أكدت رئيسة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر مريم بنت عبد الله العطية، رصد حملات موجهة تُموّلها بسخاء جهات تسعى لعرقلة بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر، وقالت في لقاء مع "العربي الجديد "، إن قطر كررت التزامها تنفيذ التعهدات التي قطعتها على نفسها لتطوير التشريعات المحلية بما يتوافق مع القانون الدولي لحقوق الإنسان.
* كيف تعلقون في اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان على حملات التشويه التي تتعرض لها قطر، وما يثار من اتهامات كانتهاك حقوق العمال، وعدم دفع الأجور، وقصور التشريعات عن حمايتهم؟
- من خلال رصد ومتابعات اللجنة، وضح لنا جلياً أنها حملات ممنهجة من قبل جهات تسعى لعرقلة البطولة، وتشويه سمعة قطر، رغم الإصلاحات التشريعية التي جرت، والتي يلمس أثرها الجميع، بما في ذلك المنظمات الحقوقية الدولية، ويلاحظ أن هذه الحملات بدأت تتزايد قبل انطلاق المونديال لأهداف تعبّر عن الحقد على قطر، والرغبة في التقليل من قدراتها على التنظيم، لكن مع انطلاق صافرة البداية، سيشهد التاريخ بطولة عملاقة تبهر العالم.
*ما أبرز القوانين والتشريعات التي أُقرّت لحماية حقوق العمال؟
- لا شك أن القوانين والتشريعات تعتبر من أهم الأدوات التي تكفل حماية حقوق الإنسان وتعزيزها، ويجري تعديلها لمواكبة المستجدات، وﺗﺮﻙ إﺭﺙٍ مستمر ﻟﻸﺟﻴﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﺔ، وتعمل الدولة على تطوير التشريعات دورياً لتلائم تسارع حركة التقدم، وتواكب التطور في مختلف المجالات، كذلك تتيح أنظمة فعالة من شأنها أن توفر الحماية القانونية الشاملة، وخلال السنوات الماضية استقدمت قطر الآلاف من العمال من مختلف الجنسيات لتنفيذ مشروعات ضخمة قبل تنظيم بطولة كأس العالم، وبالتالي وضعت الدولة أمام تحد كبير يتعلق بتوفير الحماية القانونية لهذه الأعداد الهائلة، وهنا تسارعت عجلة التشريعات، وظهرت ملامح التطور ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻓﺮﺽ ﺍﻟﺘﺰﺍمات ﻋﻠﻰ أﺻﺣاﺐ ﺍﻟﻌﻤﻞ للإدلاء ﺑﺎﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺘﻌﺎﻗﺪ، وفي اﻠﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺗﻨﻈﻴﻢ ﻣﻜﺎﺗﺐ ﺍﻻﺳﺘﻘﺪﺍﻡ، وﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺍﻟﻌﻘﺪ، ﺍﺳﺘُﻌﺮِضَت ﻣﻼﻣﺢ ﺍﻟﺘﻄﻮُّﺭ ﻓﻲ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺠﺎﻝ، إذ ﺑُﺤﺚ ﺗﻄﻮُّﺭ ﺍﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﺼﺤﺔ، ﻭﺍﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، ﻭﺣﻤﺎﻳﺔ ﺍﻷﺟﺮ، وﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ، ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺷﺮﺡ ﻧﺼﻮﺹ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻘﻄﺮﻱ، وتحليلها، ﻭكذا ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﻳﺔ ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺻﺪﺭﺕ ﺗﻨﻔﻴﺬﺍً ﻟﻪ، ﻭﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﺎﺕ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺼﻠﺔ، ﻛﻘﺎﻧﻮﻥ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺩﺧﻮﻝ ﺍﻟﻮﺍﻓﺪﻳﻦ وخروجهم.
* ما طبيعة الشكاوى العمالية التي وصلت إلى اللجنة، وكم عددها، وكيف تعاملت معها؟
- تتباين نوعية الالتماسات العمالية، إلا أنها في معظمها تتعلق بتأخر الأجور والبدلات، وقد لمست اللجنة انخفاضاً في أعداد الشكاوى، لكن هناك حاجة لتوفير آليات وإجراءات أكثر صرامة للمستخدمين في المنازل، وحسبما جاء في التقارير، فقد شهدت القوى العاملة الوافدة معدلات نمو متفاوتة، واللافت للنظر انخفاض عدد الشكاوى عموماً مقارنة بالسنوات الماضية، ويعود ذلك إلى التطورات التشريعية والإجرائية والتنفيذية التي جاءت متوافقة مع توصيات اللجنة، إذ نرفع الالتماسات بشكل فوري إلى الجهات ذات الاختصاص بعد دراستها وتصنيفها.
* أشادت اللجنة في تقريرها السنوي بإصدار قانون الحد الأدنى لأجور العمال والمستخدمين في المنازل، وتعديل بعض أحكام قانون دخول وخروج الوافدين وإقامتهم، هل هناك حاجة لتشريعات أخرى تضمن المزيد من الحقوق للعمال؟
- تطمح اللجنة إلى استمرار عملية تطوير التشريعات لتوفير المزيد من الحماية القانونية، وتعمل على رفد الجهات ذات الاختصاص بتوصياتها في ما يتعلق بالقوانين التي تحتاج إلى تعديلات حتى تتوافق مع القوانين والمعاهدات الدولية، ليس لفئة العمال فقط، بل لجميع الفئات، بمن في ذلك النساء، وذوو الإعاقة وغيرهم، وجددت قطر في أكثر من مناسبة تأكيد التزامها تنفيذ التعهدات والالتزامات الطوعية التي قطعتها على نفسها، ومن ضمنها تطوير ومواءمة التشريعات الوطنية لتتوافق مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، وتقديم الدعم للبرامج والمشاريع المشتركة على المستوى الثنائي، والمستوى متعدد الأطراف بين بلدان المنطقة للمساهمة في تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها.
* كيف تساهم اللجنة في تعزيز واقع حقوق الإنسان، وما الدور الذي تلعبه في هذا المجال؟
- تسعى اللجنة بما لديها من كوادر مدربة لنشر الوعي والتثقيف، وتوفير الحماية والمساندة اللازمة للأفراد، والعمل المستمر على بناء قدرات وطنية في مجال حقوق الإنسان، ما انعكس بشكل إيجابي على الواقع الحقوقي في قطر، وذلك ما أثبتته العديد من تقارير المنظمات الدولية.
* كيف تواكب اللجنة استضافة بطولة كأس العالم؟ وما الدور الذي ستلعبه لتعزيز حقوق أكثر من مليون زائر خلال هذه الفترة؟
- منذ إعلان استضافة قطر لبطولة كأس العالم، وضعت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان خطة متكاملة تركز على تعزيز ونشر الثقافة الحقوقية من خلال الندوات والمحاضرات، وعملت على تدريب أعداد كبيرة من الموظفين على المفاهيم والمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، وتعددت البرامج التي نظمتها اللجنة لتتماشى مع استعدادات تنظيم البطولة، ومؤخراً نظمنا المنتدى الوطني الأول لحقوق الإنسان، بهدف تحقيق الهدف المتمثل بنشر الوعي بضرورة مقاربة حقوق الإنسان في عمل مؤسسات إنفاذ القانون، وذلك في إطار الأداء الوطني الذي يُبذل لتوفير مقومات إنجاح المونديال، وإثراء الممارسة الحقوقية في هذا الشأن، وفي الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، دشنت اللجنة مكتبها في مطار حمد الدولي، لتقديم خدمات استشارية وقانونية وتوعوية للجمهور، ودشنت أيضاً موقعها الإلكتروني الجديد الذي يواكب متطلبات الحدث العالمي.
* رصد تقرير اللجنة السنوي لعام 2021 "تراجعاً في التمتع ببعض الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، فكيف تتعامل اللجنة مع هذا؟ وما التوصيات التي تقدمونها لضمان حرية الرأي والتعبير في قطر؟
- أوصت اللجنة بضرورة تفصيل وشرح بعض العبارات الفضفاضة التي وردت في قانون العقوبات، ومنها ما يتعلق بممارسة الحق في حرية الرأي والتعبير، وعلى سبيل المثال عمليات النشر التي تهدف إلى إثارة الرأي العام، وأيضاً في قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية الذي يشكل تحدياً أمام ممارسة هذا الحق.
* اعتبرت اللجنة أن قانون مكافحة الإرهاب "يشكل انتهاكاً للحق في حرية التنقل والإقامة"، إذ لا ينص على مراجعة قضائية مسبقة للإجراءات المتعلقة بتقييد حرية التنقل، والإجراءات الخاصة بحظر السفر، فما المفترض فعله؟
- رصدت اللجنة تطوراً إيجابياً في ما يتعلق بالحق في حرية التنقل والإقامة، وصدرت قوانين وقرارات بهذا الشأن من بينها قانون الإقامة الدائمة، وإلغـاء قيود كانت مفروضة على حرية المغادرة، باسـتثناء ما لا يزيـد على 5 في المائة مـن العاملين لأسـباب تتعلق بطبيعـة العمل، وهناك لجنة للنظر في تظلمات خروج الوافدين، وتضمنت توصياتنا ضرورة تطوير الحقوق المدنية والسياسية، وأهمية النظر في أحكام المادة الثامنة عشرة من قانون الإرهاب، ونذكر أن دولة قطر لديها جهود حثيثة لتحقيق أقصى درجات الأمن والأمان، وهذا ما أظهره التقرير السنوي العالمي لمؤشر الجريمة الذي صدر في عام 2020، عـن موسـوعة قاعـدة البيانات العالمية "نامبيـو"، فمـن بـين 133 دولة شـملها التقييم، احتلت قطر المرتبة الأولى في مؤشر الأمان.
* ما الآلية التي تقترحونها لإتاحة الفرصة للمتضررين للتظلم بما يضمن حقوقهم في حرية التنقل والإقامة؟
تعددت نوافذ اللجنة التي تمكّن المراجعين من تقديم الالتماسات، وبلغات مختلفة، بحيث يجد المراجع كل ما يحتاج إليه من وسائل للوصول، كذلك استُحدِثَت آليات مختلفة تضاف إلى الآليات القائمة، بما في ذلك زيادة الخطوط الساخنة، وتطوير الموقع الإلكتروني، ووجود مكتب للجنة في مطار حمد الدولي يعتبر من الآليات التي توفر الخدمات للجمهور، كذلك نحرص على إصدار كتيبات توعية تتضمن الإرشادات الهامة التي يحتاج اليها الوافد إلى قطر.
* ما تعليقكم على أول انتخابات جرت في قطر لمجلس الشورى؟ وهل ترون أن هناك حاجة لقانون انتخاب جديد في ضوء تجربة الانتخابات؟
- أصدرت الدولة قبل مدة كافية من عقد أول انتخابات لمجلس الشورى، قانوناً خاصاً بالانتخابات، وقد جاء شاملاً ومفصلاً لجميع مراحل العملية الانتخابية. وبالفعل، كانت تجربة الانتخابات طفرة نوعية بوصفها أول عملية ديمقراطية، وثمّنت اللجنة تعليمات أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، لمجلس الوزراء للعمل على إعداد التعديلات القانونية اللازمة، وعرضها على مجلس الشورى الذي اكتمل بانتخابه الإطار القانوني اللازم للنظـر في إقرار هذه التعديلات، وبالتأكيد فإن التطور التشريعي مطلوب في جوانب الحياة كافة، بما يضمن الاستجابة لتطلعات الشعب.
* ما أبرز التشريعات التي تعتقدون أنها ملحّة للمساهمة في تطوير حقوق الإنسان وترسيخها في قطر، وحماية حقوق المواطنين بمختلف فئاتهم، وخاصة النساء والأطفال وكبار السن؟
- تؤكد اللجنة أهمية تعزيز الوعي المجتمعي بحقوق كبار السن من خلال نشر حقوقهم على أوسع نطاق، وإشراك المدارس والمساجد ووسائل الإعلام في عملية التوعية لترسيخ حقوقهم، بالإضافة إلى ضرورة تعميـم مراعاة حقوقهـم في خطط وبرامج التنمية المختلفة، والتوسع في إنشاء مؤسسات المجتمع المدني المعنية بالتوعية على حقوق كبار السن. أما بالنسبة إلى الطفل، فحتى الآن لم يطرأ جديد على المستوى التشريعي والمؤسساتي في ما يتعلق بحماية حقـوق الأطفال، ورغم التدابير التي اتخذتها دولة قطر خلال السنوات الماضية في هذا الشأن، إلا أن هناك العديد من التحديات التي لا تزال قائمة، ومن بينها تأخير إصدار قانون خاص بحماية الطفل، رغـم وجود مشروع قانون منذ فترة طويلة، كذلك لا يزال الحد الأدني لسنّ الزواج 18 سنة للفتيان، و16 سنة للفتيات، وهذا يقتضي رفع الحد الأدنى لزواج الفتيات إلى 18 سـنة، وعلى الرغم من الجهود المبذولة في مجال التوعية على حقوق المرأة، إلا أنها لا تزال غير كافية، وبشكل خاص ما يتعلق بمفهـوم المساواة الفعلية بين المرأة والرجل، ومعرفة سبل الإنصاف المتاحة للمرأة للتظلم من انتهاك تلك الحقوق، وكذلك الجهود التي تبذلها الدولة في مجال مناهضة العنف ضد المرأة.
* يلمس المنصف تطور واقع حقوق الإنسان في قطر خلال السنوات الأخيرة، وقد ساهمت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ترسيخ هذه الحقوق، فما القوانين والاتفاقيات الدولية التي توصي اللجنة بانضمام قطر إليها؟
- توصي اللجنة بأهمية الاستمرار في تطبيق الإصلاحات القانونية المتعلقة بالعمل، كنظام حماية الأجور، وتطبيق التشريعات الخاصة بتغيير العمل، والحد الأدنى للأجور، وحرية التنقل، وتطوير آليات تطبيق قانون المستخدمين في المنازل. كذلك توصي بضرورة دراسة الانضمام إلى البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ودراسة المصادقة على البروتوكول الاختياري للقضاء على التمييز ضد المرأة، ونؤكد ضرورة مواءمة التشريعات المنظمة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لأحكام الاتفاقية الدولية المعنية بهذه الفئة، والإسراع بإقرار التشريع الخاص بحماية حقوقهم بما يوائم الاتفاقيات والمعايير الدولية ذات الصلة، وتفعيل تطبيق أحكام الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة مـن قبـل القضاء، كذلك تأمل اللجنة أن تشهد المرحلة المقبلة إصدار تشريع خاص بحماية حقوق كبار السن، ومراجعة بعض القوانين والتشريعات المحلية بما يتواءم مع الاتفاقيات الدولية.