في يوم الأسير الفلسطيني.. أطفال يحلمون بجمع شملهم مع آبائهم

غزة

علاء الحلو

avata
علاء الحلو
17 ابريل 2023
في يوم الأسير الفلسطيني.. أطفال يحلمون بجمع شملهم مع آبائهم
+ الخط -

لم تتمكن الطفلة الفلسطينية رانيا المبحوح، وشقيقها الأصغر طارق، من مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة، من إخفاء شوقهما لوالدهما الأسير في السجون الإسرائيلية يوسف المبحوح، وقد باتا يحلُمان باحتضانه، ومُشاركته لحظات التجهيز لعيد الفطر.

وتُشكل الذكرى السنوية ليوم الأسير الفلسطيني، والتي تُصادِف السابِع عشر من شهر إبريل/ نيسان، من كُل عام، مُناسَبة لمُضاعفة شوق وحنين أهالي الأسرى، وتحديدا الأطفال، الذين يحلمون برؤية آبائهم، وقضاء تفاصيل مُناسباتهم معهم، دون حواجز.

وتحل الذكرى السنوية هذا العام ثقيلة على قلوب أطفال الأسرى، حيث تتزامن مع اقتراب حُلول عيد الفِطر، وهي المُناسبة التي تنكأ جراحهم، إذ يفتقدون عيدية الآباء، واللحظات الأُسرية الدافئة والهانِئة، التي تحول قضبان السجون الإسرائيلية بينهم وبين مُعايشتها.

ويبلغ عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، قرابة (4800) أسير، منهم (29) أسيرة، ونحو (170) قاصرا، إلى جانب (650) أسيرا مريضا بأمراض مزمنة، ومن بينهم (24) مصابين بمرض السرطان، و(1020) معتقلا إداريّا، وقد شهد العام الحالي زيادة واضحة في أعداد المُعتقلين الإداريين، وبلغ عدد الأسرى الشهداء (236) شهيدا، فيما بلغ عدد أسرى قطاع غزة في سجون الاحتلال حتى نهاية شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، (210) أسرى، بينهم (27) أسيرا محكوما بالسجن المؤبد مدى الحياة، وفق الإحصائية التي أعلنتها وزارة الأسرى والمحررين، في مدينة غزة مطلع شهر إبريل/ نيسان الجاري.

وتقول الطفلة رانيا المبحوح لـ "العربي الجديد": إنها تتمنى أن تعيش تفاصيل الحياة اليومية مع والدها، كبقية أطفال العالم، وتحديدا في المُناسبات السنوية، كشهر رمضان، والأعياد، والاحتفالات، والمُناسبات الأُسرية والعائلية.

وتوضح رانيا أنها لم تستمع إلى صوت والدها مُنذ عام ونصف، ولم تزره منذ ثلاثة أعوام، وتنتظر اللحظة التي تُكحل عينيها برؤيته، "نفسي أشوف بابا، ونجتمع على سُفرة رمضان، ونتحدث إلى بعضنا البعض، وأن نقضي العيد معا، مثل بقية الأطفال".

وقامت قوات الاحتلال الإسرائيلي باعتقال والد الطفلين طارق ورانيا، يوسف المبحوح، منذ 15 فبراير/ شباط، عام 2019، خلال مُشاركته في مسيرات العودة على الحدود مع الأراضي المحتلة، وحُكم عليه بالسجن 15 عاما، وتمت إضافة 8 سنوات على محكوميته، بعد تنفيذه عملية طعن داخل سجن نفحة الصحراوي العام الماضي، انتصارا للأسيرات.

وتُعاني أسرة يوسف المبحوح ظروفا نفسية سيئة، خاصة في ظل حرمانهم من الزيارة، أو معرفة أخباره، فيما لا يزال في العزل الانفرادي منذ عام وثلاثة أشهر.

أما أطفال الأسير الفلسطيني وائل عودة، من مدينة غزة، فقد ظهر الشوق واضحاً على ملامحهم الصغيرة، والمُتلهفة لرؤية والدهم المُعتقل في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ تاريخ الثاني من أغسطس/ آب 2015، وقد حُكِم عليه بالسجن 12 عاماً.

وتتمنى الطفلة ريماس عودة (14 عاما) رؤية والدها في العيد، وهي الأمنية التي طال انتظارها، وتقول إن الأجواء بدون والدها ليست جميلة، أما شقيقها عَميد (12 عاما) فيتمنى أن يُكسر قيد والده الذي لم يره منذ 8 سنوات، ويقول: "من حقنا أن نقضي العيد مع والدنا، مثل بقية أطفال العالم، الذين يُرافِقون آباءهم في أجواء اللعب والمرح"، فيما اكتفت شقيقته الصغرى سندريلا عودة (8 سنوات) بالقول: "مشتاقة لبابا يعَيِّد معنا".

أما الفتى علي شَمالي (15 عاما)، وهو نجل الأسير أحمد شمالي، المُعتقل في سجون الاحتلال منذ العام 2008، والمحكوم بـ18 عاما سجنا، فيقول إنه يحتاج إلى وجود والده، لكي يُشاركه أدق تفاصيل حياته، التي يحرمه السجن من مشاركته إياها.

ويتابع علي، والذي يقطن في حي الشجاعية، شرقي مدينة غزة، حديثه لـ "العربي الجديد"، وقد انتابته غصة الفراق والشوق: "لا طعم ولا نكهة لرمضان أو للأعياد بدون وجود والدي، نحن نمضي الأيام والمناسبات فقط، ولا نعيش تفاصيلها كما يجب".

في الأثناء، يُبين مدير جمعية واعد للأسرى والمُحررين عبد الله قنديل، أن العام الحالي يشهد أوضاعا غاية في الصعوبة، إذ لا يزال الاحتلال الإسرائيلي يُفاقم من معاناة الأسرى، من خلال منع الزيارات، والعزل الانفرادي، والإهمال الطبي، والذي بات يُهدد حياة الأسير وليد دقة، والذي أمضى داخل الأسر 37 عاما، وقد تم استئصال جزء من رئته اليُمنى، بعد تفشي السرطان فيها، وفي أجزاء من جسده.

ويُشير قنديل لـ "العربي الجديد" إلى أن المُناسبات الدينية والمُجتمعية تحمل نوعين من المُعاناة، يتعلق الأول بالأسرى ذاتهم، المحرومين من المعاني الأُسرية والاجتماعية، حيث تمُر الأعوام، تلو الأخرى وهُم داخل السجون، بعيداً عن مائدة الإفطار الرمضانية العائلية، والشعائر الدينية التعبدية، وخاصة من أمضى سنوات طويلة من عمره داخل الأَسر، بينما يتعلق الثاني بالأهالي، الذين يفتقدون رب الأسرة، أو أحد أفرادها المُعتقل داخل السجون في تلك المُناسبات.

ويُحاول الاحتلال الإسرائيلي زيادة التنغيص على الأسرى داخل السجون، وفق حديث قنديل، فإلى جانب الحرمان، يتعرضون كذلك للتأثير على بعض الشعائر الدينية، من خلال مُصادرة المصاحِف، ومنعهم من أداء العبادات والشعائر الدينية بشكل جَماعي، إلى جانب تأخير وَجبتي الإفطار والسحور عن مواعيدها في مرات عديدة، فيما يواجِه الأسرى كل تلك الإجراءات بالصبر والثبات.

ذات صلة

الصورة
دمار بمدرسة تابعة للأونروا بدير البلح، 6 يوليو 2024 (الأناضول)

مجتمع

تواصل إسرائيل للعام الثاني حرمان الطلاب الفلسطينيين من حق التعليم في غزة، ما يضعهم أمام مستقبل غامض ومجهول، وسط تفاقم المعاناة وانهيار النظام التعليمي..
الصورة
تطالب جمعيات رعاية الحيوان بتعامل رحيم مع الكلاب (فريد قطب/الأناضول)

مجتمع

تهدد "كلاب الشوارع" حياة المصريين في محافظات عدة، لا سيما المارة من الأطفال وكبار السن التي تعرّض عدد منهم إلى عضات استدعت نقلهم إلى المستشفى حيث توفي بعضهم.
الصورة
جنديان إسرائيليان يعتقلان طفلاً في الضفة الغربية (حازم بدر/ فرانس برس)

مجتمع

بالإضافة إلى الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة، لا يتوقف الاحتلال الإسرائيلي عن التنكيل بالضفة الغربية، فيعتقل الأطفال والكبار في محاولة لردع أي مقاومة
الصورة
أطفال فلسطينيون ينتظرون حصص طعام في دير البلح وسط غزة - 28 مايو 2024 (حسن جدي/ الأناضول)

مجتمع

تتوالى التحذيرات من المجاعة في غزة التي تقترب أكثر فأكثر من الفلسطينيين المحاصرين والمستهدفين بحرب إسرائيلية مدمّرة منذ أكثر من ثمانية أشهر.
المساهمون