نشرت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان رسالة مسرّبة من سجن الوادي الجديد الذي يُعَدّ أحد أقدم سجون مصر وأشهرها حيث يُحتجَز معتقلو الرأي، تنقل معاناة نزلائه وكذلك معاناة عائلاتهم خلال الزيارات، ومن ثم تكشف الرسالة حجم الانتهاكات التي تطاول حقوق الإنسان في السجون المصرية.
وتناول أحد المعتقلين في سجن الوادي الجديد أوضاع المعتقلين في تلك الرسالة، وتحدّث عن "دخلة السجن التشريفة"، وأوضح أنّه بعد توقّف إحدى عربات الترحيلات أمام بوابة السجن، يصعد مخبرون من السجن ويصعدون إلى تلك المركبة، ويعصبون أعين المعتقلين قبل أن يُصار إلى إدخالهم إلى السجن، وذلك استعداداً لـ"حفلة التشريفة". فيصطف عناصر أمن المركز والمخبرون في "صفَّين متقابلَين، يمرّ بينهما المعتقلون" الذين ينالون نصيبهم من الضرب بالعصي والأيدي، ثمّ يُجبَرون على "الانبطاح أرضاً ليُصار إلى القفز على ظهورهم ورقابهم ووجوههم" بعد تمزيق ملابسهم وجعلهم "عراة كما ولدتهم أمهاتهم".
وبحسب كاتب الرسالة، فإنّ هذا الأمر يستمرّ لساعات عدّة، يفقد في خلالها عدد من المعتقلين وعيه "من شدّة التعذيب". وتستمرّ "حفلة التشريفة" في سجن الوادي الجديد مع الباقين، الذين يُصطحبون زحفاً إلى مكان يسمّى "الماسورة". أضاف أنّ هناك، يُجبَرون، وهم ما زالوا معصوبي الأعين، على "قضاء حاجتهم أمام جميع المخبرين والمسيّرين الجنائيين وعساكر (عناصر) الأمن المركزي. فيستسلم منهم من يستسلم، ويرفض ويمتنع منهم من يستطيع ذلك، ويستمرّ الوضع على هذه الحال حتى يُصار إلى تفتيش" بطاطين كلّ واحد من المعتقلين وملابسهم ومقتنياتهم الشخصية ومأكولاتهم. وتابع كاتب الرسالة أنّ "في نهاية المطاف، يُلقى هؤلاء المعتقلون إمّا في التأديب وإمّا في المصحة، ليُمارَس في حقّهم شكل آخر من أشكال الانتهاكات البشعة".
وبحسب ما تضمّنته الرسالة، فإنّ "غرف الانفرادي صغيرة ومساحتها 1.5 متر بثلاثة أمتار"، ويملك كلّ معتقل فيها "بطانية (غطاء) واحدة إلى ثلاثة بطاطين حدّاً أقصى"، علماً أنّها تختلف في كلّ شيء عن الزنازين الأخرى. وأوضحت الرسالة أنّ زنازين الانفرادي في سجن الوادي الجديد من دون "حمام ولا حوض ولا حنفية (صنبور) مياه"، فيما يزوَّد بـ"كيس مياه واحد لا تزيد سعته عن لتر" واحد، "ليروي منه ظمأه ويستنجي ويتوضأ".
وأكّد كاتب الرسالة أن " لا أحد في هذا السجن يجرؤ على الاعتراض أو المطالبة بأقلّ حقوقه حتى لا يُفتَك به" ولا ينال مصير سجناء اعتدى عليهم ضباط "بالضرب والتعذيب بالكهرباء والتعليق".
أمّا عن زيارات العائلات إلى سجن الوادي الجديد، فبيّنت الرسالة "أنّها تشهد تعنتاً شديداً جداً في إدخال المأكولات، خاصة (تلك التي تحتوي على) البروتينات"، بالإضافة إلى "التعنّت في إدخال العلاج (الأدوية)". وشرحت أنّ المعنيين يتسلمون تلك الأدوية "من الأهالي ويعرضونها على المستشفى بحجّة مراجعتها"، لافتةً إلى أنّهم "يسرقون معظمها أو نصفها على الأقلّ" في حال شعروا بـ"الشفقة" على المستفيد الأساسي منه.
وذكر كاتب الرسالة موقفاً "يلخّص الكثير"، ويخبر أنّ في إحدى الزيارات، تعرّض الأمن لامرأة "بحجّة أنّها كانت تأتي لزيارة أخيها في كلّ فرصة، سواء أكانت زيارة استثنائية أو أساسية وبأمر الحارسة. وبعد سؤال هذه السيدة عن سبب زياراتها"، عمدوا إلى "تفتيشها عارية تماماً. وهذا موقف من ضمن كثير".
أمّا وضع الكافيتيريا في سجن الوادي الجديد فوصفه كاتب الرسالة بأنّه مأساوي جداً للمجموعة التي يتحدّث باسمها، إذ يُحدَّد لكلّ فرد "مبلغ 500 جنيه مصري فقط شهرياً من أماناتهم، وهذا المبلغ لا يكفي لشراء صابون وأدوات نظافة لهم"، ولا "لشراء مأكولات ومشروبات".
وبيّن كاتب الرسلة أنّ أفراد المجموعة المُشار إليها لم يُسمَح لهم بالتريّض منذ دخولهم إلى هذا السجن، وهم لم يروا من السجن إلا زنازينهم، فهم يُصطحبون إلى الزيارة معصوبي الأعين. وبعد انتهاء "الزيارة التي لا تزيد على خمس دقائق"، يُعادون إلى زنازينهم بالوضع نفسه، ولا يُسمَح لهم بإدخال أيّ شيء من الزيارة "سوى وجبة لا تكفي إلا لفرد واحد فقط". وأشار كاتب الرسالة إلى أن هذه السياسة تُتَّبع منذ مدّة مع الأشخاص الذين في "التأديب الذي ظننا أنّه أُغلق منذ فترة"، وأكد أنّهم علموا أخيراً بأنّه يُصار إلى إخفاء أشخاص في التأديب، ويتعرّضون لـ"انتهاكات بشعة تقشعرّ لها الأبدان".