"أيّها المواطن العزيز: مع تمنّي الصحة والسعادة لكم، يؤسفنا إعلامكم بأنّ كورونا أصبح في موجته الرابعة ويبلغ ذروته. فعدد المصابين في معظم مناطق البلاد يتزايد بسرعة كبيرة. لذلك، ومن أجل الحفاظ على صحّتكم وأرواحكم وعائلاتكم، لا تخرجوا يوم سيزده بدر (آخر أيام عطلة النوروز الذي يخرج فيه الإيرانيون إلى المتنزهات) خارج البيت، وضعوا الكمامات، وتجنّبوا الزيارات العائلية وحفلات الأعراس والعزاء والأماكن المكتظة". بعثت وزارة الصحة الإيرانية بهذه الرسالة إلى الإيرانيين عبر هواتفهم النقالة، في أول يوم من الشهر الجاري. رسالة تضمنت إنذاراً شديداً بشأن بدء الموجة الرابعة للجائحة.
وبحسب وزارة الصحة، يبدو أنّ الموجة الرابعة أكثر خطورة من الموجات الثلاث الأوَل.
في هذا السياق، قال نائب وزير الصحة، إيرج حريرجي، للتلفزيون الإيراني، إنّ الإيرانيين الذين لم يصابوا بكورونا من قبل سيكونون أكثر عرضة للإصابة بالفيروس في موجته الرابعة، متوقعاً ارتفاع أعداد الإصابات والوفيات بشكل كبير خلال الأسابيع المقبلة. أضاف أنّ "الملتزمين بالبروتوكولات الصحية هم أكثر عرضة للإصابة بكورونا خلال هذه الموجة، لأنّ الآخرين أصيبوا به لأسباب مختلفة، ومنهم من فقدوا أرواحهم، ومنهم من نجوا بعد الإصابة به".
وبحسب بيانات وزارة الصحة الإيرانية، فإنّ أعداد الوفيات سجلت ارتفاعاً، خلال الأسبوعين الماضيين، بنسبة أكثر من مائة في المائة، إذ كان عددها اليومي في آخر يوم من العام الإيراني الماضي، أي في 20 مارس/آذار الماضي، 75 شخصاً، إلاّ أنّ الرقم وصل إلى 161 أول من أمس الأحد. كما أنّ أعداد الإصابات سجلت ارتفاعاً بنحو 50 في المائة، من 7 آلاف و540 إلى 11 ألفا و680 إصابة في الفترة نفسها.
وأوضحت البيانات أنّ حصيلة الوفيات ارتفعت إلى 63 ألفا و160 حالة، والإصابات إلى مليون و932 ألفاً و74، فضلاً عن ارتفاع أعداد الإصابات الحرجة في غرف العناية المركزة إلى 4057، بينما كان الرقم نحو 3 آلاف قبل نحو أسبوعين. ووصلت أعداد المتعافين إلى مليون و650 ألفاً و569 شخصاً.
كذلك، سجل عدد من المناطق المصنفة "حمراء" بحسب وزارة الصحة، أي التي تشهد تفشياً كبيراً في أعداد الإصابات، ارتفاعاً بنسبة 500 في المائة، إذ كان عدد هذه المناطق في آخر أيام السنة الإيرانية الماضية، أي يوم 20 مارس/آذار الماضي، 9 أقضية فقط، لكنّها وصلت إلى 47 قضاءً أول من أمس الأحد، فضلاً عن ارتفاع المناطق المصنفة على أنّها "برتقالية" (تلي الحمراء لناحية انتشار كورونا)، إلى 126 قضاء بعدما كانت 31.
ويعزو عضو اللجنة الوطنية لمكافحة كورونا في إيران، مسعود مرداني، في حديثه إلى "العربي الجديد"، سبب تفشي كورونا مرة أخرى، وبدء الموجة الرابعة إلى "الإهمال من قبل المواطنين والمسؤولين"، مضيفاً أنّ الكثير من المواطنين، وبعد انخفاض أعداد الاصابات خلال الفترة الماضية إلى حدّ كبير: "تصوروا خطأً أنّ الجائحة قد انتهت وبات يمكنهم ممارسة حياتهم الطبيعية".
والمتّهم الرئيس في تفشي الموجة الرابعة لكورونا في إيران، هي احتفالات "النوروز" وعطل رأس السنة الإيرانية الجديدة التي بدأت يوم 21 مارس/آذار الماضي. وبدأت التحضيرات للاحتفال بالعيد قبل نحو شهر من حلوله، وقد استمرت العطلة نحو أسبوعين حتى الثاني من إبريل/نيسان الجاري. وخلال هذه الفترة، اكتظت الأسواق والشوارع بالمواطنين، وكثرت الزيارات العائلية والرحلات الداخلية خلال الأسبوعين الماضيين، أيام العطلة، ما أدى إلى تفشي كورونا، خصوصاً النسخة المتحورة الجديدة التي تعرف في إيران بـ "كورونا البريطاني" في مختلف المدن والمحافظات الإيرانية. ويشير مرداني إلى أنّ الشارع أهمل كورونا من خلال الممارسات الشعبية، كما لم تفرض السلطات قيوداً صارمة وتصوير الوضع على أنّه عادي.
وهنا يوجه مرداني اللوم إلى السلطات التنفيذية، وليس وزارة الصحة الإيرانية، إذ كان وزير الصحة سعيد نمكي، قد دعا الإيرانيين قبل بدء النوروز إلى عدم القيام برحلات وتجنب التجمعات والزيارات العائلية، ووصل به الأمر إلى رجاء المواطنين الالتزام بهذه التوصيات. ويرى مرداني أنّ البطء في التلقيح هو أحد أسباب تفشي الفيروس، مشيراً إلى أنّ ما استوردته بلاده من لقاحات من الصين وروسيا والهند لا يغطي سوى واحد في المائة من عدد سكانها البالغ نحو 85 مليون نسمة، علماً بأنّ طهران قد حظرت استيراد اللقاحات الغربية مثل لقاح "فايزر" وتعمل على إنتاج عدة لقاحات تخضع للمرحلة الأخيرة من الاختبار على البشر. ويقول مرداني لـ"العربي الجديد" إنّها ستكون جاهزة قريباً.
وفي مواجهة الموجة الرابعة، لم تتخذ السلطات الإيرانية أيّ تدابير وقيود على المستوى الوطني، بل أعلنت فرض قيود في المدن "الحمراء" و"البرتقالية" مثل حظر الدخول إليها وحظر التنقل فيها من العاشرة مساء حتى الرابعة فجراً، وسط توقعات بتشديد القيود في هذه المناطق خلال الأيام المقبلة. وقال مرداني، في حديثه إلى "العربي الجديد"، إنّ احتواء كورونا في البلاد يتطلب "ضرورة مراعاة الإرشادات الصحية، مثل الالتزام بالكمامات خارج البيت والتباعد الاجتماعي وتجنب الرحلات والتجمعات البشرية والتعاون الشعبي، واتخاذ الإجراءات الجادة لتلقيح جميع المواطنين ضد الفيروس".