وقّعت 49 منظمة نسوية وتنموية مصرية، وأكثر من 100 شخصية عامة على بيان مشترك، رفعوا فيه مطالبهم بما أطلقوا عليه "ضرورات خمس مدنية لقانون الأحوال الشخصية"، الذي يتحكم في مصير 5.6 ملايين امرأة و15 مليون طفل، ويواجه انتقادات حادّة ولاذعة.
وكان مجلس الوزراء المصري قد أرسل في 18 فبراير/ شباط الجاري، مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية إلى مجلس النواب، لمناقشته وإقراره قبل العرض على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لإقراره.
وقالت المنظمات والشخصيات العامة في بيانها: "في إطار ما أثير أخيراً في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي حول إمكانية طرح قانون جديد للأحوال الشخصية المصري، وإيماناً منا بضرورة وجود إصلاح حقيقي داخل القانون الذي مرّ عليه مئة عام ليتواكب مع فترات النضال عبر السنوات لتعديله ليأتي ملبياً لحقوق النساء ومطالبهنّ بما يضمن عدالة لأفراد الأسرة جميعاً، وضرورة بناء توافق معلن يجمع أطيافاً واسعة من المعنيين والمعنيات بشأن الأسرة المصرية سواء كانوا متخصصين أو فاعلين بمنظمات المجتمع المدني أو من المواطنين نساء ورجالاً، يُعلن الموقعون أدناه توافقهم حول خمسة مبادئ أساسية وضرورية تضمن إقرار قانون عادل للأحوال الشخصية، يحترم حقوق جميع أفراد الأسرة ويتوافق مع الحقوق الدستورية المكفولة للنساء في دستور 2014".
والمبادئ الخمسة تتلخص في "الاستناد إلى الدستور المصري ومبادئ حقوق الإنسان، وإقرار الشخصية القانونية والأهلية الكاملة للمرأة المصرية، والاستناد إلى مفهوم المواطنة في دلالاته من حقوق وواجبات متساوية بين الجنسين في الأسرة أمام القانون، بما يفيد ولاية النساء على أنفسهن وأطفالهن".
بالإضافة إلى "توثيق الطلاق أمام القاضي وحسم كافة الحقوق المستحقة المترتبة عليه خلال 30 يوماً كحد أقصى لفضّ النزاع والمترتبات عليه بالأسرة المصرية، والتعدد بقرار من القاضي بحضور الزوجة الأولى، بغرض التحقق من ملاءمة الإمكانات والتوافق حول دوافع الزواج الثاني، وتمكين الزوجة من حق التطليق وكل ما يترتب عليه من حقوق مستحقة في حالة عدم موافقتها على التعدد".
وأخيراً "ترجيح مصلحة الطفل الفضلى كضرورة واجبة، فعلى مشروع القانون أن يشتمل على نظام متابعة وحماية للأطفال في الأسر محل النزاع".
وفي سياق متصل، دشّنت مجموعة من النسويات، عريضة توقيع إلكترونية للمطالبة بما أسموه "قانون أسرة عادلاً"، وجاء في نص العريضة: "خرجت علينا بعض الصحف المصرية منذ أيام بمشروع قانون موحد للأحوال الشخصية مقدم من رئاسة مجلس الوزراء، وتعد مسودة القانون المعلنة ردة لعصور ما قبل الدولة الوطنية الحديثة، وتتنافى مع ريادة مصر التشريعية في المنطقة، وتتعارض مع التزامات مصر الدستورية بحماية حقوق المواطنة، وتخالف التزاماتها الدولية أمام القانون الدولي لحقوق الإنسان، وبخاصة اتفاقية السيداو".
وأضافت العريضة: "ألغت مواد مشروع القانون الشخصية القانونية للمرأة المصرية، وتمادت في اعتبارها ناقصة الأهلية في ما يخصّ مباشرة حياتها الشخصية وزيادة أعبائها الاقتصادية من عقد الزواج وفسخه، بل وأعطت لأي ذكر في العائلة حق تطليق المرأة إذا أراد. كما لم تعط الأمهات الحق في الولاية على أبنائهن، في تجاهل تام للواقع العملي حيث تتحمل الأمهات بالفعل كل أعباء التربية والرعاية في المنزل والتعليم، والمنع من السفر. كما لم يتطرق القانون إلى أكثر القضايا الملحة في ما يخصّ هذا البند، مثل حل المشكلات المتعلقة بالنفقة وإثبات دخل الزوج وتوفير السكن بعد الطلاق وسبل الحماية من التعنيف الجسدي والنفسي للأم والأبناء في حالات الانفصال".
وعلى مدى ما يقرب من قرن، ورغم كل ما أنجزته المرأة المصرية ووصولها لأعلى الدرجات العلمية والسياسية على المستويين المحلي والدولي، وإسهاماتها الاقتصادية في السوق المصري؛ "تظل خاضعة لقوانين تنتقص من أهليتها ومواطنتها التي نص عليها الدستور، وتعرّضها للظلم في أحكام الزواج والطلاق والحضانة وغيرها من شؤون الحياة الخاصة، وتشهد ساحات محاكم الأسرة على التجسد الحيّ لذلك الظلم التاريخي"، حسب العريضة.
وفي ضوء متغيرات أوضاع المرأة الاجتماعية والسياسية التي تمرّ بها مصر والمنطقة، فإنّ "من العار أن تظل قوانين الأحوال الشخصية المصرية تتجاهل واقع النساء ومعاناتهنّ وتنتقص من أهليتهن باعتبارهن خاضعات للوصاية، في تناقض فجّ بين أدوار النساء الفعلية في المجتمع مع وضعهن التشريعي"، حسب ما جاء في العريضة.
وطالبت العريضة بقانون مدني موحّد لكل المصريات دون تفرقة على أساس الدين ينطلق من واقع المرأة المصرية اليوم، كشريكة في الوطن، لها ثقل اقتصادي، ودور مجتمعي لا تستقيم مصر الحديثة بدونه، كزوجة وأم ومعيلة لثلث المجتمع، كمواطنة كاملة الأهلية.
كذلك طالبت العريضة الحكومةَ المصرية، إعلان سحب مشروع القانون الذي سُرِّب في الصحف من مجلس النواب.
وكذلك طالبت كلاً من مجلسي النواب والشيوخ، بالإضافة إلى الحكومة المصرية، بالتشاور مع منظمات حقوق المرأة المصرية والخبيرات في القانون الدولي لحقوق الإنسان وقوانين الأحوال الشخصية في مصر والمنطقة العربية، للاطلاع على مجهوداتهن في هذا الشأن والبناء عليها، وعقد جلسات استماع علنية في مجلس النواب لمناقشة مواد القانون المقترح معهن. فضلاً عن المطالبة بإقامة جلسات نقاش عامة موسعة مع الجمهور العام، من طريق شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وقنوات التلفزيون، مع طرح مشروع القانون في موقع يخصص لذلك، وتخصيص إمكانية تلقي التعليقات من خلاله، ويتم تحديثه أولاً بأول. وأن يتفق مشروع القانون مع مواد الدستور المصري التي نصّت على المساواة بين الرجال والنساء، ومنعت التمييز على أي أساس بين المواطنين والمواطنات، وكذلك أن يتفق مع التزامات مصر أمام القانون الدولي.