على الرغم من أن متلازمة الطفل الأزرق تعد نادرة، إلا أنها تبقى مقلقة بالنسبة للعديد من الأهل، وخصوصاً أن وسائل العلاج قد تكون مكلفة، ونسب نجاح العمليات الجراحية منخفضة إلى حد ما.
وترتبط هذه المتلازمة بعيوب خلقية تتعلق بالقلب، بحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. وسنوياً، يولد في الولايات المتحدة حوالي 40 ألف طفل بعيوب خلقية في القلب، ولا يوجد رقم واضح حول أعداد الأطفال الذين يولدون بهذه المتلازمة سنوياً.
وعام 1944، أجريت أول عملية لطفل يبلغ من العمر 18 شهراً مصاب بمتلازمة الطفل الأزرق في مستشفى جامعة جونز هوبكنز الأميركية. وبعدها بدأ الطب الحديث اللجوء إلى خيار الجراحة لمساعدة الأطفال الذين يولدون بهذه المتلازمة. فما هي أسبابها وعوارضها؟ وما هي وسائل العلاج؟
متلازمة الطفل الأزرق، والمعروفة أيضاً باسم ميتهيموغلوبينية الدم، هي حالة يتحول فيها جلد الطفل إلى اللون الأزرق. ويحدث هذا بسبب انخفاض كمية الهيموغلوبين في دم الطفل. وتحدث ميتهيموغلوبين الدم بسبب أكسدة الحديد في الهيموغلوبين من الحالة الحديدية (Fe ++) إلى الحالة الحديدية (Fe +++)، ما يؤدي إلى تكوين الميثيموغلوبين، بحسب تقرير أصدره موقع "Science direct".
ويُعرف الهيموغلوبين أنه بروتين في الدم مسؤول عن حمل الأوكسجين في جميع أنحاء الجسم وتوصيله إلى الخلايا والأنسجة المختلفة، عندما يكون الدم غير قادر على حمل الأوكسجين في كل أنحاء الجسم، يتحول لون الطفل إلى اللون الأزرق، بحسب تعريف جامعة "جونز هوبكنز".
يقول المتخصص في جراحة قلب الأطفال والمتخصص بالأمراض النادرة المتعلقة بالأطفال داني يوسف، لـ "العربي الجديد": "متلازمة الطفل الأزرق هي نوع من أنواع العيوب الخلقية التي يولد بها الطفل، والتي يسببها نقص في وصول الأوكسجين إلى الدم. وتتعلق بعض الحالات الأخرى بعيوب خلقية نتيجة سد شرايين القلب الرئيسية أو تبدل مكانها، الأمر الذي يستدعي جراحة فورية للطفل".
يضيف: "تظهر العيوب الخلقية المتعلقة بالطفل الأزرق كجنين أثناء الحمل. وتُظهر الفحوصات الطبية وجود خلل في تكوين شرايين الجنين، ما يتطلب من الأهل فور ولادته خضوعه لعملية جراحية فورية لتعديل عمل هذه الشرايين وتدفق الدم بشكل صحيح". وبحسب يوسف، ما من علاج لهذه المتلازمة، ولا بد لخضوع الطفل لعملية جراحية.
وتختلف الجراحة من طفل إلى آخر. البعض لا بد أن يخضعوا لها عند الولادة، فيما أطفال آخرون قد يجرون العملية بعد بلوغ 5 إلى 6 أشهر".
ويشير يوسف إلى أن الأسباب التي تؤدي إلى هذه المتلازمة يمكن حصرها بثلاثة عوامل أساسية. الأول ناتج عن مرض رباعية فالو، وحالة مرضية ناجمة عن مجموعة من أربعة عيوب خلقية في القلب. وهذه العيوب الأربعة هي عيب الحاجز البطيني، والتضيق الرئوي، ووجود الشريان الأورطي في غير موضعه، وزيادة سُمك جدار البطين الأيمن (تضخم البطين الأيمن). والعامل الثاني المسبب لها يتعلق بضيق صمام القلب، والثالث ولادة الطفل مع عيوب تتعلق بالشرايين ووظائفها في القلب. ويعد مرض رباعية فالو من أكثر العيوب التي تسبب متلازمة الطفل الأزرق.
هل يمكن للمصابين العيش مع متلازمة الطفل الأزرق؟
لا يمكن للأطفال العيش مع هذه المتلازمة، لأن المرض لا يتعلق بتحول لون البشرة إلى الأزرق فحسب، بل قد يعاني الأطفال من عوارض أخرى. وتفيد مجلة "ميديكال نيوز توداي" الأميركية بأن الطفل قد يعاني من تهيج البشرة، وضربات قلب سريعة، ويرفض الرضاعة، ولا يكون قادراً على اكتساب الوزن. وعلى الرغم من أن هذه المتلازمة أكثر انتشاراً بين الصغار، وخصوصاً الرضع، تفيد تقارير بإمكانية إصابة الأشخاص البالغين بهذا المرض، وذلك في حال كانوا مصابين بأمراض مزمنة، منها على سبيل المثال، التهاب المعدة، أو الفشل الكلوي الذي يتطلب غسل الكلى.
خلال فترة الحمل، يتطلب من الأم إيلاء الاهتمام بصحتها. وفي حال كان هناك حالات مشابهة في العائلة، على الحامل اتخاذ العديد من التدابير الوقائية. وبحسب موقع "هيلث لايبراري" الطبي الأميركي، يتوجب على الحامل طهي الطعام بالمياه المعبأة والمعقمة، وتجنب الأطعمة الغنية بالنترات مثل السبانخ والبروكولي والشمندر والجزر، والابتعاد عن التدخين وتناول الكحول.
وتشير دراسة نشرت في مجلة "ساينس دايلي" الأميركية إلى أن أكثر من 90 في المائة من الذين أجريت لهم عمليات جراحية بسبب عيوب خلقية في القلب، ومن ضمنها متلازمة الطفل الأزرق، بقوا على قيد الحياة بعد 20 عاماً من الجراحة. الدراسة التي شملت 1000 مريض عانوا في صغرهم من عيوب خلقية في القلب، تبين أن البقاء على قيد الحياة على المدى الطويل للمصابين بمتلازمة الطفل الأزرق وغيرهم من المرضى الذين يعانون من عيوب القلب الخلقية كان مقبولاً. إذ إن أكثر من 90 في المائة من المرضى بقوا على قيد الحياة بعد 20 عاماً من أول عملية أجريت لهم. كما تشير إلى انخفاض معدل الوفيات بعد إجراء العملية، وكان أقل من 1 في المائة.