غزة: أهالي أطفال شهداء يتظاهرون في المقبرة حيث سقطوا مطالبين بمحاكمة الاحتلال
وقف والد الشهيد نظمي أبو كرش (14 عاماً)، أمام قبره في مقبرة الفالوجا، شمالي قطاع غزة، وقد وضع صورته على قبره مع بعض الزهور، وراح يتذكر اللحظات الأخيرة التي سبقت استهدافه مع مجموعة من الأطفال واليافعين في داخل المقبرة من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
وقد شارك فايز أبو كرش مع مجموعة من أهالي الأطفال الشهداء الخمسة الذين استُهدفوا في خلال العدوان الأخير في وقفة في داخل مقبرة الفالوجا، مساء اليوم الثلاثاء، للمطالبة بفتح تحقيق دولي عاجل وسريع ضدّ الاحتلال في محكمة الجنايات الدولية.
ورفعت العائلات المشاركة في الفعالية الاحتجاجية لافتات كتب عليها "اغتالوا الطفولة" و"الأطفال في مرمى الاستهداف الإسرائيلي"، إلى جانب شعارات تدعو إلى تحقيق دولي شفاف ومستقل في هذه الجريمة الإسرائيلية.
وكانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية قد نقلت عن مسؤول أمني إسرائيلي، صباح اليوم الثلاثاء، اعترافه بمسؤولية قوات الاحتلال عن القصف الذي طاول الأطفال الشهداء في داخل المقبرة، من دون أن يقدّم أسباباً وراء القصف.
والأطفال الشهداء الذين استهدفهم الاحتلال في هذه المجزرة هم جميل إيهاب نجم (13 عاماً)، وجميل نجم الدين نجم (أربعة أعوام)، وحامد حيدر نجم (16 عاماً)، ومحمد صلاح نجم (17 عاماً)، ونظمي فايز أبو كرش (14 عاماً).
يقول فايز أبو كرش، لـ"العربي الجديد"، إنّ "ابني اعتاد منذ وفاة والدته قبل نحو أربعة أعوام على التوجّه يومياً إلى المقبرة والجلوس بجوار قبرها، وظلّ مواظباً على هذا الأمر حتى في خلال جولة التصعيد الأخيرة قبل أن يباغته القصف الإسرائيلي هو ومن معه".
ويشير أبو كرش إلى أنّه "منذ اللحظة الأولى، لم أشكّ في أنّ الاحتلال الإسرائيلي هو المسؤول عن هذه الحادثة، نتيجة القصف الشديد الذي تعرّضت له المقبرة من قبل طائرات الاستطلاع الإسرائيلية، الأمر الذي أدّى إلى تمزيق جثامين الأطفال".
وبحسب أبو كرش، فإنّه لم يعرف باستشهاد ابنه إلا بعد نقله إلى المستشفى الإندونيسي في شمال قطاع غزة، بسبب شدّة القصف الإسرائيلي، لافتاً إلى أنّه أحد شهود العيان على القصف منذ اللحظات الأولى لاستهداف المقبرة من قبل الاحتلال، ويطالب بـ"فتح تحقيق دولي عاجل ومستقل ضدّ المسؤولين الإسرائيليين وتقديمهم إلى المحاكمة العاجلة، على الرغم من تأكّدي من أنّ الاحتلال لن يوقف جرائمه بحقّ الشعب الفلسطيني والقطاع كونه اعتاد على ذلك".
من جهته، رفع حيدر نجم، والد الشهيد حامد نجم، صورة لابنه إلى جانب لافتة كُتب عليها "اغتالوا الطفولة"، في إشارة إلى الجريمة الإسرائيلية التي طاولت ابنه ومجموعة من أبناء عمومته في خلال القصف الإسرائيلي الذي استهدف المقبرة، حيث كانوا يلعبون بالقرب من قبر جدّهم.
ويحمّل نجم الاحتلال الإسرائيلي "المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة، إذ قصف المقبرة واستهدف الأطفال وهم يلعبون بشكل واضح أمام مرمى طائراته التي كانت تغطي سماء القطاع في خلال جولة التصعيد"، بحسب ما يقول لـ"العربي لجديد". ويشدّد نجم على أنّ "عائلات الشهداء سوف تمضي في إجراءات قانونية دولية ضدّ الاحتلال لملاحقة المسؤولين عن هذه الجريمة ومن أجل تقديمهم لمحاكمة دولية، إلى جانب اتّخاذ إجراءات أخرى مع المؤسسات المختصة، أملاً في فضح جرائمه".
أمّا نجم الدين نجم، والد الشهيد جميل، الأصغر بين هؤلاء الشهداء، إذ يبلغ الرابعة من عمره، فيطالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينيين بتدويل قضية اغتيال أبنائهم في المؤسسات الدولية وعبر السفارات الفلسطينية.
ويؤكد نجم، في كلمة ألقاها في خلال الفعالية بالنيابة عن أهالي الشهداء الأطفال، أنّ العائلات سوف تمضي في إجراءاتها القانونية، وسوف تعمل على ملاحقة قادة الاحتلال على جريمتهم في حقّ أبنائها، خصوصاً أمام محكمة الجنايات الدولية.
وهذه ليست المرّة الأولى التي يستهدف فيها الاحتلال الإسرائيلي أطفالاً في جولات التصعيد، والمجزرة التي ارتكبت في حقّ أطفال عائلة بكر في عام 2014 شاهدة على ذلك، علماً أنّ هؤلاء الصغار كانوا يلعبون على شاطئ بحر غزة.