عُثر على جثة الشاب الثلاثيني موسى الشامي أمام منزله في بلدة دير الزهراني جنوبي لبنان مصابة بطلق ناري وإلى جانبها سلاح حربي، في ظلّ معلومات عن انتحاره ربطاً بالأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد وفقدان المواطنين أدنى مقومات الحياة.
وأشارت "جمعية المودعين" في لبنان (متخصصة في الدفاع عن حقوق المودعين في المصارف اللبنانية) إلى أن الشاب موسى الشامي انتحر تاركاً رسالة صوتية لأحد أصدقائه للاعتناء بأطفاله، ذاكراً أن سبب الانتحار الوضع المعيشي في لبنان وأنه لم يعد يستطيع تأمين قوت أولاده.
الشاب موسى الشامي اقدم على الانتحار تاركا رسالة صوتية لاحد اصدقائه للاعتناء باطفاله حيث ذكر ان سبب الانتحار الوضع المعيشي وانه لم يعد يستطع تأمين قوت اولاده. pic.twitter.com/SZnVYtS5SS
— جمعية المودعين اللبنانيين (@Lebdepositors) March 1, 2023
وضجّت وسائل التواصل الاجتماعي، اليوم الأربعاء، برسالة موسى إلى "علّوش" التي يتحدّث فيها بصوتٍ حزين ومتقطّع بين البكاء والألم والغصّة، ويرجوه الاعتناء بعائلته، ولا سيما طفلته جوري، ويخبره أنه لم يعد قادراً على التحمّل في ظل الظروف المعيشية الصعبة، ما يجعله عاجزاً عن تأمين قوت زوجته وطفليه.
وقال موسى لـ"علّوش"، بحسب التسجيل المنتشر، "لم أجد شخصاً غيرك لأراسله، أنت أكثر من أعرفهم صاحب القلب القوي ويدرك كيفية التصرف، أنا موجودٌ الآن أمام المبنى وسوف أقدم على الانتحار، اهدأ وانتبه على نفسك وعلى دعاء وجواد وجوري، هؤلاء أمانة في رقبتك".
وتابع: "سامحني، أنا لم أؤذك يوماً والله يشهد، وقل لدعاء موسى يحبك كثيراً، ولكن لم يعد قادراً على التحمّل، تعبت، سامحني، واجعل الكل يسامحوني، ولا تدع أحداً يتحدث عني بالسوء".
وأضاف موسى: "دعاء وجواد وجوري أمانة برقبتك، أهم شيء جوري، هي الغصّة، لكن لم أعد قادراً على التحمّل، تعبت وقرفت".
وطلب موسى من "علّوش" عدم محاولة الاتصال به، إذ سيقفل هاتفه ويتوكّل على الله.
وهذه ثاني حالة انتحار يسجّلها لبنان في أقل من 24 ساعة، إذ أطلق شاب من بلدة تعلبايا، في البقاع، أمس الثلاثاء، النار على نفسه من مسدسه، لأسباب ربطت أيضاً بالظروف الاقتصادية الصعبة.
وتكثر حالات الانتحار في لبنان، ولا سيما منذ بدء الأزمة الاقتصادية عام 2019، الذي سجل 170 حالة، وذلك في وقتٍ تسجل العملة الوطنية انهياراً غير مسبوق في قيمتها تخطى الـ95%، مع تجاوز سعر الصرف في السوق السوداء اليوم عتبة الـ90 ألف ليرة، للمرة الأولى في تاريخ البلاد، الأمر الذي يضرب بشكل كبير القدرة الشرائية عند المواطنين.
وترتفع معدلات الفقر والجوع في لبنان نتيجة الأزمة الاقتصادية، والدولرة شبه الشاملة التي دخلت به البلاد، وطاولت اليوم قطاع السوبرماركت الذي بدأ تسعير السلع والمواد الغذائية بالدولار الأميركي، والذي يحتسب على أساس سعر الصرف في السوق السوداء، مع العلم أن الأغلبية الساحقة من المواطنين تتقاضى أجورها بالليرة اللبنانية.
ويواجه المواطنون حصاراً من الغلاء، الذي طاول حتى الفاتورة الاستشفائية، ما جعل المرضى عاجزين عن الدخول إلى المستشفى، وظهر ذلك جلياً بتراجع نسب إشغال الغرف لأكثر من 50% مقارنة بما كان عليه الوضع قبل عام 2019، كما شمل الفاتورة الدوائية بشكل كبير وبات يهدد صحة الناس.
ويعاني لبنان من أزمة سيولة حادة، واحتجاز المصارف لأموال المودعين بالدولار الأميركي منذ عام 2019، مع فرض تعاميم للسحب تفقدهم الجزء الأكبر من قيمتها، في حين أن غالبية القطاعات والخدمات باتت بالدولار الأميركي، بينما عمدت السلطات إلى رفع الدعم عن المحروقات والمواد الغذائية والدواء والسلع الحياتية الأساسية، وزيادة الضرائب على الناس، من دون أن تقدم لهم أي خدمات بديلة، ولا سيما صحياً.