لقاح "سبوتنيك-في" المضاد لكوفيد-19 غير فعّال في تخفيف ارتياب الروس

01 نوفمبر 2021
ثمّة خوف وترقّب وعدم ثقة تعرقل إقبال الروس على التحصّن ضدّ كوفيد-19 (دونات سوروكين/ Getty)
+ الخط -

 

تجزم تامارا قائلة "لن أتلقّى أبداً سبوتنيك-في الذي يسمّى لقاحاً"، في حين يؤكّد فياتشيسلاف أنّ "لا ثقة لديّ بالسلطات الروسية وأفضّل الانتظار"، أمّا ألكسندر فيقرّ "اشتريت شهادة صحية مزيّفة". وكلّ ذلك ما هو إلا دلالة واضحة على ارتياب المواطنين إزاء هذا اللقاح المضاد لكوفيد-19 الذي طوّرته روسيا.

وبسبب الخوف أو عدم الثقة أو الترقّب، يرفض عشرات ملايين الروس تلقّي لقاح "سبوتنيك-في" الذي طوّرته بلادهم، الأمر الذي يؤدّي الى إفشال حملة التحصين التي ينظّمها الكرملين في أوج انتشار فيروس كورونا الجديد الذي يحصد مزيداً من الوفيات. وبحسب البيانات الرسمية، تمّ تحصين ثلث الروس تقريباً فقط، البالغ عددهم 146 مليوناً، ومن شأن ذلك أن يسهّل انتشار المتحوّر دلتا من الفيروس في بلد تسجّل الوفيات فيه أرقاماً يومية قياسية تتجاوز الألف.

وهذا الوضع يطرح مشكلة تتجاوز الحدود الروسية، إذ يؤكّد خبراء أنّ مكافحة الوباء الذي تسبّب في نحو خمسة ملايين وفاة في العالم لا بدّ من أن تكون شاملة لكي تكون فعّالة. ولقاح "سبوتنيك-في" الذي أعلن عنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في العام الماضي قبل ظهور اللقاحات الغربية المستخدمة اليوم في العالم، كان من المفترض أن يثبت تفوّق العلماء الروس وأن يتيح لموسكو طيّ صفحة كوفيد-19 سريعاً. لكنّ ارتياب الروس الشديد لم يؤخذ في الحسبان.

بالنسبة إلى فياتشيسلاف، رجل الأعمال البالغ من العمر 52 عاماً والذي ما زال يرتاد المسبح على الرغم من الأزمة الصحية، فإنّ "السلطات تكذب علينا في مواضع كثيرة. فكيف يمكن تصديقها بشأن التحصين؟". من جهتها، وعلى الرغم من أنّها سبق أن أصيبت بكوفيد-19، فإنّ سفيتلانا جيتلوكينا ترفض كذلك تلقّي اللقاح. وتقول هذه المحللة المالية البالغة من العمر 54 عاماً: "إنّه لقاح تجريبي وأنا لست قردة (مختبر)"، لافتة إلى "عدم توفّر معطيات كافية" بشأنه.

كوفيد-19
التحديثات الحية

وإذا كان كثر في روسيا يعارضون اللقاح، فإنّ "الارتياب العميق بالمؤسسات" يفسّر هذا الرفض أكثر ممّا هو الخوف من اللقاح نفسه، بحسب ما تقول المتخصصة الروسية في الأنثروبولوجيا ألكسندرا أركييبوفا. تضيف أنّ "ثمّة من يظنّ أنّه لا يمكننا توقّع أيّ شيء جيّد من قبل الحكومة (...)، وأنّ مختبراتنا غير قادرة على إنتاج الأسبرين أو حتى لقاح جيد". أمّا تامارا أليكسيفا المتقاعدة البالغة من العمر 67 عاماً، فلا تخفي انزعاجها من خطاب الكرملين حول تفوّق سبوتنيك على اللقاحات الغربية المضادة لكوفيد-19. تضيف: "يريدون منّا التصديق أنّه لدينا أفضل العلماء في العالم، كما كانت الحال عليه في الاتحاد السوفييتي"، مشدّدة "لن أقبل بهذا اللقاح المزعوم".

وتتأثّر مصداقية "سبوتنيك-في" الذي استخدمته كذلك دول عدّة وتمّ التحقق من فعاليته من قبل مجلة "ذي لانسيت" الطبية المرموقة، بعدم موافقة منظمة الصحة العالمية ووكالة الأدوية الأوروبية عليه بعد. ويشير هنا فياتشيسلاف إلى أنّه "مريب". ونتيجة رفض هذا اللقاح، يزدهر بيع شهادات التحصين التي يطلبها بعض أرباب العمل. وبدلاً من التحصين المجاني، فضّل ألكسندر، وهو رجل أعمال مستقلّ يبلغ من العمر 45 عاماً، دفع خمسة آلاف و500 روبل (70 يورو) لشراء شهادة صحية، مؤكداً "أعرف أشخاصاً كثراً" عمدوا إلى ذلك.

أمام فشل حملته، دعا الكرملين الذي كان ينوي تحصين 60 في المائة من الأشخاص في أيلول/ سبتمبر الماضي إلى إظهار "حسّ مواطنة" في هذا المجال. وطالب بوتين: "رجاءً، كونوا مسؤولين". وبهدف التغلّب على هذا التردّد، تتناوب السلطات على تقديم حوافز من قبيل يانصيب للفوز بسيارات، وعلى التشدّد بفرض قيود. وهكذا قرّرت موسكو، المدينة الأكثر تضرراً من الوباء، إغلاق الخدمات غير الأساسية فيها ابتداءً من 28 أكتوبر/ تشرين الأول المنصرم حتى السابع من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، فيما أعلن بوتين في موازاة ذلك أسبوع عطلة للحدّ من التنقلات.

لكنّ المهمّة تبدو صعبة. وبحسب عالم الاجتماع ستيبان غونتشاروف من مركز "ليفادا" المستقل، فإنّ استطلاعات الرأي تظهر أنّ نسبة معارضي لقاح "سبوتنيك-في" تتراوح ما بين 50 في المائة و55 في المائة، وقد بقيت عند هذا المستوى منذ أشهر. ويقول غونتشاروف إنّه يتوجّب على الكرملين "استعادة ثقة الشعب" من خلال وضع "سياسة أكثر تماسكاً" بعد أشهر من التناوب بين القيود وتخفيف الإجراءات.

ويبقى أنّ أفضل سفراء للقاح هم هؤلاء الذين بدّلوا رأيهم بعدما أدخلوا إلى المستشفى على خلفية إصابتهم بشكل حاد من كوفيد-19. ويقول الطبيب يفغيني ريابكوف من معهد "موسكو سكليفوسوفسكي" إنّ "أولئك الذين نجوا من المرض يصبحون حلفاء لنا"، مضيفاً أنّه "حين يغادرون المستشفى يطلبون من أقربائهم تلقّي اللقاح".

(فرانس برس)