منعطفات دراباشي... مغامرة أخطر طرق العالم في تركيا

26 سبتمبر 2024
يشاهدون منعطفات دراباشي (علي إحسان أوزتورك/ الأناضول)
+ الخط -

يرى البعض أن القيادة على طرقات وعرة وضيّقة وخطرة شغف وتحدٍّ، في حين يعتبرها آخرون مجازفة. ومنعطفات دراباشي بولاية طرابزون شمالي تركيا بين أماكن المغامرات الأخطر في العالم.

لا تفوّت تركيا طريقة أو حدثاً أو معلماً من أجل إضافته إلى سلسلة الجذب والترويج، علّها تصل إلى "حلم الستين" هذا العام، كما تعلن الحكومة، أي استقبال 60 مليون سائح، وتحقيق 60 مليار دولار عائدات.
وعموماً لا تخلو تركيا ذات المساحة الهائلة، والتي تطل على ثلاثة بحار وتضم 81 ولاية، من معلم مشهور أو سر دفين أو على الأقل مكان ذات طبيعة ساحرة. 
ويُعرف أن "حلم الستين" غير مستحيل بعدما واكب القائمون على السياحة آخر "صرعات الجذب"، وبينها المغامرات، سواء عبر الطيران بمناطيد في كبادوكيا أو المخاطرة على منعطفات دراباشي بولاية طرابزون (شمال) التي تصنّف من بين أخطر الطرق في العالم.
ويقول مدير شركة "ياشام" السياحية، محمود آلتن باش، لـ"العربي الجديد": "منعطفات دراباشي هي فعلاً من أخطر الطرق في العالم، وصنّفها موقع دينجيريس رودز دوت أورغ قبل نحو عقد من الزمن من بين الطرقات الوعرة والأكثر خطورة في العالم. ومنذ ذلك الحين أدرجته مديرية الثقافة والسياحة في ولاية طرابزون ضمن المواقع الجذابة، وتروّجها شركات السياحة، ويأتي سياح ومغامرون خصيصاً لاكتشاف هذه المغامرة  وخوضها".
ويتحدث آلتن عن أن "شباباً من دول الخليج العربي يقصدون منعطفات دراباشي التي تقع بين ولايتي طرابزون وبايبورت ضمن خيارات دول الخليج على البحر الأسود لأنها تعتبر المغامرة الأكبر عالمياً، فهي شديدة التعرّج بـ13 منعطفاً حاداً وذات ارتفاع شاهق وصولاً إلى 3500 متر، وتصنّف بأنها أخطر من طريق الموت في بوليفيا. وتستثمر مديريات السياحة في المنطقة الجغرافيا في تنظيم سباقات للطرقات الوعرة والتسلّق، مستفيدة من جمال المنطقة. ويمكن الوصول من منعطفات في دراباشي إلى بحيرة أوزون غل المشهورة عالمياً، لكنها تبقى مغلقة نحو ستة أشهر في وجه السائقين كل عام بسبب الثلوج والضباب والانزلاقات الطينية".
وينظم الاتحاد التركي لرياضة السيارات سباق "تركيا أوف رود" للسيارات ذات الدفع الرباعي على مضمار بطول 9 كيلومترات في ولاية سامسون، وسباقات أخرى أحدها في وادي يوروكلر في قضاء قايناشلي بولاية دوزجة (شمال غرب).

ويصف الشاب المغامر بوراك باشاران القيادة على الطرقات الوعرة بأنها "متعة تشعره بالتفوّق تتعدى شعور الاكتشاف والإثارة، خاصة إذا كان السباق بين مجموعات أو تنظمه مديرية الثقافة أو اتحاد السيارات، فحينها يشعر الفائز أنه بطل ومغامر".
وعن تعلّقه بقيادة السيارات في مناطق خطرة وعلى طرقات وعرة يقول باشاران: "أتحدّر من قونيا حيث لا توجد طرقات خطرة. وبعدما تعمّق عشقي لسيارات الدفع الرباعي، زرت المناطق الجبلية في ولاية إزميت أولاً، ثم الطرقات الصعبة جنوب تركيا ومنطقة البحر الأسود، وتنامى شغفي بالمغامرة وبالشعور بارتفاع الأدرينالين خلال التسابق مع سائق آخر".
وفي شأن المخاطر التي تنجم عن القيادة وخوض سباقات في مناطق وعرة وخطرة، يقول باشاران: "تتضمن كل الرياضات مخاطر تتفاوت درجاتها، لكن من لا يجرّب متعة سباق السيارات ويعلم مدى مقاييس السلامة التي تتوفر في السيارات الحديثة يَعيب علينا هذه المتعة، والشعور بالتفوق والنجاح".
ويدرج طريق دي 915 الذي يبلغ طوله 106 كيلومترات ويرتفع 3500 متر عن سطح البحر، ويقع على منعطفات في  سفوح جبل سوغانلي بين ولايتي طرابزون وبايبورت، ضمن قائمة أخطر الطرق في العالم، وقد يكون أخطرها بعدما تفوق على طرق مصنّفة بأنها الأكثر خطورة على صعيد الوعورة والانحدار والضباب والانهيارات، وبينها طريق جبل تيانمن ونفق غوليانغ في الصين، ومن بينها جسر إشيما أوهاشي في اليابان، وطريق دالتون السريع في ألاسكا، وطريق يونغاس في بوليفيا، وممر غوثارد في سويسرا، والممر الزوجي في الهند، وترانسفاراغاسان في رومانيا، والطريق السريع الأطلسي في النرويج. 

يحتضن جبل شاهق بعض منعطفات دراباشي بين طرابزون وبايبورت (علي إحسان أوزتورك/ الأناضول)
يحتضن جبل شاهق منعطفات دراباشي بين طرابزون وبايبورت (علي إحسان أوزتورك/ الأناضول)

وبنى السكان المحليون بأدوات بدائية تحت الإكراه منعطفات دراباشي في عهد الاحتلال الروسي عام 1916، ويتطلب قطعها أو خوض مغامرة عليها، المرور بـ13 منحنى في المناطق النائية بطرابزون على ساحل البحر الأسود للوصول إلى بايبورت التي تقع على الجانب الآخر من الجبال، ولا ممر أو طريق بين المنطقتين، سوى منعطفات دراباشي. 

طريق كماليا

ومن الطرق الخطرة في تركيا، طريق كماليا الحجري وصولاً إلى نهر الفرات. وتقول روايات إن سكان المنطقة شيّدوه بأنفسهم باستخدام أدوات يدوية ومن دون آلات عبر الصخور، قبل أن تعيد الحكومة إنجاز الطريق وتفتتحه بحلته الحالية عام 2002.  
ويختلف طريق كماليا الحجري عن طريق دي 915 الذي يرتفع 3500 متر عن سطح البحر، فهو ينحدر لمسافة 300 كيلومتر إلى جنوب غربي تركيا، ويتضمن 38 نفقاً معظمها ضيّقة ولا يزيد عرضها عن مترين وارتفاعها عن ثلاثة أمتار. لكن الفتحات الكثيرة على طريق كماليا الحجري تسمح بأن يستمتع السياح والعابرون بالإطلالة على الوادي والنهر، ما ينسيهم ربما وعورة الطريق وخطورته، خاصة إذا ارتأى السائق أن يتوقف لزيادة جرعة المتعة، فيسد الطريق ويعيق السيارات التي تعبر في الاتجاهين.

"طريق الرعب"

ولدى الحديث عن الطرقات الوعرة ومسارات المغامرات في تركيا، يأتي "طريق الرعب" الذي يصل بين كماليا وديفريي في ولاية أرزينجان (شمال شرق)، والذي يصنّف بأنه من أخطر الطرق المرورية في العالم. 
وربما استغرق شق "طريق الرعب" وقتاً أكبر من أي طريق وعرة في العالم، إذ بدأ شقه عام 1870 بهدف ربط منطقة كماليا وسط الأناضول بولاية أرزينجان، وذلك باستخدام أدوات ومعدات بدائية في نحت الصخور وشق الطريق. ويُروى أن التشييد استغرق 132 عاماً حتى الانتهاء من إنجازه عام 2002، ويتحول إلى مسار مهم لمحبي مغامرات القيادة من أصحاب القلوب القوية، ليس لوعورته فقط، بل للمنحدرات الصخرية التي توجد على جانبيه، والتي يصل ارتفاعها إلى 500 متر. 
وفي مناطق أخرى يوجد نهر الفرات على جانب الطريق ومنحدر صخري على الجانب الآخر، ما يضاعف الخطورة.

أيضاً مسارات أكثر أماناً

وفي مقابل الشد والتوتر على الطرقات الوعرة والصعبة، تحتوي تركيا أيضاً مسارات تعتبر من الأجمل والأكثر راحة وأماناً، منها طريق جناق قلعة - كارابورون التي تمتد نحو 500 كيلومتر على بحر إيجه، وتمر بسهول ومساحات خضراء، أيضاً طريق مرمريس – داتشا - بودروم بطول 100 كيلومتر المحاط بمناظر طبيعية ومنعطفات آمنة وإطلالات بحرية، وطريق أنطاليا - غوجك بطول 350 كيلومتراً التي تعتبر أماكن طبيعية ومناطق تحتوي على آثار تاريخية، وأخيراً طريق بارتين - كاستومونو - سينوب - سامسون الذي يتيح للعابر التمتع بأروع مناظر غربي منطقة البحر الأسود على امتداد نحو 400 كيلومتر بدءاً بمدينة بارتين على الطريق التي تصل إلى أماصرا، ثم مدينة سينوب وشلالات إرفيليك، وصولاً إلى مدينة سامسون.

المساهمون