قامات، ولا يصح أن تصمت على إهانة الأطباء. وأقول لك مرة أخرى إن المسؤول عن تردي المنظومة هو وزير الصحة، ومجلس الوزراء، ورئيس الجمهورية، فهل تستطيع خوض هذه المعركة معهم؟"، ليردّ ميدو: "أنا لا أخاف من أحد، ومستعد للذهاب معك إلى مكتب رئاسة الوزراء".
وخالفت الحكومة في مصر المواد 18 و19 و21 و23 من الدستور للعام المالي السابع على التوالي، والتي تلزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي لا تقل عن 3% من الناتج القومي لقطاع الصحة، و4% للتعليم ما قبل الجامعي، و2% للتعليم العالي، و1% للبحث العلمي. في حين خصص مشروع الموازنة الجديدة أقل من 4% لكل هذه القطاعات مجتمعة، بما يعادل نحو ثلث مخصصاتها الدستورية تقريباً.
واقتصرت مخصصات قطاع الصحة على نحو 128 ملياراً و114 مليون جنيه في موازنة عام 2022-2023، مقارنة بـ108 مليارات و761 مليون جنيه في موازنة عام 2021-2022، ومخصصات قطاعات التعليم ما قبل الجامعي والتعليم العالي والبحث العلمي نحو 192 ملياراً و677 مليون جنيه، مقارنة بـ172 ملياراً و646 مليون جنيه.