- يُبرز التقرير حالات لستة حقوقيين مصريين تعرضوا للترهيب والانتقام، مثل إبراهيم متولي وعزت غنيم، بسبب تعاونهم مع وكالات الأمم المتحدة، مما يعكس نمطًا من القمع ضد المدافعين عن الحريات الأساسية.
- في ختامه، يؤكد التقرير على تصعيد الاعتداءات على المدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين، مشيرًا إلى تجميد الأصول والاعتقالات التعسفية، ويدعو إلى التدخل الدولي لحماية حقوق الإنسان في مصر.
أفادت "لجنة العدالة - كوميتي فور جستس" بأنّ السلطات في مصر ترى في التعاون مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية محاولة من قبل منظمات المجتمع المدني وموظّفيها لتشويه صورتها أمام الرأي العام الدولي. أضافت بالتالي أنّ "أيّ فرد يشارك في أعمال الدعوة مع الأمم المتحدة أو غيرها من الكيانات، كوسيلة للحفاظ على نوع من الضوابط والتوازنات ضدّ النظام الاستبدادي، يتعرّض بشكل منهجي لخطر كبير للحرمان التعسفي من الحرية والاعتقال لأجل غير مسمى والإخفاء القسري وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان".
وقد جاء ذلك في مقدّمة التقرير السنوي الذي رفعته "لجنة العدالة" إلى الأمين العام لمجلس حقوق الإنسان، وتناولت فيه حالات الترهيب والانتقام بسبب التعاون مع وكالات الأمم المتحدة، والذي قدّم تحديثات للحالات التي أُرسلت إلى الأمين العام في تقارير سابقة، وفقاً لمبدأي "عدم الإضرار" و"الموافقة المستنيرة" اللذَين تعتمدهما اللجنة في توثيقها الانتهاكات الحقوقية.
وتناول التقرير حالات ستّة حقوقيين مصريين، أوّلهم المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان ومؤسس رابطة أهالي المخفيّين قسراً في مصر إبراهيم متولي حجازي، المحتجز منذ عام 2017 على ذمّة قضايا متعدّدة جُدّد احتجازه فيها (من خلال التدوير)، علماً أنّ حبسه احتياطاً يتجدّد بطريقة منهجية حتى يومنا هذا، من دون أيّ اعتبار للقانون أو المعايير الأساسية للمحاكمة العادلة.
ويُعَدّ المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان والمؤسس والمدير التنفيذي للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات عزت عيد طه فضل غنيم، المحتجز منذ الأول من مارس/ آذار 2018، الحالة الثانية التي تطرّق إليها التقرير الحقوقي نفسه. وشرح التقرير أنّه بناءً على التهم الموجّهة إلى غنيم في القضية رقم 1552 لسنة 2018، حكمت عليه محكمة أمن الدولة طوارئ في مصر بالسجن مدّة 15 عاماً. وبيّنت اللجنة أنّ "هذه القضية خير مثال على فبركة الاتهامات ضدّ المدافعين عن حقوق الإنسان والمتواصلين مع الأمم المتحدة"، مضيفة: "بما أنّ التهم الموجّهة إليه تشمل التواصل مع مؤسسات أجنبية، فهناك أسباب معقولة للاعتقاد أنّ اعتقاله قد يمثّل شكلاً من أشكال الانتقام"، وذلك على خلفية "تعاونه مع الأمم المتحدة والكيانات الدولية".
وعن حالة المحامية الحقوقية وعضو مجلس إدارة التنسيقية المصرية للحقوق والحريات هدى عبد المنعم، التي أوقفت في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني 2018 وحُكم عليها بالسجن مدّة خمس سنوات في القضية ذاتها التي حُكم فيها على غنيم، أوضح التقرير الحقوقي أنّ مدّة الحكم انتهت في الأوّل من نوفمبر 2023، لكنّ احتجازها جُدّد على ذمّة قضية جديدة وهي ما زالت حتى يومنا محتجزة على ذمّتها. وأشار إلى أنّ حالتها الصحية تدهورت من دون أن تأخذ السلطات في مصر ذلك في الاعتبار.
وعرض التقرير حالة المدافع عن حقوق الإنسان والعضو السابق في حركة "كفاية" المصرية المعارضة والمشارك في تأسيس رابطة عائلات المخفيّين قسراً في مصر أحمد شوقي عبد الستار محمد عماشة، الذي أوقف في مارس/ آذار 2017، وأُطلق سراحه لأشهر عدّة في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، قبل أن يُعاد توقيفه في يونيو/ حزيران 2020 ويُحتجز في سجن طرّة شديد الحراسة، علماً أنّه محروم من الزيارات العائلية والاستشارة القانونية.
وذكر تقرير "لجنة العدالة" أيضاً حالة رامي كامل صليب، الذي أوقف في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، بعد أن رافق المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالحقّ في السكن ليلاني فرحة في زيارات للأقباط النازحين في محافظة المنيا ومنطقة الوراق في القاهرة في سبتمبر/ أيلول 2018. وقد جُدّد حبس صليب الاحتياطي باستمرار إلى حين إطلاق سراحه في الثامن من يناير/ كانون الثاني 2022. ورأى التقرير، على الرغم من إطلاق سراحه، أنّ قضية صليب مثال واضح لا لبس فيه للأعمال الانتقامية بسبب التواصل والعمل بصورة وثيقة مع الأمم المتحدة.
أمّا الحالة الأخيرة التي تناولها تقرير "لجنة العدالة" فتعود إلى المحامي الحقوقي والمدير التنفيذي لمركز عدالة للحقوق والحريات محمد الباقر، الذي أوقف في سبتمبر/ أيلول 2019 في أثناء دفاعه عن الناشط السياسي المصري علاء عبد الفتاح وأُدرج في إطار القضية نفسها المتّهم فيها عبد الفتاح. وفي 31 أغسطس/ آب 2020، عُرض الباقر أمام نيابة أمن الدولة العليا للاستجواب، ليتبّين أنّه قُدّم على ذمّة قضية جديدة تحمل رقم 855 لسنة 2020. وزعمت تحريات أمن الدولة الملحقة بالقضية أنّ الباقر تواصل، خلال الزيارات وساعات التدريب، مع أفراد مجموعة إرهابية من أجل تجنيد أشخاص جدد والعمل على خدمة أهداف هذه المجموعة عبر الإخلال بأمن البلاد. وفي 19 يوليو/ تموز 2023، أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عفواً رئاسياً عن الباقر، وأُطلق سراحه في اليوم التالي، بعد أن أمضى نحو أربع سنوات في السجن. لكنّ اسمه، بحسب التقرير، ما زال مدرجاً على قوائم الإرهاب في القضية رقم 1781 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا.
وفي ختام تقريرها، رأت "لجنة العدالة" أنّ الحالات الستّ التي تناولتها تأتي في سياق الحرب التي تُشنّ ضدّ المدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين بسبب تواصلهم مع الأمم المتحدة، لا سيّما أنّ التهم الموجّهة إليهم بمعظمها في إطار التواصل مع مؤسسات أجنبية ونشر أخبار كاذبة. واستناداً إلى ذلك، أوضحت اللجنة أنّ الحالات التي تناولتها في تقريرها تشير إلى تصعيد مخيف لاعتداء الدولة المصرية على منظمات حقوق الإنسان المصرية، يأتي في أعقاب تجميد الأصول والاستجوابات والاعتقالات التعسفية. وأكّدت أنّ الحالات كلها أمثلة على فبركة اتهامات ضدّ المدافعين عن حقوق الإنسان والمتعاونين مع الأمم المتحدة.