أفادت "لجنة العدالة" (كوميتي فور جستس) بأنّ الحملات الدعائية التي قامت بها السلطات المصرية، بهدف تحسين صورة سجون مصر ومقار احتجازها أمام أنظار المجتمع الدولي، فشلت أمام ما يُسجَّل على أرض الواقع والانتهاكات الفجّة بحقّ المحتجزين، خصوصاً السياسيين من بينهم.
أضافت "لجنة العدالة"، في بيان أصدرته اليوم الأربعاء، أنّ الأوضاع المزرية تلك والانتهاكات التي يتعرّض لها المحتجزون، نتيجة عدم توفّر رقابة أو محاسبة في السجون ومقار الاحتجاز المصرية، أدّت إلى قيام هؤلاء بخطوات تصعيدية في محاولات منهم للحصول على الحدّ الأدنى من حقوقهم الإنسانية الأساسية المحرومين منها، في مخالفة صريحة وواضحة لكلّ الأعراف الإنسانية والمواثيق والعهود الدولية التي سبق أن وقّعت عليها مصر والملزمة بتنفيذها من دون أيّ تمييز.
وفي رسالة سرّبها محتجزون سياسياً في سجن "بدر 3"، أشار هؤلاء إلى نيّتهم التصعيد وإعلان إضراب شامل في حال استمرار منع الزيارات العائلية عنهم والتنكيل بهم من قبل إدارة السجن، بحسب ما جاء في بيان "لجنة العدالة".
وأوضح هؤلاء المحتجزون أنّ إدارة سجن "بدر 3" مصمّمة على حرمانهم من أبسط حقوقهم، التواصل مع ذويهم، سواءً من خلال فتح الزيارات المنصوص عليها قانوناً في لائحة السجون المصرية أو حتى عن طريق الرسائل أو الاتصالات الهاتفية، ولا سيّما أنّ الإدارة تمنع دخول أو خروج أيّ رسائل من شأنها طمأنة المعتقلين على عائلاتهم والعكس.
وأشار المحتجزون، بحسب بيان "لجنة العدالة" نفسه، إلى منعهم من التريّض أو التعرّض لأشعة الشمس حتى، من قبل إدارة السجن، وسط خطر انتشار الأمراض بسبب الاكتظاظ ومنعهم من الخروج من الزنازين.
📢#بيان_صحفي #لجنة_العدالة ترصد سوء الأوضاع المعيشة داخل السجون بـ #مصر وسط تهديدات معتقلي سجن "بدر 3" بالإضراب.. وانتشار الأمراض بسجن "الوادي الجديد "
— Committee For Justice (@cfjusticeorg) January 24, 2024
للمزيد: https://t.co/SHEztbOKFW#CFJ pic.twitter.com/XpOwK3jAJg
أمّا في سجن "الوادي الجديد" الذي يُطلَق عليه اسم "سجن الموت" من قبل المحتجزين فيه وأهاليهم نتيجة قسوة الأوضاع فيه، فقد رصدت "لجنة العدالة" أخباراً عن تفشّي أمراض جلدية في السجن نتيجة منع إدارته إدخال أدوات النظافة الشخصية والعامة من الخارج في أثناء الزيارات، بالإضافة إلى عدم كفاية ما يخصَّص منها للمحتجزين، خصوصاً مع الاكتظاظ الشديد في الغرف والعنابر الاثنَي عشر، إلى جانب عدم نظافة مياه الشرب وكذلك مياه الاستحمام.
ولفت المحتجزون في "الوادي الجديد" إلى أنّ إدارة السجن تتعمّد منع العلاج عن الأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض أمراض جلدية معدية، الأمر الذي أدّى إلى انتشارها.
وذكر عدد من المحتجزين في سجن "الوادي الجديد"، بحسب ما جاء في بيان "لجنة العدالة"، أنّ السبب وراء عدم سماح إدارة السجن بإدخال الأدوية أو أدوات النظافة العامة والشخصية هو تخوّفها من احتمال استخدامها في عمليات الانتحار التي قد يقدم عليها أفراد من المحتجزين، نتيجة الأوضاع المأساوية التي تجبر إدارة السجن المحتجزين على عيشها.
لا إرادة سياسية لإصلاح السجون في مصر
ورأت "لجنة العدالة"، في بيانها، أنّ "من الواضح غياب الإرادة السياسية في إصلاح أنظمة السجون ومقار الاحتجاز في مصر ووضع حدّ للأزمة الحقوقية في البلاد، فلا إصلاح حقيقيا ملموسا يمكن أن نلحظه في الملفّ الحقوقي بشكل عام، وملفّ السجون ومقار الاحتجاز بشكل خاص".
وتابعت اللجنة أنّ مجمّع سجون بدر، الذي يهدّد المحتجزون فيه بالإضراب فيما تقدّمه السلطات المصرية على أنّه أيقونة نجاح في استبدال السجون التقليدية بمراكز إصلاح وتأهيل وفقاً للمعايير الدولية الحقوقية، افتتح بعد فترة وجيزة من إطلاق السلطات الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في مصر في سبتمبر/ أيلول 2021، وعلى الرغم من ذلك فإنّ "الواقع العملي أثبت فشل كلّ تلك الدعايات". وتساءلت اللجنة: "فما نفع تطوير المباني فيما العقول التي تديرها هي بلا تغيير".
وحمّلت "لجنة العدالة" وزارة الداخلية المصرية ومصلحة سجون مصر مسؤولية تردّي أوضاع المحتجزين سياسياً في مقار الاحتجاز والسجون التي تشرفان عليها. وطالبت بالتزام مصر بالعهود والمواثيق الدولية الموقّعة عليها، ومن أبرزها قواعد مانديلا لحماية حقوق الأشخاص المحرومين من حريتهم التي اعتمدتها منظمة الأمم المتحدة قواعد نموذجية دنيا لمعاملة السجناء.
كذلك طالبت "لجنة العدالة" إدارتَي سجن "بدر 3" وسجن "الوادي الجديد" بتطبيق القانون المصري ولوائحه المنفّذة بشأن الحقّ في الاتصال بالعالم الخارجي والحقّ في الظروف المعيشية اللائقة إنسانياً والحقّ في الرعاية الصحية.