- القارب كان يحمل عائلات من سوريا، أبحر دون أجهزة تواصل، وتعرض الناجون للابتزاز من قبل الصيادين الليبيين الذين أنقذوهم، مما يوضح التحديات التي يواجهها المهاجرون.
- رغم المخاطر، يستمر السوريون في الهجرة بسبب النزاعات والضغوط الأمنية في بلادهم، حيث تبقى الهجرة الخيار الوحيد للكثيرين.
لقي حوالي 22 مهاجراً سورياً مصرعهم جراء غرق قارب قبالة سواحل ليبيا فيما قُدّر لثلاثة آخرين النجاة على يد صيادين ليبيين، وما زال آخرون في عداد المفقودين، في أحدث مأساة من مآسي "قوارب الموت" بهدف الهجرة إلى أوروبا.
وذكرت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" من أهالي قرية الكرك الشرقي في ريف درعا جنوبي سورية، أنّ القارب الذي غرق، أمس الأربعاء، في شواطئ العاصمة الليبية طرابلس، كان يحمل عدداً من العائلات والأفراد السوريين، من بينهم أطفال، وغيرهم من جنسيات أخرى، والعديد منهم ينحدرون من بلدة الكرك الشرقي في محافظة درعا، وأكثر من شخص من بلدات إنخل وغيرها من مناطق ريف درعا، وكذلك من بلدات زاكية وداريا ودوما في ريف دمشق.
وتحدث موقع "غرفة الإنقاذ الليبية" عن إنقاذ ثمانية أشخاص من بينهم طفلان في العاشرة من العمر، وذكر أنّ القارب كان يحمل حوالي 35 مهاجراً معظمهم من السوريين، وقد غرق بعد ساعات من انطلاقه. فيما ذكر موقع "تجمع أحرار حوران" السوري، أنّ القارب انطلق، في الساعة الثالثة من فجر الأربعاء بالتوقيت المحلي، وبعد ساعتين من الإبحار بدأت المياه تتسرب إلى داخله، إذ فقد التوازن ورمى سائق القارب نفسه في البحر قبل غرقه بقليل وهو من الجنسية السودانية. وأضاف الموقع أنّ القارب كان يحمل نساء وأطفالاً، وتمكن الصيادون بعد نحو أربع ساعات من إنقاذ عدة أشخاص، فيما لا يزال الباقون في عداد المفقودين.
وأشار المصدر ذاته، إلى أنّ القارب الغارق في سواحل ليبيا يبلغ طوله نحو سبعة أمتار ويحمل محركين اثنين، وقد أبحر دون وجود أجهزة التواصل منها الثريا والبوصلة. ولفت إلى قيام صيادين ليبيين بالتفاوض مع أهالي أربعة أشخاص من الناجين من القارب بدفع أموال مقابل إخراجهم أو تسليمهم للسلطات الليبية، مما دفع أهالي الناجين لدفع مبلغ 2000 دينار ليبي عن كل شخص.
ووفق شهادات أهالي المفقودين، فإن المهرّب المسؤول عن الرحلة يدعى "خ. م" من ليبيا وسبق أن احتجز عدة شباب وهدد بقتلهم في حال عدم دفع أموال مقابل إخراجهم. وقال محمد البرغوثي المهاجر في ليبيا، والمنحدر من قرية الكرك الشرقي لـ"العربي الجديد"، إنّ الصيادين الليبيين سمعوا نداءات استغاثة لأشخاص في مياه البحر حوالي الساعة الثالثة فجراً، واستطاعوا إنقاذ ثلاثة مهاجرين من درعا كانوا لايزالون على قيد الحياة ويقاومون الغرق، فيما وجدوا نحو 22 جثة لعدد من الغرقى، وأبلغوا السلطات الليبية وفرق الإنقاذ لانتشال تلك الجثث، والتي تبين أن عدداً كبيراً منها هم سوريون من درعا، فيما استطاعوا بالتعاون مع فرق الإنقاذ انتشال خمسة ناجين آخرين.
وكان عدد من الناشطين تداولوا مقطعاً مصوراً للصيادين الليبيين أثناء إنقاذهم للمهاجرين الثلاثة، يوضح حالتهم وهم ممددون في القارب.
أحد أقارب المفقودين من آل الزعبي قال، لـ"العربي الجديد"، إنّه "بالرغم من معرفة عامة الناس عن خطورة الهجرة بالقوارب من ليبيا وأعمال الابتزاز التي يتعرّض لها المهاجرون وعائلاتهم وأطفالهم، فمازال معظمهم يفكرون بالهجرة إلى أي مكان وعدم البقاء في مكان يهدد أمنهم وسلامتهم". وأضاف: "نحن في محافظة درعا معرّضون في كل وقت لحوادث الموت بالنزاعات بين الفصائل المسلحة أو على يد القوى الأمنية وسلطات الأمر الواقع، وليس لمعظمنا من سبيل سوى الهجرة حتى لو كانت بقارب مطاطي، خاصة بعدما أقفلت في وجه السوريين كل الوجهات ولم يتبق فرص سفر سهلة سوى إلى ليبيا".
من جهته، قال أحد الناشطين الذي فضّل عدم ذكر اسمه، لدواع أمنية، من أهالي بلدة الكرك الشرقي، لـ"العربي الجديد"، إنّ الأهالي استطاعوا إحصاء أكثر من 12 مفقوداً من أهالي القرية حتى الآن، مشيراً إلى أنه لا يمكن نشر أسمائهم قبل معرفة أقاربهم، فمازال البعض يأمل بأن تكون عائلته أو ولده بين الذين تم إنقاذهم. وأوضح: "الحالة العامة في البلدة توحي بمأساة طاولت جميع أهاليها، ويبدو أن هذا الوضع سيتكرر طالما أن أفق الحلول في سورية مسدود، وما زلنا نترحم على من سبقهم في حوادث غرق الأشهر الماضية، دون أن نجد سبيلاً لإقناع الناس بعدم رمي أنفسهم في أيدي المهرّبين، وفي عرض البحر".