ليبيا... عودة حملات التهجير القسري في بنغازي

18 ديسمبر 2024
فساد يشوب عمليات إعادة الإعمار في بنغازي (عبد الله دوما/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تشهد بنغازي عمليات إخلاء قسري وهدم منازل بقيادة مليشيات خليفة حفتر، مما أدى إلى تشريد مئات الأسر وخلق أزمات اجتماعية واقتصادية، وسط ادعاءات بتقديم تعويضات غير موثقة.
- منذ 2018، تم تنفيذ أكثر من 1500 عملية إخلاء، مما شرد حوالي 3000 شخص، حيث اضطرت 30% من الأسر للاستدانة لتأمين مساكن بديلة، وفقد 20% من الأطفال فرص التعليم بانتظام.
- تتفاقم الأزمة مع استمرار البناء في مناطق جديدة، مما يتطلب إخلاء السكان، حيث تم تهجير قرابة 20 ألف شخص دون تعويضات كافية، وفق تقارير الأمم المتحدة.

تؤكد مؤسسات حقوقية ونشطاء ليبيون إجلاء عشرات الأسر من منازلها في مدينة بنغازي قسراً، وأن المليشيات التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر التي تسيطر على المدينة مسؤولة عن حملات الإخلاء وهدم المنازل.
وتزعم لجنة إعمار بنغازي أن تلك الأسر تضررت منازلها في وسط المدينة، وأنها منحت تعويضات مالية، من دون أن تعلن عدد هذه الأسر أو حجم التعويض الذي تلقته.
وأعربت منظمة التضامن لحقوق الإنسان عن قلقها إزاء تصاعد عمليات الإخلاء القسري وهدم المنازل في مدينة بنغازي، واتهمت في تقرير صدر مؤخراً، مليشيا حفتر التي وصفتها بسلطات الأمر الواقع، بالقيام بعمليات الإخلاء القسري وهدم المنازل، ما أسفر عنه تشريد مئات الأسر، وخلق أزمات اجتماعية واقتصادية.
ووصفت المنظمة الحقوقية هذه الممارسات بأنها "انتهاكات صارخة لحقوق الانسان"، وطالبت بوقفها فوراً، وحماية المدنيين. لافتة إلى أن عمليات الإجلاء القسري تطاول السكان منذ عام 2018، وتتحدث تقارير محلية عن تنفيذ ما يزيد عن 1500 عملية إخلاء قسري من بنغازي، وترك ما يزيد عن 700 أسرة من دون مأوى، ليرتفع عدد من فقدوا منازلهم في المدينة إلى نحو 3000 شخص.
وطالبت المنظمة، في تقريرها، بضرورة تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في التجاوزات. ووفقاً لأحدث الأرقام، فإن نحو 30% من الأسر المتضررة اضطرت إلى استدانة مبالغ كبيرة لتأمين مساكن بديلة، وفقد نحو 20% من الأطفال فرصتهم في التعليم بانتظام بسبب التنقلات المتكررة.
وأغلب السكان المهجرين تقع منازلهم في الأحياء التي طاولتها الاشتباكات التي شهدتها مدينة بنغازي على مدار سنوات، وبعد انتهاء الحرب في عام 2018، واجه السكان طلبات إخلاء منازلهم من قبل سلطات حفتر التي تحججت بانتشار الألغام ومخلفات الحرب داخل الأحياء، قبل أن تتغير الحجة إلى العمل على بناء مساكن بديلة عن التي تضررت بسبب الحرب.
يقول يونس شولاك، الذي اضطر إلى ترك منزله والنزوح إلى العاصمة طرابلس، إن مليشيا تابعة لحفتر أجبرته مع جيرانه على ترك منازلهم في حي الصابري بوسط بنغازي، رغم تعهدهم بعدم مطالبة السلطات بأي تعويض، والبدء بإصلاح الأضرار التي طاولت المنازل من جراء الاشتباكات، مشيراً إلى أن "شركات البناء وإعادة الإعمار هدمت أغلب منازل أحياء وسط بنغازي، وباشرت في بناء عمارات سكنية ومبان استثمارية فيها من دون أن تتلقى أغلب الأسر تعويضات مناسبة مقابل عقاراتهم".

تضررت آلاف من منازل بنغازي خلال الحرب (غيلز كلارك/Getty)
تضررت آلاف من منازل بنغازي خلال الحرب (غيلز كلارك/ Getty)

ويوضح شولاك لـ"العربي الجديد": "القضية مستمرة منذ ثماني سنوات، ولم تعد المسألة محصورة في الحصول على تعويضات أو مساكن بديلة، بل تحولت الى أزمة في حق العودة، فكل من اشتكى أو أبدى التذمر مما جرى أدرج في لوائح المطاردة الأمنية".
وسجلت منظمات حقوقية ليبية اختفاء الصحافي محمد الصريط على إثر نشره تدوينة على حسابه في "فيسبوك"، مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، احتج فيها على إخلاء منزل أحد أقاربه قسراً، قبل أن تكتشف أسرته أن جهاز الأمن الداخلي التابع لحفتر هو المسؤول عن اعتقاله.
وتبدو أعداد المهجرين من منازلهم قسراً التي كشفت عنها تقارير الأمم المتحدة أكبر مما تكشف عنه الجهات المحلية، ففي نوفمبر من العام الماضي، كشف تقرير لخبراء الأمم المتحدة إخلاء منازل قرابة 20 ألف شخص في بنغازي قسراً، وهدم المئات من المنازل، وبعضها له طابع تاريخي.
وذكر تقرير خبراء الأمم المتحدة أن عمليات الإخلاء جاءت في أغلبها من دون سابق إنذار، ومن دون تعويض للسكان، وفي أحسن الأحوال منحت فترات قصيرة للسكان لترك منازلهم.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وحول تجدد عمليات الإخلاء القسري، يلفت يونس شولاك إلى أن "الأمر له علاقة بانتهاء تشييد المباني السكنية في جهة، والبدء ببناء أخرى، وفي نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تحولت عمليات البناء إلى جهة جديدة في وسط بنغازي، ما يقتضي إخلاء سكانها من منازلهم، وبسبب رفض بعض السكان، نفذت مليشيا حفتر حملة إخلاء قسري، وهددت السكان، وأنذرتهم بترك منازلهم خلال يومين".
وفيما يؤكد شولاك استمرار عمليات التهجير والإخلاء القسري للسكان من منازلهم تحت التهديد، يتحدث عن آثار التهجير على حياة آلاف المواطنين الذين يعيشون أزمات كبيرة بسبب تكرار التنقل من مكان إلى آخر، ما يحتم عليهم نقل أطفالهم بين أكثر من مدرسة، وكذلك نقل مكان العمل إلى مكان قريب من السكن الجديد، علاوة على صعوبة الحصول على الأموال الكافية لدفع إيجارات المنازل ومواجهة تكاليف الحياة.

المساهمون