أصدرت تسع منظمات حقوقية مصرية، الثلاثاء، بياناً مشتركاً أعربت فيه عن استنكارها الشديد لما وصفته بـ"القرار الانتقامي" القاضي بإحالة النشطاء علاء عبد الفتاح ومحمد إبراهيم (المعروف بأكسجين)، والمحامي الحقوقي محمد الباقر، إلى محكمة جنح أمن الدولة طوارئ، على ذمّة قضية جديدة استُنسخت من القضية رقم 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة طوارئ، المحبوسين حالياً على ذمّتها احتياطياً منذ أكثر من عامَين.
وأوضحت المنظمات، في بيانها المشترك، أنّ "قرار الإحالة للمحاكمة، التي بدأت أولى جلساتها أمس، 18 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، جاء من دون علم المحامين، إذ رفضت النيابة إطلاعهم على ملف الاتهامات الموجّهة لموكليهم، وأثناء الجلسة رفضت المحكمة طلب المحامين تصوير أوراق القضية أو الانفراد بموكليهم، وقد انتهت الجلسة بالتأجيل إلى مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني (المقبل)".
وكان قد أُلقي القبض على الناشط والمدوّن علاء عبد الفتاح تعسفياً من قبل قسم الدقي في سبتمبر/ أيلول 2019 أثناء تنفيذه عقوبة المراقبة الشرطية التكميلية بعد إخلاء سبيله وانقضاء عقوبة حبسه لمدة خمس سنوات في القضية المعروفة إعلامياً بـ"قضية متظاهري الشورى". وبعد القبض عليه، وأثناء حضور المحامي الحقوقي محمد الباقر التحقيقات معه، أُلقي القبض على الباقر وتم ضمّه إلى القضية نفسها، وما زال كلاهما رهن الحبس الاحتياطي على ذمّة هذه القضية منذ أكثر من عامَين.
وبحسب المحامين، نُسخت الجنح المشار إليها في هذه القضية في أخرى جديدة، قُيّدت برقم 1228 لسنة 2021 جنح أمن دولة طوارئ، وقد ضُمّ المحامي الحقوقي محمد الباقر والمدوّن أكسجين إلى القضية نفسها.
وخلال جلسة محاكمتهم، أمس الإثنين، وجّهت إليهم المحكمة تهمة نشر أخبار كاذبة تضرّ بمصلحة البلاد، تتعلق بنشرهم عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي في عام 2019 بعض الانتهاكات الحقوقية، بما في ذلك منشور شاركه علاء عبد الفتاح على صفحته الشخصية على موقع "فيسبوك" يتعلق بتعذيب سجين، وآخر شاركه الحقوقي محمد الباقر عبر صفحة مركز عدالة للحقوق والحريات حول إهمال طبي أدّى إلى وفاة ثلاثة سجناء في السجن نفسه. أمّا أكسجين، فشارك منشوراً يتضمّن تسجيلات فيديو لأطفال الشوارع، وآخر عن معدّلات الوفيات في حوادث الطرق ومستوى التعليم المتدني في مصر، وفق التصنيفات العالمية. وقد رأت النيابة أنّ هذه المنشورات الإلكترونية أضرّت بمصلحة البلاد.
وعانى علاء عبد الفتاح منذ بداية احتجازه من معاملة غير آدمية من قبل إدارة سجن طرّه شديد الحراسة، إذ احتُجز في زنزانة انفرادية ومنعت عنه إدارة السجن كلّ أنواع المراسلات أو التواصل مع أسرته، كذلك منعته من قراءة حتى الكتب المصرّح بها من مكتبة السجن، الأمر الذي أثّر على صحته الجسدية والنفسية ودفعه إلى التفكير في الانتحار بسبب هذا التعسّف والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية.
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، تقدّمت أسرة عبد الفتاح إلى النيابة بطلب عرضه على طبيب نفسي متخصص، وتمكين محاميه من زيارته في حبسه، إلا أنّ النيابة تجاهلت هذه المطالب غير مكترثة بإنقاذ حياته من الخطر. وبالمثل رفضت وزارة الداخلية والنيابة طلبات المحامين بزيارة المدوّن أكسجين بتصريح رسمي، بعد محاولة انتحاره في داخل حبسه.
والمنظمات الحقوقية الموقّعة على البيان المذكور أعلنت رفضها بشكل قاطع "إحالة هؤلاء النشطاء للمحاكم الاستثنائية التي لا يجوز الطعن على أحكامها، ولا تراعي الحدّ الأدنى من معايير المحاكمة العادلة". كذلك، حمّلت المنظمات رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي والنائب العام حمادة الصاوي المسؤولية عن حياة وسلامة علاء عبد الفتاح ومحمد أكسجين الجسدية والنفسية.
وأيضا، جدّدت المنظمات رفضها تحويل عقوبة الحبس الاحتياطي المطوّل وغير المبرّر إلى عقوبة مفتوحة تتجدّد مع كلّ قضية، من خلال تدوير المحتجزين على قضايا جديدة باتّهامات مستنسخة، في تحايل فجّ من مؤسسة قضائية لا تتمتّع بالحد الأدنى من الاستقلالية، انتقاماً منهم على نشرهم انتهاكات حقوقية.
والمنظمات الموقعة هي مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز النديم، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، ومبادرة الحرية، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وكوميتي فور جستس.