أكد مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية بمكتبة الإسكندرية أحمد الشربيني أن ما يحدث في غزة يعد سقطة قانونية وإنسانية وأخلاقية للمجتمع الدولي بسبب الانتقائية في تطبيق قواعد القانون الدولي والإنساني من قبل الدول الغربية التي تساعد إسرائيل في تجاوز القواعد التي ارتضتها جميع دول العالم.
وقال خلال كلمته، اليوم الأربعاء، في ندوة "تحديات الإغاثة الإنسانية في قطاع غزة" التي نظمها مركز الدراسات الاستراتيجية بمكتبة الإسكندرية، أن القوى الغربية تماهت في التأييد المطلق للسردية الإسرائيلية وتغافلت عن ممارسات الكيان المحتل وحقوق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن أرضه وكرامته منذ عام 1948 وهو ما أدى إلى ما حدث في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأضاف أن ما يحدث في غزة يؤدي لزيادة المعارضة العربية لاندماج إسرائيل في المنطقة، أو الاعتراف بها رغم توقيع العديد من معاهدات اتفاقيات السلام مع بعض الدول العربية، كما أنه سيؤدي لتولد دورات عنف وانتقام أخطر من قبل، ولن تكون قاصرة على المنطقة بل ستكون عابرة للحدود.
وأشار إلى تغير في الخطاب الرسمي السياسي لبعض الدول وعلى مستوى الإعلام الدولي تجاه مشكلة فلسطين، لكنه خطاب مراوغ أو متواطئ يهدف في النهاية إلى تصفية القضية الفلسطينية ولا توجد إرادة سياسية لإقامة دولة فلسطينية حقيقية ذات سيادة.
دور بطولي لمنظمات الإغاثة في غزة
وأكد أن منظمات الإغاثة تقوم بدور بطولي لإدخال المساعدات إلى غزة، حيث إنها تعمل في ظل مشهد معقد للغاية. ورغم التراجع المعلن عن فكرة التهجير إلا أن ما تفعله إسرائيل واستمرار العدوان الوحشي على القطاع يجعل الحياة مستحيلة في غزة.
وتحدث الدكتور أيمن الرقب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس المفتوحة عن معوقات الإغاثة في غزة، ومنها استهداف الاحتلال لشاحنات مؤسسات الإغاثة التي تعمل داخل غزة، وصعوبة نقل المساعدات بين الشمال والجنوب، ومحدودية كمية الغذاء والأدوية، والتفتيش الدقيق من جانب الاحتلال، وقطع الكهرباء الذي يعرقل نقل المواد الغذائية، والاكتظاظ في منطقة رفح وعدم وجود طواقم كافية لاستلام المعدات وتوزيعها.
وأكد الرقب وجود عدد من المتطلبات داخل القطاع والتي تستلزم وجود تعاون دولي لتحقيقها، ومنها توفير الاحتياجات الخاصة بالنساء والأطفال، وإنشاء الخيام، وإدخال المساعدات لشمال قطاع غزة عبر حاجز إيرز، والسماح بدخول قدر أكبر من المساعدات، وضرورة توفير مياه صالحة للشرب، وتوفير العلاج المزمن، وإنشاء مناطق عازلة لوضع خيام مؤقتة حتى لا يحدث تكدس في منطقة رفح.
فيما أكدت السفيرة الدكتورة هيفاء أبو غزالة؛ الأمين العام المساعد ورئيس قطاع الشؤون الاجتماعية بجامعة الدول العربية، أن الوضع الإنساني كارثي في غزة وتحديات الإغاثة الإنسانية في غزة لا تختلف عما يحدث في الضفة الغربية فقوات الاحتلال الإسرائيلي المجرمة تقوم بعمليات إبادة وقتل بشكل ممنهج في كل المدن والمناطق وكل يوم تقريبا.
وأشارت إلى أن قرارات مجلس الأمن لم تأتِ بوقف إطلاق النار في أي قرار لوقف هذه الحرب، الأمر الذي ساعد الحكومة المجرمة في إسرائيل على الاستمرار في عمليات الإبادة الجماعية بمختلف المناطق منذ بداية الحرب على غزة وحتى الآن.
ولفتت إلى أن جامعة الدول العربية قامت بالعديد من الحملات بالتعاون مع الهلال الأحمر المصري الذي يتعاون بدوره مع الهلال الأحمر الفلسطيني، كما تمت زيارة معبر رفح والأطفال الخدج الذين أنقذتهم مصر.
أكد الدكتور محمد العرابي؛ وزير الخارجية الأسبق، أن الإغاثة لا تمثل إطارًا إنسانيًا فقط بل سياسيًا أيضًا، فمصر هي شريان الحياة للشعب الفلسطيني. ولكي نحافظ على القضية الفلسطينية لا بد أن يستمر الدور المصري.
وأشاد بموقف الدولة المصرية في مواجهة سيناريو التهجير، إلى جانب الدور الكبير الذي تقوم به منظمات المجتمع المدني لإيصال المساعدات إلى قطاع غزة، مؤكدًا أن جريمة الإبادة ستظل عالقة في التاريخ، تلاحق مرتكبيها، وستبقى نقطة سوداء في تاريخ الإنسانية
فيما تحدث علاء شلبي؛ رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، عن الجرائم القانونية التي ترتكبها إسرائيل والانتهاك الجسيم لحقوق الإنسان بحق الشعب الفلسطيني إلى جانب سعيها المعلن للحيلولة دول دخول المساعدات إلى غزة، مما يتناقض مع أحكام اتفاقية جنيف الرابعة، التي تقضي بحظر العقاب الجماعي، وحظر التهجير القسري للسكان، وعدم فرض قيود على مواد الإغاثة.
ازدواجية المعايير عند تقديم المساعدات
وانتقد ما وصفه بغياب التجاوب المطلوب والمفترض من بعض الدول العربية في استقبال الجرحى الفلسطينيين رغم تفاقم المعاناة بسبب نقص وانعدام الإمكانات، الأمر الذي يتطلب الإسراع في دخول المساعدات الطبية والإنسانية والمعيشية إلى داخل القطاع.
ولفت إلى وجود ازدواجية في المعايير عند تقديم المساعدات خاصة بالمقارنة مع دعم العالم للمنكوبين في أوكرانيا، وهو ما يهدد النظام الدولي وبقاءه، لافتا في الوقت نفسه إلى أنه وفقًا للقوانين الدولية فإن مسؤولية إدخال المساعدات لا تقتصر على دول الجوار فقط.
من جانبه، قال النائب الدكتور طلعت عبد القوي؛ عضو مجلس النواب المصري ورئيس الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية أنه يوم 8 أكتوبر 2023 تم تجهيز 108 قاطرات محملة بالأغذية والمياه والملابس والخيام، إلا أنها بقيت في رفح لمدة عشرة أيام بسبب رفض الجانب الإسرائيلي دخول المساعدات، إلى جانب قصف الجانب الفلسطيني للمعبر.
ولفت إلى أن العديد من المنظمات المصرية تساهم في تجهيز المساعدات، ويصل عددها إلى 65 قاطرة أسبوعيًا، كما أن آخر قافلة تحركت كانت تضم 575 قاطرة. وشدد على أن منظمات الإغاثة تعمل في ظروف بالغة الصعوبة، كما أن الشعب المصري له مواقف كريمة ومشرفة حيث يساهم المواطنون البسطاء بالتبرع في ظل الظروف الاقتصادية التي يمرون بها.
وأكد عبد القوي أن التحالف الوطني مستمر في القيام بدوره في تقديم المساعدات لغزة، كما تستقبل الحكومة المصرية الجرحى والمرضى للعلاج في مصر، لافتًا إلى أن 82% من جملة المساعدات التي دخلت قطاع غزة دخلت من مصر.