عنف تركيا... اللاجئون السوريون محاصرون ومرحّلون

03 يوليو 2024
متظاهرون سوريون يعترضون شاحنة تركية في منطقة الباب (بكر القاسم/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- اللاجئون السوريون في تركيا يواجهون تحديات متزايدة بما في ذلك العنصرية والترحيل القسري، مما يدفع البعض للتفكير في العودة إلى سوريا رغم الصعوبات.
- تصاعد الضغوط السياسية والاقتصادية في تركيا يؤدي إلى تحول في السياسة تجاه اللاجئين السوريين، مع تسارع الدعوات لترحيلهم وسط ادعاءات بأن سوريا أصبحت آمنة.
- الاعتداءات على السوريين وممتلكاتهم تبرز التحديات الكبيرة التي يواجهونها، مع جهود تركية لتطويق الأحداث وتعزيز التكامل الاقتصادي والاجتماعي بين اللاجئين والمجتمع التركي.

ما يعيشه اللاجئون السوريون من أحداث عنيفة في تركيا منذ الأحد الماضي، والتي امتدت إلى ولايات عدة وصولاً إلى مناطق محررة في سورية، بدأت تكرّس أكثر فأكثر هدف الترحيل القسري، وسط خوف من تفاقم الأحداث.

"ضاقت بنا الأرض على رحابتها، ولم يعد لنا طاقة على تحمّل الغلاء وسوء المعاملة من الأتراك"... هذا ما يجمع عليه الكثير من اللاجئين السوريين في تركيا بعد تصاعد موجة العنصرية ضدهم مجدداً، والتي تلت حالات ترحيل "طوعية وقسرية" وأحداثاً دامية تخللها تخريب ممتلكات للسوريين في ولايات تركية عدة، منها قيصري وغازي عنتاب وهاتاي، قبل أن تصل الخلافات إلى الداخل السوري وتحديداً شمال غرب الباب وعفرين وريف إدلب الغربي احتجاجاً على وجود نقاط تركية. 
عامر راجي (53 عاماً) هو سوري يقيم في ولاية بارتين شمالي تركيا. يقول لـ "العربي الجديد": "سأغادر تركيا إلى المناطق المحررة وألغي بطاقة الحماية المؤقتة (الكيملك) حفظاً لكرامتي. يكفينا إذلال". فيما يؤكد حسين محمد (68 عاماً) القاطن في ريف ولاية غازي عنتاب، أنه سيغادر مع ولديه إلى ريف إدلب، بعد اكتشافه تجميد بطاقته، واصفاً الأمر بـ"الترحيل المؤدّب"، ورفع إيجار منزله من 3 إلى 11 ألف ليرة تركية. يضيف: "تبقى المناطق المحررة أرحم. تغيّر الأتراك كثيراً عن وقت لجوئنا".
في المقابل، يقول المهندس مصطفى آكاي، إن لجوء السوريين في تركيا "طال وبات يسبب مشاكل كثيرة"، مشيراً في حديثه لـ "العربي الجديد" إلى أن "السوريين تسببوا بغلاء الأسعار وبدلات إيجار المنازل، وقد فاق عددهم في بعض الولايات عدد الأتراك. بدّل الأتراك من العادات والتقاليد" ما يعني برأيه "تغييراً ديموغرافياً خطراً".
ويُشاطره الرأي الأكاديمي بوراك باشران الذي حمّل السوريين "مسؤولية تراجع فرص العمل والغلاء"، مضيفاً في حديثه لـ "العربي الجديد" أن "الحل يكمن في عودة اللاجئين إلى بلدهم. بعضهم يذهب خلال العيد فيما يكتفي آخرون بزيارات ويعودون، ما يعني أن هناك إمكانية للعيش وليس من خطر".

ترحيل اللاجئين 

زادت حالات ترحيل السوريين بعد الانتخابات التركية العام الماضي، رغم تراجع استخدام المعارضة ورقة اللاجئين وتحميلهم وزر تراجع مستوى المعيشة وارتفاع الأسعار وبدلات الإيجار وغيرها. وتكشف مصادر خاصة لـ "العربي الجديد" أن عمليات الترحيل القسرية مقررة من رئاسة الهجرة في مدينتي عنتاب وكلس الآن، وسيتبعها ترحيل في مدن أورفة ومرسين وهاتاي ومرعش، أي مناطق توزع اللاجئين السوريين على امتداد الشريط الحدودي الجنوبي.

يقول رئيس تجمع المحامين الأحرار في تركيا، غزوان قرنفل: "ترحيل السوريين طوعاً وإكراهاً بات سياسة تركية تتوافق عليها الحكومة والمعارضة، لكن التطورات السياسية المتسارعة بين تركيا والنظام السوري، بالإضافة إلى الضغوط التي تتعرض لها الحكومة التركية من أحزاب المعارضة بشأن اللاجئين، والمطالبة بترحيل السوريين على اعتبار أن سورية باتت آمنة، زادت من أعداد المرحلين وفجرت الأحداث، وخصوصاً بعد بيان منظمات المجتمع المدني الشهر الماضي".
يضيف قرنفل لـ "العربي الجديد" أن عملية الترحيل مستمرة وفي أكثر من ولاية، وإن طفت على السطح ولاية غازي عنتاب التي رحلت الآلاف خلال أيام. لكن الترحيل يستهدف من ليس لديه وضع قانوني، أو من لم يلتزم بتحديث البيانات. لكن تم ترحيل حالات نظامية لأسباب لا تستوجب الترحيل".
بدوره، يقول المحلل التركي طه عودة، لـ "العربي الجديد": "موجة ترحيل اللاجئين تزايدت بعد الانتخابات الرئاسية والبلدية. اللافت أن هناك تنافساً كبيراً بين الحكومة والمعارضة حول ملف اللاجئين، والمعارضة تلعب على هذا الوتر لأنها طرحته خلال حملتها الانتخابية وتريد تأكيد التزامها في الشارع". يضيف أن الأحداث الأخيرة تضع مصير اللاجئين في خانة المجهول خلال المرحلة المقبلة، وخصوصاً في ظل الحديث عن تقارب مع نظام الأسد. نتحدث عن الملايين وجيل كامل مرتبط بالتعليم والعمل، وما من طمأنة من الحكومة التركية".
بدوره، يقول رئيس الائتلاف السوري المعارض السابق نصر الحريري، لـ "العربي الجديد"، إنّ "السياسات المتبعة الآن بترحيل السوريين وأثرها المجتمعي موضوع معقد، ولا بد من النظر إلى حقوق اللاجئ من دون إغفال الواقع التركي، بمعنى العمل على سياسة تعزز التكامل الاقتصادي والاجتماعي والحرص على تقديم الدعم والحياة الكريمة للاجئ والتركي في آن". يضيف الحريري أنه "منذ بداية الثورة وجراء استخدام العنف والقتل من قبل النظام السوري، استقبلت تركيا ولا تزال أكثر من أربعة ملايين سوري بين حملة الكيملك والإقامات السياحية والإنسانية". لكن وبعد استخدام المعارضة وأحياناً الحكومة اللاجئين ورقة سياسية، اتبعت تركيا خلال السنوات الأخيرة وسائل لترحيل اللاجئين من خلال العودة الطوعية إلى شمال غرب سورية. وقدمت أحياناً إغراءات لتحفيز تلك العودة، بالإضافة إلى إجراءات صارمة حيال المخالفين وتقييد الحركة بين المدن، عدا عن إتفاقيات دولية عقدتها تركيا لتخفيف حمل اللاجئين عنها. 

موجة ترحيل اللاجئين تزايدت بعد الانتخابات الرئاسية والبلدية (هاكان آكغون/ Getty)
موجة ترحيل اللاجئين تزايدت بعد الانتخابات الرئاسية والبلدية (هاكان آكغون/ Getty)

تلك السياسات أدّت إلى توتّرات داخل المجتمع التركي بعد تولد شعور بأن اللاجئين هم سبب العبء الاقتصادي والتغيير الديموغرافي، وهو ما حاولت بعض أحزاب المعارضة بثه وتكريسه وخصوصاً قبل وخلال الانتخابات، ما خلق ردود أفعال وأعمال عنف بعد تراجع تلبية احتياجات الأتراك في قطاعات محددة مثل التعليم والصحة وارتفاع أسعار المنتجات الغذائية. التوترات في المجتمع التركي تنعكس للأسف، إلى خارج الحدود، كما رأينا اليوم شمالي سورية. للأسف، الأمر ليس في مصلحة البلدين الشقيقين، والأحداث لا تخدم إلا النظام والأطراف الداعمة له. ومن غير المستبعد تدخل أطراف لتأجيج الأحداث، داعياً إلى البحث عن حلول حقيقية ودائمة للاجئين.
وبحسب بيانات دائرة الهجرة التركية، يبلغ عدد اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا الآن 3 ملايين و120 ألفاً و430 شخصاً، بعدما كان عددهم 3 ملايين و158 ألفاً و724 شخصاً في فبراير/ شباط الماضي. في حين وبحسب المصدر نفسه، بلغ إجمالي عدد السوريين الخاضعين لبند "الحماية المؤقتة" في عموم الولايات التركية، 3 ملايين و226 ألفاً و141 شخصاً نهاية عام 2023 بعد تراجعه بنحو 309 آلاف سوري تم ترحيلهم عام 2023. 
ويرى الناشط السوري طه الغازي، أن "تفجير المشكلة الأخيرة" جاء جراء بيان صادر عن 41 منظمة مجتمع مدني تركية في 17 الشهر الماضي، تلاه ترحيل مئات السوريين قسرياً من ولايتي عنتاب وكلس، لأن البيان تطرق إلى خطر السوريين على التركيبة المجتمعية والديموغرافيا، "فالمدينة تغرق تحت وطأة تواجد اللاجئين السوريين ما يهدد هوية وثقافة ومستقبل المدينة".

اختار وعائلته مغادرة تركيا والعودة إلى حلب (باقر قاسم/ الأناضول)
اختار وعائلته مغادرة تركيا والعودة إلى حلب (باقر قاسم/ الأناضول)

ويقول الغازي لـ "العربي الجديد" إنّ بيان المنظمات الذي طالب الحكومة التركية بإعادة النظر في سياستها حيال ملف اللاجئين السوريين، والعمل على تسهيل عودتهم الطوعية إلى بلادهم، اعتمد على تصريح رئيس الحركة القومية دولت بهشلي، ومفاده بأن وجود السوريين يشكل خطراً على الديموغرافيا التركية ولا بد من تسهيل عودتهم إلى بلادهم، ما دفع وزير الداخلية التركي علي يرلي قايا، إلى عقد لقاء في مدينة عنتاب مع ممثلين لعدد من منظمات المجتمع المدني التركية. كما أكد لهم أن ما تقوم به رئاسة الهجرة ووزارة الداخلية من عمليات مكافحة الهجرة غير الشرعية ما هي إلّا إجراءات كان قد طالب بها الرئيس رجب طيب أردوغان منذ اليوم الأول لتشكيل الحكومة العام الماضي. 
وثمّة من يرى أنّ تصريحات وزير الخارجية هاكان فيدان، ثم تصريحات الرئيس رجب طيب أردوغان، حول التقارب والتطبيع مع نظام بشار الأسد، وعن لقاء مرتقب، ساهمت في الاحتقان وصولاً إلى حرق ممتلكات السوريين في ولايات عدة بعد ارتفاع وتيرة الترحيل القسري التي تقدرها مصادر "بمئات الآلاف ما بعد الانتخابات الرئاسية وصولاً إلى ترحيل مليون سوري العام الجاري".
ويقول آخر سفير لتركيا في سورية عمر أنهون، لـ "العربي الجديد": "هناك بعض التطورات التي يمكن اعتبارها إيجابية في العلاقات بين تركيا وسورية، لكن لا يمكن القول إن العلاقات تتحسن بشكل حاسم أو إن المشاكل ستحل سريعاً، وفي مقدمتها قضية اللاجئين. الوقت سيحدد مستوى التقدم في حل القضايا التي تحتاج مناقشة، وهي تتعدى علاقة الطرفين إلى أطراف ودول فاعلة".

لاجئ سوري يشتري الفاكهة في تركيا (كان إيروك/ فرانس برس)
لاجئ سوري يشتري الفاكهة في تركيا (كان إيروك/ فرانس برس)

وحول عودة اللاجئين السوريين، يقول أنهون: "من المؤكد أن اللقاءات بين الأسد وأردوغان سيكون لها تأثير إيجابي، لكن توقع عودة السوريين في تركيا فوراً لمجرد لقاء الرئيسين سيكون تبسيطاً غير واقعي، بل سيعمل الجانبان على خريطة طريق متفق عليها لأن السوريين الذين يريدون العودة من حقهم أن يتأكدوا، على الأقل، أنه لن يتم القبض عليهم أو سجنهم لدى عودتهم. كما أن هناك أشياء كثيرة لا بد من الاتفاق والتوافق عليها".
وعن ضمانات تركيا للعائدين إلى سورية، يشير أنهون إلى أن بلاده ستقدم المساهمة اللازمة لعودتهم إلى بلادهم. لكنه يستدرك حديثه بالقول إن سورية هي مصدر المشكلة، بالتالي من الواجب أن تتخذ دمشق الخطوات التي من شأنها تسريع الحل. وعلى الأسد إعطاء ضمانات وثقة معينة لمن سيعودون حتى تكون مسألة العودة أسهل.
ويوضح أن تركيا، وهي صاحبة الثقل الإقليمي، قد تخلت عن فكرة سورية دون الأسد، وتسعى الآن إلى إقامة علاقة تعاون مع دمشق، مبيناً أثر الدور الروسي بالتطبيع الذي بدأ عام 2021 من خلال الأجهزة الاستخباراتية، والتي أعقبتها اجتماعات بين وزيري الدفاع والخارجية من كلا البلدين.
بدوره، يقول رئيس أكاديمية الفكر للدراسات الاستراتيجية وعضو حزب "العدالة والتنمية" باكير أتاجان، إن الاحتقان لدى كلا الطرفين، وخصوصاً الاقتصادي، والترحيل واستصدار أذونات السفر، كلها عوامل زادت من أسباب المشكلة التي تطورت لتصل إلى شمال سورية وولايات عدة. يضيف في حديثه لـ "العربي الجديد" أن الضغوط متعددة على اللاجئين السوريين من جهات عدة، أي تركيا وسورية، وهو ما أدى إلى الانفجار الذي نعيشه اليوم. ويؤكد أن تصريح أردوغان كان سبباً مهماً بزيادة الاحتقان وتسارع الأحداث، لكن علينا أن نعي أن التوتر الحالي له آثار اجتماعية ليس بين السوريين والأتراك فحسب، بل بين الأتراك أنفسهم.

تبدل شكل الأحداث

الأحداث التي شهدتها ولاية قيصري ليل الأحد الماضي، وأسفرت عن تخريب وإتلاف ممتلكات سوريين من بينها سيارات ومنازل ومتاجر، شكلت نقطة تحول في العلاقة بين تركيا واللاجئين، وخصوصاً بعد الاعتداء على لاجئين وممتلكاتهم في ولايات عدة أي غازي عنتاب وهاتاي وأنطاكيا، قبل أن تنتقل إلى شمال غربي سورية المحرر حيث تتواجد قوات ومصالح تركية. 
ويجمع أتراك وسوريون على أن أحزاب معارضة أججت الخلاف عبر الخطاب العنصري الذي تضخه باستمرار، وخصوصاً بعد تصريحات رؤساء أحزاب عن نيتهم "ترحيل السوريين ولقاء رئيس النظام السوري. ويرى هؤلاء أنّ استغلال وسائل التواصل الإعلامي كان سبباً إضافياً في زيادة رقعة الأحداث وصولاً إلى العنف، لكثر التحريض ونشر المعلومات الكاذبة وفيديوهات قديمة، لا علاقة لها بالأحداث الأخيرة حسب هؤلاء.

ترحيل السوريين طوعاً وإكراهاً بات سياسة تركية (سيليستيو آرك/ Getty)
ترحيل السوريين طوعاً وإكراهاً بات سياسة تركية (سيليستيو آرك/ Getty)

ويشدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على أنه "لا يمكن تحقيق أي هدف من خلال تأجيج معاداة الأجانب وكراهية اللاجئين في المجتمع"، مضيفاً أن "الخطاب المسموم للمعارضة أحد أسباب الأحداث المحزنة التي تسببت بها مجموعة صغيرة في ولاية قيصري ليل الأحد".
ولم تقف تركيا مكتوفة الأيدي أمام إساءة أتراك لسوريين وممتلكاتهم، إذ أعلن وزير الداخلية علي يرلي قايا أول من أمس الاثنين، عن توقيف 67 شخصاً يشتبه باعتدائهم على أملاك للسوريين في ولاية قيصري التي شهدت أعمال شغب عقب إدعاءات بتحرش سوري بطفلة سورية من أقاربه. وفيما يتعلق بتأجيج العنصرية ونشر أخبار كاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي، أعلنت الأجهزة الأمنية التركية عن حملة اعتقالات لأصحاب حسابات إلكترونية تعمل على التحريض بين الناس ونشر إشاعات الفتنة.
وكان وزير الداخلية التركي قد كشف أنه تمت مشاركة 343 ألف منشور من حوالي 79 ألف حساب على مواقع التواصل الاجتماعي، 37% منها وهمية، وتبين أن 68% من المنشورات كانت استفزازية وسلبية. وأكد عدم التسامح "مع أولئك الذين يهددون السلام والأمن في بلادنا، أو ينشرون مضامين استفزازية، أو ينخرطون في خطاب الكراهية".
ويقول رئيس دائرة الإعلام في الرئاسة التركية فخر الدين ألطون: "نتابع عن كثب الأجواء المتوترة الناتجة من التحريض ضد اللاجئين السوريين. لن تنجح هذه الخطط التي تنفذها عناصر معادية لتركيا بهدف إفساد أمن البلاد"، داعياً عبر بيان المواطنين "إلى تسهيل عملنا عبر عدم الالتفات لهذه الأخبار، وعدم الاستماع لأي مصادر غير المصادر الرسمية والجهات الموثوقة".

كما أكد وزير العدالة التركي يلماز طنتش أن التحقيقات مستمرة من قبل مكتب المدعي العام بشأن الأنشطة التي تهدف إلى زعزعة وحدة أمتنا وسلام بلادنا من خلال استهداف اللاجئين السوريين، فضلاً عن المحاولات الاستفزازية والادعاءات التي لا أساس لها من الصحة على وسائل التواصل الاجتماعي. بدأ إصدار أوامر الاعتقالات. وبينت مصادر تركية رسمية، أن الفيديو الذي انتشر بشكل واسع بين أوساط السوريين خصوصاً في الشمال السوري لعناصر من الشرطة التركية وهم منخرطون في تفريق مدنيين بالعصي وبخاخ الفلفل، هو في الحقيقة قديم ونشر في إبريل/ نيسان 2024، ويستهدف مواطنين أتراكا.

مساعي تهدئة

وتحاول تركيا، عبر وسائل عدة، تطويق الأحداث التي اتسعت إلى ولايات تركية عدة وشمال سورية، عبر محاسبة المسيئين للاجئين وممتلكاتهم، وتعويض المتضررين ومحاسبة من تقول إنهم أججوا المشاكل. وتقول عضو اللجنة المشتركة التركية السورية إيناس النجار، لـ "العربي الجديد": "نحن على تواصل مع الحكومة التركية على كافة الأصعدة الحكومية والاجتماعية للتشديد على ضرورة إيقاف العنصريين ووضع حل جذري للأمر من خلال قوانين صارمة".
تضيف النجار أن اللجنة المشتركة تواصلت مع قادة الرأي في مدينة قيصري "وشكلنا غرفة طوارئ لرصد الحالات"، ولكن "للأسف" سرعان ما انتشرت الحالة في الشمال السوري وبقية المدن التركية، مشيرة إلى ضرورة تهدئة إخواننا في الشمال السوري لأن هذه نهاية الفتنة ليست مفيدة للطرفين.
وعلمت "العربي الجديد" من مصادر خاصة، أن مساعي تطويق الأحداث تتزايد وبدأت تجدي نفعاً بعد التشارك بين الحكومة التركية ومنظمات المجتمع المدني وجهات سورية. وتكشف المصادر أنه تم تشكيل غرفة عمليات للأزمة من قبل مديرية الهجرة في غازي عنتاب حيث هناك تمثيل للجالية السورية في غازي عنتاب. وطلبت "غرفة العمليات" ممن تعرض هو أو أحد من معارفه لأي أذى مادي أو معنوي نتيجة الأحداث الأخيرة التواصل مع رئيس الجالية أو أعضاء مجلس الإدارة في الجالية للتوثيق لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة والتعويض لاحقاً عن الأضرار المادية.
من جهتها، خاطبت هيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات (İHH) الأتراك والسوريين، عبر بيان، صباح أمس، قائلة إن الاحتجاجات التي وقعت في مدينة قيصري وفي ولايات جنوبية تركية وفي المناطق الشمالية من سورية، هي اعتداء صارخ على الأخوة التي تربط بين الشعب التركي والسوري منذ قرون، داعية الجميع إلى التعقل ضد جميع الاستفزازات والابتعاد عن جميع أنواع الأعمال التي من شأنها تعريض سلام المجتمع وأمنه للخطر.