مخاوف من تفشّي المجاعة في السودان وسط الجوع المستشري والحرب

08 اغسطس 2024
في انتظار مساعدات غذائية بأحد مخيمات السودان، 17 يونيو 2024 (غي بيتيرسون/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان**: يعاني السودان من أزمة إنسانية حادة، مع تفشي المجاعة في مخيم زمزم بدارفور وتأثر نحو نصف مليون نازح. تواجه 13 منطقة أخرى في السودان خطر المجاعة، مما يستدعي توسيع نطاق المساعدات الإنسانية.

- **تحديات الوصول وتقديم المساعدات**: يواجه برنامج الأغذية العالمي صعوبات في الوصول إلى المتضررين بسبب النزاع، ويهدف لدعم 8.4 ملايين شخص بحلول نهاية 2024، مع التركيز على المناطق الأكثر تضررًا.

- **دعوات للتحرك العاجل**: دعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى تحرك عاجل لتجنب مزيد من الوفيات والنزوح القسري لأكثر من 10 ملايين شخص، مع التأكيد على ضرورة تقديم المساعدة لمنع المجاعة الجماعية.

تكثر المخاوف من تفشّي المجاعة في السودان الذي يعاني من أزمة إنسانية بلا حدود، وذلك بعد الإعلان عن رصد ظروف المجاعة في إقليم دارفور غربي البلاد. وكانت لجنة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي المدعومة من الأمم المتحدة قد خلصت، في الأول من أغسطس/ آب الجاري، إلى أنّ الحرب في السودان التي اندلعت في منتصف إبريل/ نيسان 2023 تسبّبت في مجاعة بمخيم زمزم الذي يؤوي نحو نصف مليون نازح في ولاية شمال دارفور، وأنّ ظروفاً مماثلة تُسجَّل ربّما في أماكن أخرى بالمنطقة.

وبعد نحو 16 شهراً من القتال المتواصل ما بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، عبّرت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي في السودان، ليني كينزلي، عن قلقها إزاء الوضع الإنساني المتدهور في مخيمات النازحين في إقليم دارفور. وأوضحت كينزلي، في حديث إلى موقع أخبار الأمم المتحدة، أمس الأربعاء، أنّ المجاعة تأكّدت في مخيم زمزم للنازحين، الأمر الذي يؤثّر بنحو 500 ألف شخص لجأوا إلى المخيم بحثاً عن الأمان، وقد أكدت ذلك لجنة مراجعة المجاعة، وهي هيئة مستقلة ومحايدة من الخبراء في الأمن الغذائي والتغذية. وأضافت: "نحن قلقون جداً بشأن الوضع في مخيمات أخرى بمدينة الفاشر (غرب) وحولها مثل مخيّمَي أبو شوك والسلام"، ولا سيّما أنّ من الممكن أن تكون الظروف مماثلة في تلك المخيمات، في حين "يتعذّر الوصول إليها، بصورة كافية، لتقييم الوضع فيها".

ورأت المتحدثة الأممية أنّه لا بدّ من الانتباه إلى أنّ "ثمّة 13 منطقة أخرى في السودان ككلّ معرّضة لخطر المجاعة"، مشدّدةً على أنّ "الأوان لم يفت بعد لتغيير الوضع ووقف تمدّد المجاعة". وأوضحت كينزلي أنّ "المناطق الثلاثة عشرة الأخرى بمعظمها تقع في مناطق النزاع المستمر في دارفور (غرب) وكردفان (وسط) والخرطوم (وسط)، وكذلك في عدد قليل من المحليات في ولاية الجزيرة (وسط)". وتابعت أنّ هذا ما يدفع برنامج الأغذية العالمي إلى "توسيع نطاق مساعداتنا وزيادتها للذين يعانون من مستويات كارثية من الجوع، وهي المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وكذلك لأولئك الذين يعانون من مستويات طارئة من الجوع، وللاجئين في كلّ أنحاء البلاد"، مبيّنةً أنّ برنامجها يهدف إلى "الوصول إلى 8.4 ملايين شخص ودعمهم بحلول نهاية عام 2024".

وشرحت كينزلي أنّه "بحسب النتائج التي توصّلت إليها لجنة مراجعة المجاعة، من الممكن أنّ يواجه مخيّمَا السلام وأبو شوك -أو من المحتمل أن يواجها- ظروفاً مماثلة"، لكنّها أشارت إلى صعوبة كبيرة في "الوصول إلى المخيمات بمدينة الفاشر، حيث يشتدّ القتال يوماً بعد آخر، بهدف الحصول على الأدلة والبيانات اللازمة للخبراء مثل لجنة مراجعة المجاعة، بهدف تأكيد حدوث مجاعة". وشدّدت: "نحن في حاجة ماسة إلى الوصول" إلى المخيّمَين المذكورَين، لافتةً إلى حاجة إلى توسّع كبير في إطار "إيصال المساعدات الإنسانية ووقف الأعمال العدائية، ولا سيّما في النقاط الساخنة (...) مثل الفاشر والخرطوم ومناطق أخرى في أنحاء دارفور وكذلك في ولاية الجزيرة". وأكدت أنّ "الناس المحاصرين في أماكن الصراع يواجهون أعلى مستويات الجوع ويكافحون يوماً بعد آخر من أجل البقاء على قيد الحياة".

وبيّنت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي أنّ البرنامج يواجه تحديات في الوصول إلى المتأثّرين من النزاع الدائر، مشيرةً إلى أنّ البرنامج يبذل مع شركائه قصارى الجهود لتقديم المساعدات الغذائية العينية والنقدية إلى المحتاجين وللتفاوض مع طرفَي النزاع، من أجل تسهيل الوصول إلى المناطق المتضرّرة. وأوضحت كينزلي أنّ البرنامج "جزء من آلية مشتركة بين الوكالات يقودها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) بشأن المفاوضات المتعلقة بالوصول، مع طرفَي النزاع ومع الجماعات المسلحة الأخرى في السودان من أجل ضمان وصول قوافل المساعدات بأمان إلى المناطق المعنيّة والأهم من ذلك إلى الأشخاص المعنيين".

الجوع ينتشر في كلّ أنحاء السودان

وعند سؤالها عن المناطق الأخرى التي تثير قلق برنامج الأغذية العالمي، إلى جانب إقليم دارفور، حيث يعاني الناس من الجوع، أشارت كينزلي إلى "الخرطوم وجنوب الخرطوم تحديداً". وأفادت أنّ "90 ألف شخص تقريباً يواجهون مستويات كارثية من الجوع في العاصمة الخرطوم، التي كانت قبل الصراع مدينة ممتلئة بالحياة، مع قلق ضئيل بشأن انعدام الأمن الغذائي. أمّا الآن، فتردنا أخبار بأنّ الناس في بعض مناطق الخرطوم يخلطون الحبوب الغذائية بالمياه ويتناولونها مرّة واحدة في اليوم من أجل البقاء على قيد الحياة". وأضافت كينزلي أنّ "ثمّة أجزاء من ولاية الجزيرة تأثّرت خصوصاً بالصراع بصورة لا يمكن تصوّرها"، وأشارت إلى أنّ الولاية كانت تُعَدّ "سلة خبز السودان، إذ يُزرع فيها 70% من القمح" المنتج في البلاد.

وفي الإطار نفسه، شدّدت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي على أنّ "الجوع ينتشر في كلّ أنحاء البلاد"، شارحةً أنّ "شخصاً واحداً من كلّ شخصَين في السودان يكافح من أجل الحصول على الطعام، بصورة يومية". وأكّدت أنّه "لا يوجد شخص واحد في السودان لم يتأثّر بهذا الصراع بطريقة أو بأخرى"، وأنّ "سكان السودان يتحمّلون ما لا يمكن تصورّه منذ 16 شهراً وحتى اليوم".

وعلى الرغم من كلّ المعطيات التي يُمكن وصفها بأنّها متشائمة، قالت كينزلي: "لا يمكننا فقدان الأمل. لا يمكننا التخلّي عن الأمل بالنسبة إلى الشعب السوداني"، ولم يفت الأوان بعد لتغيير الأمور ووقف انتشار المجاعة في السودان. ورأت أنّ "بإمكاننا، بالتأكيد، تقديم المساعدة على النطاق المطلوب"، موضحةً أنّه في حال كان من الممكن إيصال المساعدة إلى الأشخاص المحاصرين بسبب النزاع وإلى المناطق المعرّضة لخطر المجاعة، فإننا "نستطيع منع وفيات كثيرة ومنع المجاعة الجماعية وسوء التغذية على نطاق واسع. ولذا يجب علينا الإبقاء على هذا الأمل".

دعوة أممية إلى تحرّك عاجل بعد تأكّد المجاعة في شمال دارفور

في السياق نفسه، دعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى تحرّك عاجل من أجل تجنّب مزيد من الوفيات في السودان، بعد تأكّد المجاعة في ولاية شمال دارفور. ونشرت المفوضية، في تدوينة على منصة إكس أمس الأربعاء، أنّ العلامات التي تحذّر من المجاعة في دارفور سُجّلت هناك منذ أشهر، مشيرةً إلى أنّ النازحين، من أطفال ونساء ورجال، يلقون حتفهم هناك على خلفية الجوع وسوء التغذية والأمراض.

وكان المنسّق الإقليمي لشؤون اللاجئين في حالة السودان مامادو ديان بالدي، وهو كذلك مدير المكتب الإقليمي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في شرق أفريقيا والقرن الأفريقي ومنطقة البحيرات العظمى، قد صرّح في الثاني من أغسطس الجاري، أي بعد يوم واحد من إعلان المجاعة في مخيم زمزم للنازحين بولاية شمال دارفور، أنّ المجاعة التي وصفها بأنّها "الكارثة الإنسانية الأكثر إلحاحاً في العالم" تتزايد وتتعمق كلّ يوم وتهدّد باجتياح المنطقة بأكملها. وأضاف أنّ ذلك يأتي إلى جانب الفظائع المروّعة التي تمسّ حقوق الإنسان، وكذلك النزوح القسري الذي وقع ضحيته أكثر من 10 ملايين شخص منذ بداية الحرب في السودان (15 إبريل 2023)، وافتقار شرائح كبيرة من السكان إلى الخدمات الأساسية.

 

المساهمون