استمع إلى الملخص
- **مطالبات مركز الشهاب**: طالب المركز بالكشف عن مصير جميع المخفيين قسراً والإفراج عنهم، وفتح تحقيقات في الشكاوى المقدمة، وحث المجتمع الدولي على تحقيق العدالة.
- **دعوات المؤسسة العربية**: دعت المؤسسة الحكومة المصرية والدول العربية إلى التصديق على اتفاقية مناهضة الإخفاء القسري، وطالبت بالكشف عن مصير النائب البرلماني مصطفى النجار.
رصد مركز الشهاب لحقوق الإنسان 1720 شخصاً وقعوا ضحية الإخفاء القسري في مصر، خلال الفترة الممتدة من الأول من سبتمبر/أيلول عام 2023 حتى مطلع أغسطس/آب الجاري 2024، في حين بلغ عدد المخفيّين قسرياً 18 ألفاً و439 منذ عام 2013 حتى مطلع الشهر الجاري.
ووثّق المركز، في بيان أصدره اليوم الجمعة بالتزامن مع اليوم العالمي لضحايا الإخفاء القسري الذي يصادف الثلاثين من أغسطس، مقتل 65 شخصاً خارج نطاق القانون من المخفيّين قسراً، "زعمت الحكومة (المصرية) أنّهم قُتلوا في أثناء اشتباكات مع القوات (المصرية) أو أنّهم ماتوا إثر تعرّضهم لأزمة قلبية وخلافه".
أضاف المركز في بيانه أنّ "ممارسة هذه الجريمة (تجري) بحق الشعب المصري من الأجهزة الأمنية كافة نتيجة غياب المحاسبة والمساءلة لأيّ شخص داخل المنظومة الأمنية، في ضوء التوسّع في سياسة الإفلات من العقاب وتقاعس النيابة العامة عن إجراء أيّ تحقيق في الشكاوى والبلاغات المقدّمة إليها، ما شجّع على الاستمرار في ممارسة هذه الجريمة".
مركز الشهاب: الإخفاء القسري جريمة في مصر ممنهجة ومتعمدة
وأعلن مركز الشهاب تضامنه مع ضحايا الإخفاء القسري وأهلهم، وأكّد أنّ جريمة الإخفاء القسري في مصر "ممنهجة ومتعمّدة"، وترتكبها السلطات باستمرار من دون محاسبة أو مساءلة لمرتكبيها. وطالب الحكومة المصرية بإجلاء مصير جميع المخفيّين قسراً، والإفراج الفوري عنهم، بالإضافة إلى توقّف الأجهزة الأمنية عن ارتكاب هذه الجريمة.
كذلك ناشد المركز النيابة العامة المصرية بفتح تحقيقات في الشكاوى والبلاغات المقدّمة إليها، واتّخاذ كلّ الإجراءات ضدّ كلّ من يثبت تورّطه في هذه الجريمة، في حين دعا المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته تجاه هذه الجريمة "تحقيقاً لمبدأ العدالة".
ويُعرَّف الإخفاء القسري بأنّه "الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أيّ شكل من أشكال الحرمان من الحرية"، ويأتي به "موظّفو الدولة أو أشخاص أو مجموعات يتصرّفون بإذن أو بدعم من الدولة أو بموافقتها". ويعقب ذلك "رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المخفي قسراً أو مكان وجوده، ما يحرمه من حماية القانون"، بحسب المادة الثانية من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الإخفاء القسري.
أمّا المادة الأولى من الاتفاقية، فنصّت على عدم جواز تعريض أيّ شخص للإخفاء القسري، وعدم جواز التذرّع بأيّ ظرف استنثائي كان لتبرير الإخفاء القسري، سواءً أكان التبرير حالة حرب أو تهديد باندلاع حالة حرب أو انعدام استقرار سياسي داخلي أو أيّ حالة استثنائية أخرى. كذلك أكدت الاتفاقية شدّة خطورة الإخفاء القسري الذي يمثّل جريمة، ويمثّل في ظروف معيّنة يحدّدها القانون الدولي جريمة ضدّ الانسانية.
يُذكر أنّ المادة 54 من الدستور المصري لعام 2014 نصّت على أنّ "الحرية الشخصية حقّ طبيعي، وهي مصونة لا تُمسّ. وفي ما عدا حالة التلبّس، لا يجوز إلقاء القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأيّ قيد إلا بأمر قضائي مسبّب يستلزمه التحقيق".
وبيّن مركز الشهاب أنّ على الرغم من هذه النصوص، الدولية منها أو المحلية، التي تجرّم الإخفاء القسري، فإنّ عمليات الإخفاء القسري انتشرت وزادت بحقّ آلاف المصريين من معارضين سياسيين ونشطاء في مجال حقوق الإنسان وصحافيين، وذلك "منذ ثورة يناير/كانون الثاني 2011، ولا سيّما بعد أحداث 3 يوليو/تموز 2013". وتابع المركز أنّ كلّما توقّع النظام أيّ حراك في الشارع المصري، تتزايد عمليات الإخفاء القسري التي تنفّذها الشرطة أو الأمن الوطني أو المخابرات العامة والعسكرية، علماً أنّ "هذه الجهات تعمل وتتصرّف خارج حدود القانون وتتحايل على الرقابة القضائية، مع نفي رسمي من قبل النظام".
الحكومة المصرية مدعوّة لتوقيع اتفاقية مناهضة الإخفاء القسري
في سياق متصل، دعت المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان الحكومة المصرية وكذلك الدول العربية إلى التصديق على اتفاقية مناهضة الإخفاء القسري. وأفادت المؤسسة، في بيان أصدرته اليوم الجمعة، بأنّ "في ذكرى اليوم العالمي لضحايا الإخفاء القسري الذي يواكب (يحلّ في) 30 أغسطس من كلّ عام، تؤكّد المؤسسة (...) تنامي جريمة الإخفاء القسري على المستويَين العربي والمصري". يُذكر أنّ أربع دول عربية فقط صدّقت على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الاشخاص من الإخفاء القسري، هي العراق وتونس والمغرب وموريتانيا.
ودعت المؤسسة الحكومات العربية، ولا سيّما الحكومة المصرية، إلى ضرورة التوقّف عن ممارسة جرائم الإخفاء القسري بحقّ الأشخاص الملقى القبض عليهم، من معارضين وناشطين سياسيين والذين يتمسّكون بحرية الرأي والتعبير. وأوضحت أنّ عملية الإخفاء القسري تنطوي على انتهاك مجموعة من الحقوق الفردية، هي الحق في الاعتراف بالشخص أمام القانون، والحق في الحرية والأمن الشخصي، والحق في عدم الخضوع للتعذيب أو لأيّ ضرب من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والحق في الحياة.
وأوضحت المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان أنّ الإخفاء القسري ينتهك عموماً الحق في الحياة الأسرية، وكذلك مختلف الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مثل الحق في التمتّع بمستوى معيشى مناسب والحق في التعليم. وترى المؤسسة اليوم العالمي لضحايا الإخفاء القسري مناسبةً لتطالب الحكومة المصرية، في خلاله، بالكشف عن مصير النائب البرلماني مصطفى النجار المخفيّ قسراً منذ سنوات، وبالتالي يبقى مصيره مجهولاً بالنسبة إلى عائلته.
وأشارت المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان إلى أنّ الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الإخفاء القسري تُعَدّ أوّل اتفاقية ملزمة تتناول الإخفاء القسري، وقد اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرار يحمل رقم 51/177 في عام 2006، ودخلت حيّز التنفيذ في 23 ديسمبر/ كانون الأول من عام 2010.