استمع إلى الملخص
- **دور المنظمات والجمعيات الخيرية**: يلجأ الأشخاص ذوو الإعاقة إلى المنظمات والجمعيات الخيرية مثل الهلال الأحمر والأمانة السورية للتنمية، لكن معظم المساعدات تذهب لجرحى الجيش وعائلاتهم.
- **التشريعات والمشكلات في التطبيق**: أصدرت الرئاسة السورية مرسوماً في 2004 يتعلق بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، لكنه يواجه مشكلات في التطبيق ويُفتح باباً للواسطة والرشوة.
تزايدت أعداد الأشخاص ذوي الإعاقة خلال سنوات الحرب السورية، لتبلغ حسب تقديرات غير رسمية أكثر من 1,5 مليون شخص لديه إحدى درجات الإعاقة، من ضمنهم مصابو الحرب من أفراد جيش النظام والمليشيات التابعة له، ومن فصائل المعارضة المسلحة.
وتؤكد وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل التابعة للنظام السوري أنها تعنى بشؤون الأشخاص المعوقين من خلال مديرياتها في المحافظات، وذلك وفق نوع الإعاقة ودرجتها وعمر الشخص المعوق، وأن مراكز التأهيل والتعليم تقتصر على المرحلة العمرية من 4 إلى 14 سنة ضمن شروط المستوى العقلي، كما تقدم دورات تدريبية لمن يزيد عمرهم عن 14 سنة بما يتناسب مع إمكاناتهم العقلية والجسدية، من دون ضمانات لتوفير العمل، مع منحهم بطاقة معوق لتصبح لهم الأولوية في أي عمل مناسب.
ويلجأ الأشخاص المعوقون وذووهم إلى المنظمات والجمعيات الخيرية لطلب المساعدة، خاصة الهلال الأحمر، والأمانة السورية للتنمية، والأخيرة باتت تقوم بالكثير من الأدوار بعد أن سيطرت عليها أسماء الأسد.
يقول أحد الأشخاص المعوقين من ريف دمشق لـ"العربي الجديد": "لم تستطع بطاقة الإعاقة الجسدية حماية (الكشك) الصغير الذي أعتاش منه، في حين استطاع العديد من أصحاب الأكشاك المدعومين من النظام أو المليشيا في نفس المنطقة حماية أماكنهم. لم تفدني البطاقة سوى بالحصول على عكازات من مديرية الشؤون الاجتماعية، وتقديم موعد دور لعمل جراحي في مشفى المواساة، وكنا نستفيد من سلة غذائية يقدمها الهلال الأحمر كل شهرين، لكنها توقفت".
تقتصر خدمات مراكز تأهيل وتعليم المعوقين على المرحلة من 4 إلى 14 سنة
وفيما يخص الأمانة السورية للتنمية، يضيف الرجل الذي طلب عدم ذكر اسمه: "سمعت عن إعانتها بعض الأشخاص المعوقين في طرطوس وحمص واللاذقية، وأن لديها برنامج تأهيل يسمى (التعافي المبكر)، لكني لم أحظ بأي دعم منها. معظم المساعدات الدولية والأممية تذهب للأشخاص المعوقين من جرحى الجيش وعائلاتهم، بينما يمكن للجميع ملاحظة المآسي التي يعيشها الأشخاص المعوقون وذووهم على أبواب مديريات الشؤون الاجتماعية والهلال الأحمر والجمعيات الخيرية".
وأصدرت الرئاسة السورية في عام 2004، مرسوماً تشريعياً متعلقاً بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والتزامات الجهات العامة والخاصة تجاههم، وركز المرسوم على مساواتهم مع باقي شرائح المجتمع في الحقوق العامة مثل العلاج والتعليم والعمل في المؤسسات العامة والخاصة، وصرف منح مالية من مديريات الشؤون لذوي الإعاقة العقلية، وتخصيص مقاعد في الجامعات لذوي الإعاقة، وكذلك فرصة إدخال سيارة معفاة من 75% من الرسوم الجمركية.
وحول هذا المرسوم، يقول المحامي نضال غزالة لـ"العربي الجديد": "غالباً ما احتاجت المراسيم الرئاسية في سورية إلى مراسيم أخرى وقرارات لاحقة لشرحها وتطبيقها على أرض الواقع. هذا المرسوم يأخذ منحى إيجابيا، لكن هناك إشكاليات في التطبيق، تبدأ من الخلل في تحديد درجات الإعاقة، وحقوق كل شخص معوق، فهناك شخص معوق بالولادة جسدياً أو عقلياً، وهناك شخص معوق نتيجة الحوادث أو الحرب، فهل يحق لكل شخص معوق أو ذويه استيراد سيارة معفاة من الرسوم الجمركية وفق المرسوم، أم أن الأمر سيخدم فقط جرحى الحرب؟ ثم من الذي يحدد المنح الجامعية المقررة للأشخاص المعوقين؟ أو أعمار وأوضاع المستحقين لتلك المنح؟".
يضيف غزالة: "أجد في هذا المرسوم فرصة لشريحة محددة من الأشخاص المعوقين، وبابا واسعا للواسطة والرشوة والفساد، إذ يستفيد من المنافع قلة من الأشخاص المعوقين بحسب المناطق ودرجات الوصول، بينما يستمر السواد الأعظم منهم في التوسل على أبواب المديريات".
ويقول علي القصير، وهو شخص معوق، من اللاذقية، لـ"العربي الجديد": "وزعت الأمانة السورية للتنمية قبل عامين أكثر من 60 جهازا طبيا شملت كراسي مدولبة وعكازات للمساعدة على المشي بعد مسح ميداني للمحافظة، في حين كان عدد المتقدمين بالمئات. رغم أن خدمات الأمانة السورية والهلال الأحمر أفضل في اللاذقية من بقية المحافظات، إلا أن حاجة الأشخاص المعوقين أكبر بكثير من الخدمات المقدمة، ويُمكن ملاحظة الزحام اليومي على أبواب الجمعيات الخيرية من ذوي الأشخاص المعوقين".
بدوره، يقول عمار الهواش، من ريف دمشق: "أسعى منذ 10 سنوات عبر الجمعيات الخيرية والمنظمات لزرع (حلزون) لابنتي التي تبلغ 14 سنة، ولم أحظَ بأي إعانة، وسجلت اسمها مرفقاً بالتقارير الطبية في برنامج الكشف المبكر لنقص السمع، ولم تحصل على موافقة، في حين أعرف أطفالاً خضعوا لعمليات زرع مجانية بمساعدة مسؤولين في الدولة أو في المشافي العامة".
وتقول إحصائيات الأمم المتحدة إن نحو 28% من سكان سورية لديهم نوع من الإعاقة الجسدية أو العقلية، في حين كانت النسبة في عام 2009 لا تتجاوز 10%، عدا عن الأشخاص المعوقين المهجّرين، وهؤلاء بحاجة إلى مساعدات طبية ومعيشية يومية.