- الاعتقالات شملت ناشطين وصحافيين، وأثارت ردود فعل واسعة من المجتمع المدني والحقوقي، مع تعرض المشاركات للاعتداء وانقطاع الاتصال بهن، ما دفع لتعليق وقفة احتجاجية أخرى.
- أحزاب سياسية ومنظمات حقوقية أدانت الاعتقالات وطالبت بالإفراج الفوري عن المعتقلين، مشددة على احترام حقوق الإنسان وحرية التعبير، وأكدت على أهمية التضامن مع الشعب الفلسطيني والسوداني.
أخلت نيابة أمن الدولة العليا في مصر سبيل الناشطين والناشطات الذين اعتقلوا، أمس الثلاثاء، بكفالة مالية قدرها خمسة آلاف جنيه مصري (نحو 105 دولارات أميركية) لكلّ منهم، على ذمّة القضية رقم 1567 لسنة 2024 حصر أمن دولة، وذلك بعد أن وجّهت النيابة إليهم تهماً بالتجمهر والانضمام إلى جماعة محظورة. وكانت وقفة قد نُظّمت أمام هيئة الأمم المتحدة للمرأة في القاهرة، ظهر أمس الثلاثاء 23 إبريل/ نيسان 2024، للاحتجاج على ما تتعرّض له النساء في قطاع غزة والسودان، ورفع مطالب إلى الهيئة.
وأفاد شهود عيان بأنّ قوات الأمن المصري ألقت القبض على ناشطات وناشطين هم: لبنى درويش الباحثة لدى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وراجية عمران المحامية ورئيسة مؤسسة حرية الفكر والتعبير، وماهينور المصري المحامية الحقوقية، وأسماء نعيم المحامية لدى مركز الذاكرة والمعرفة للدراسات. أمّا الصحافيات والصحافيون الذين أُلقي القبض عليهم، فهم: رشا عزب وإيمان عوف وهدير المهدوي ويوسف شعبان ومحمد فرج، إلى جانب فريدة الحفني ومي المهدي ويسرا الكليسلي وأروى مرعي وإسراء يوسف ولينا علي ورقية سراج الدين ويارا الورداني وعمر حسام. تجدر الإشارة إلى أنّ إجمالي عدد المعتقلات والمعتقلين قد يتجاوز الأسماء الثمانية عشر التي وُثّقت حتى الآن، مع العلم أنّ عدداً من الموقوفين أُخلي سبيلهم من النيابة وقسم الشرطة من دون تحقيقات معهم، وقد طلب ذووهم عدم نشر أسمائهم.
ووفقاً لشهود العيان، فقد تعرّضت الناشطات المشاركات في وقفة الثلاثاء للاعتداء من قبل قوات الأمن المصري المولجة تأمين المقرّ، نحو الساعة الثانية من بعد الظهر. وانقطع الاتصال بالمجموعة عند الثالثة والربع، بعد إلقاء القبض عليهنّ وإجبارهنّ على الركوب في عربات تابعة للأمن ثمّ إغلاق هواتفهنّ.
في السياق نفسه، علّق صحافيون الوقفة الاحتجاجية التي كانت مقرّرة اليوم الأربعاء، عند الساعة الخامسة عصراً، إلى حين انتهاء التحقيقات في النيابة واختبار صدق الوعود التي قُطعت لوسطاء. كذلك وقّع عشرات الصحافيين والصحافيات على مذكّرة تطالب نقيب الصحافيين المصريين ومجلس نقابة الصحافيين بالدعوة إلى اجتماع عام للجمعية العمومية، دفاعاً عن حرية التعبير. وطالب الموقّعون، في المذكّرة التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بجمع أكبر عدد من المتضامنين. وكتبوا: "نطالب نحن الصحافيون والصحافيات الموقّعون أدناه مجلس نقابة الصحافيين باتخاذ كلّ الإجراءات اللازمة والصارمة من أجل الإفراج عن الزميلات إيمان عوف ورشا عذب وهدير مهداوي والزميل يوسف شعبان ممّن تمّ القبض عليهم لمشاركتهم، التي يكفلها الدستور، في وقفة رمزية من ضمن وفد نسائي توجّه إلى مكتب هيئة الأمم المتحدة للمرأة في القاهرة، لتقديم مطالب بدعم نساء غزة والسودان".
أضاف الصحافيون في مذكّرتهم أن إلقاء القبض على الصحافيين والصحافيات تحوّل إلى "أمر معتاد" في السنوات العشر الأخيرة، سواء أكان ذلك على خلفية "دورهم المهني أو لتعبيرهم السلمي عن آرائهم كمواطنين". تناولت المذكّرة "الحقوق المهنية والإنسانية المنوط بنقابة الصحافيين المصرية الدفاع عنها، بصفتها ممثّلة لمصالح أعضائها ومدافعة عن رسالة هذه المهنة، ولأنّها كانت وتبقى رأس حربة ومرتكزاً للدفاع عن حرية التعبير في مصر"، مشيرةً إلى أنّ "لطالما توافد إلى سلمها كلّ صاحب شكوى ورأي كملاذ آمن للتعبير عن حقّه الذي يكفله الدستور". وطالب الموقّعون النقيب ومجلس النقابة بـ"الانحياز لكلّ تلك المعاني والقيم، والدعوة إلى اجتماع عام للصحافيين للتعبير عن رفض هذه الممارسات الأمنية التي تنقض على الصحافيين وتنتقص من حقّ حرية التعبير عن الرأي".
من جهتها، دانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اعتقال باحثتها لبنى درويش، المكلّفة إدارة برنامج حقوق النساء والنوع الاجتماعي بالمبادرة، من بين ما لا يقلّ عن 18 شخصاً آخرين، معظمهم من الناشطات النسويات، في أثناء مشاركة في وقفة سلمية نسائية أمام المقرّ الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في المعادي جنوبي القاهرة، للتضامن مع النساء في فلسطين والسودان وللمطالبة بوقف حرب الإبادة التي تستهدف قطاع غزة منذ 200 يوم (أمس).
وشدّدت المبادرة المصرية على ضرورة الإفراج الفوري عن المعتقلين، ووقف القمع المستمرّ الذي يطاول الأصوات المناصرة لفلسطين من قبل قوات الأمن المصرية، والذي لم يتوقّف منذ شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2023. وطالبت باضطلاع النائب العام بواجبه نحو مساءلة ومحاسبة أجهزة الأمن إزاء انتهاكاتها في حقّ المواطنات والمواطنين بسبب ممارستهم حقّهم الدستوري في حرية التعبير والتجمّع والاحتجاج. وشرحت أنّ الانتهاكات شملت الاعتقال التعسفي والاحتجاز السري، مع حرمان المعتقلين من التواصل مع محاميهم أو أسرهم.
أضافت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أنّ هذه الموجة من الاعتقالات التعسفية تُعَدّ الأخيرة من ضمن موجات سابقة من الاعتقالات طاولت المصريين والمصريات المناصرين لفلسطين، مبيّنةً أنّ ما لا يقلّ عن 56 آخرين ما زالوا معتقلين في سجون مصر في محافظتَي القاهرة والإسكندرية، على خلفية المشاركة في وقفات أو نشاطات مناهضة لحرب الإبادة التي تُشَنّ على قطاع غزة، وذلك على ذمّة التحقيقات في القضايا رقم 2468 و2469 و2526 و2635 لسنة 2023 (حصر أمن دولة عليا).
بدورها، طالبت سبعة أحزاب سياسية بالإفراج عن المعتقلات والمعتقلين المصريين المتضامنين مع نساء فلسطين والسودان. وجاء في بيان مشترك أصدرته الأحزاب في وقت سابق اليوم: "تطالب أحزاب اليسار المصري الموقّعة على هذا البيان بالإفراج الفوري عن 13 من النساء المصريات وصحافيين، اعتقلتهم الشرطة أمس الثلاثاء 23 إبريل/ نيسان 2024 بسبب مشاركتهم في وقفة تضامنية سلمية قامت بها مجموعة من النساء المصريات، أمام المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للمرأة في القاهرة"، وذلك من أجل "التضامن مع النساء الفلسطينيات والسودانيات وتسليم خطاب يطالب الأمم المتحدة بالتدخّل الفعّال لوقف كلّ أشكال العنف والعدوان على نساء فلسطين والسودان. كذلك تطالب بالإفراج عن كلّ الذين ما زالوا قيد الاعتقال بسبب التضامن مع الشعب الفلسطيني، في خلال الشهور السبعة الماضية".
وقد رفضت الأحزاب الموقّعة على البيان ما وصفته بأنّه "ممارسات القمع لحرية الرأي والتعبير عموماً، وخصوصاً قمع التعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني الصامد ببسالة أمام حرب الإبادة والتجويع والتطهير العرقي التي يشنّها ضدهّ العدو الصهيوني بدعم شامل وكامل من الولايات المتحدة الأميركية وحلف الناتو، وكذلك التضامن مع الشعب السوداني الذي يتعرّض لأبشع الجرائم وانتهاكات كلّ الحقوق الإنسانية في خلال الحرب الدائرة بين طرفَين يتصارعان على السلطة والإرث الفاسد الذي تركه نظام البشير (...) الذي ثار ضدّه شعب السودان الشقيق".
وطالبت الأحزاب مسؤولي مكتب الأمم المتحدة في القاهرة ورئيسة وكالة شؤون المرأة في المكتب الذين استقبلوا ثلاث متظاهرات وتسلّموا رسالتهنّ، والذين شهدوا وقائع الاعتداء عليهنّ من قبل الشرطة واختطاف عدد من المتظاهرات. ودعت الأحزاب الوكالة الأممية إلى إعلان موقفها الرسمي والالتزام بمسؤوليتها تجاه ضمان سلامة المتظاهرات السلميات، مع التمسّك بحقهنّ كنساء في مخاطبة هيئة الأمم المتحدة المسؤولة عن شؤونهنّ. وشدّدت على أنّ هذه الممارسات تتنافى مع الضمير الوطني الجمعي لشعب مصر ومع مبادئ الدستور وحقوق الإنسان في حرية الرأي والتعبير السلميَّين، وتمثّل إساءة كبيرة لسمعة مصر دولياً. والأحزاب الموقّعة هي: الحزب الاشتراكي المصري، وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، وحزب حركة الكرامة، والحزب الشيوعي المصري، والحزب العربي الديمقراطي الناصري، وحزب العيش والحرية (قيد التأسيس)، وحزب الوفاق القومي.