منذ الساعات الأولى لافتتاح مهرجان الرطب في دولة قطر قبل أسبوع، توافد مئات من المواطنين والمقيمين إلى الخيمة المكيّفة الضخمة، حيث يُقام، بهدف شراء أصناف مختلفة بأسعار رمزية.
للعام السادس على التوالي، نظّمت وزارة البلدية والبيئة القطرية، بالتعاون مع إدارة سوق واقف، مهرجان الرطب الذي انطلق في الخامس عشر من يوليو/ تموز الجاري في الدوحة. وهو يأتي بالتزامن مع موسم إنتاج الرطب في البلاد، ليمثّل احتفالية من شأنها تلطيف قيظ الصيف وزرع البهجة في نفوس المتسوّقين ومحبّي الرطب بأنواعه.
وتشارك في المهرجان، الذي يستمر حتى الثلاثين من يوليو، 80 مزرعة محلية إلى جانب "شركة حصاد الغذائية"، علماً أنّه يأتي من ضمن الجهود الرامية إلى تحقيق الأمن الغذائي، والحرص على تطوير قطاع الزراعة، بما في ذلك النخيل، ودعم أصحاب المزارع والمهتمين بزراعة الرطب، والارتقاء بأصنافه. يُذكر أنّه في الموسم الماضي، وبسبب تفشّي فيروس كورونا الجديد، استعيض عن مهرجان الرطب الخامس بمهرجانات مصغّرة أقيمت في الأسواق والمتاجر الكبرى. وقد شاركت 100 مزرعة في تلك الفعاليات، باعت أكثر من 200 طن من الرطب.
وللرطب والتمور فوائد عديدة، خصوصاً عندما تؤكل طازجة. فهي تمدّ الجسم بالطاقة وتتميّز بقيمتها الغذائية العالية، علماً أنّ كيلوغراماً واحداً من التمور يزوّد الجسم بنحو ثلاثة آلاف سعرة حرارية، فيما تمثّل السكريات نحو 80 في المائة من وزن التمور. وهي تحتوي على نسب عالية من الأملاح المعدنية، مثل الكالسيوم والفوسفور والكبريت والبوتاسيوم، والعناصر النادرة، مثل الحديد والنحاس والمنغنيز وغيرها، إلى جانب الألياف والدهون والبروتين. ومرحلة الرطب هي المرحلة التي تصير الثمار فيها حلوة المذاق وليّنة، علماً أنّ التمر يُسمّى "الرطب" في مناطق عدّة. يُذكر أنّ بلوغ مرحلة نضوج الثمار تستغرق ما بين أسبوعَين إلى أربعة أسابيع تقريباً بحسب الظروف المناخية.
وكان مدير سوق واقف محمد السالم قد أفاد بأنّ المهرجان يفتح أبوابه أمام الزائرين يومياً، من الساعة الرابعة عصراً وحتى الساعة العاشرة مساءً، فيما تُشدَّد الإجراءات الاحترازية الخاصة بمكافحة الوباء، من قبيل الالتزام بالكمامة والتباعد الاجتماعي أو الجسدي. كذلك، فإنّ الدخول إلى خيمة المهرجان يقتصر على المحصّنين بلقاح مضاد لكوفيد-19 أو الذين يحملون نتيجة سالبة لفحص كورونا. ولفت من جهة أخرى إلى أنّ المزارع المشاركة توفّر مختلف أنواع الرطب المعروفة، مثل "الخنيزي" و"البرحي" و"الشيشي" و"الخلاص"، والتي تُباع بأسعار منافسة لنظيرتها في خارج المهرجان.
وعلى رفوف من الخشب وفي علب من الكرتون، تُعرَض أنواع عدّة من الرطب، منها "الخلاص"، واحد من أفضل أصناف التمور، الذي يأتي متوسّط الحجم وبلون أصفر. وهو يمثّل 65 في المائة من محاصيل نخيل دولة قطر، ويُعَدّ من الأصناف التجارية الممتازة المرغوبة في الأسواق، لا سيّما أنّه يحتفظ بنكهته الطيّبة عند تخزينه لفترة طويلة. إلى جانب "الخلاص"، ثمّة نوع آخر من التمور يسمّى "السري"، يأتي كبير الحجم وبلون أصفر كذلك. ومن أبرز الأنواع الأخرى "الشيشي" متوسّط الحجم بلون أصفر، و"البرني" متوسّط الحجم إلى صغير بلون أصفر يميل إلى بني، و"الخضري" كبير الحجم بلون أحمر يميل إلى بني، و"الصقعي" كبير الحجم بلون ذهبي يميل إلى أصفر، و"المبروم" كبير الحجم بلون أحمر يميل إلى بني، و"الرزيز" متوسّط الحجم بلون بني، و"الخنيزي" صغير الحجم بلون أحمر يميل إلى بني، و"النغال" متوسط الحجم بلون أحمر يميل إلى بني، و"اللولو" صغير الحجم بلون أصفر، و"الفرض" متوسّط الحجم بلون بني غامق، و"البرحي" متوسّط الحجم بلون أصفر يميل إلى بني.
وتعمل وزارة البلدية والبيئة القطرية من أجل زيادة أعداد مزارع النخيل وتوسيع المزارع القائمة وتزويد المواطنين بفسائل النخيل ذات الإنتاجية العالية والتي تتميّز بجودة إنتاجها. كذلك، تعمل إدارة البحوث الزراعية في الوزارة على إنتاج فسائل تنتج ثماراً على مدار موسم الرطب كاملاً، فضلاً عن توزيع آلاف من شتلات النخيل على منازل المواطنين سنوياً.
وقد صرّح مساعد مدير إدارة الشؤون الزراعية عادل اليافعي، على هامش مهرجان الرطب، أنّ هذا المهرجان عاد مجدداً إلى موقعه في سوق واقف، فيما تهدف الوزارة من خلال إقامة مثل هذه المهرجانات إلى إيجاد منافذ تسويق لتحقيق مردود اقتصادي لأصحاب المزارع من بيع محاصيلهم، وكذلك توفير المنتج المحلي من الرطب والتعريف به. وحول الدعم الذي تقدّمه الوزارة لأصحاب المزارع، أوضح اليافعي أنّ إدارة الشؤون الزراعية تضمّ وحدة خاصة بالعناية بأشجار النخيل من أجل المحافظة عليها وحمايتها من كلّ الآفات. أضاف اليافعي أنّ الإدارة تقدّم كذلك إلى أصحاب المزارع عبوات لجمع التمور زنة 20 كيلوغراماً، ويُدعمون بعبوات تسويقية، إلى جانب تثبيت الكهرباء لمصلحتهم ودعمهم بالحراسة الزراعية في مقابل رسوم رمزية. ولفت اليافعي إلى أنّ حجم الاكتفاء الذاتي من الرطب المحلي بلغ 76 في المائة.
ويهدف مهرجان الرطب إلى تحسين التسويق المحلي للمنتجات الزراعية القطرية، إيماناً من وزارة البلدية والبيئة بأهمية التسويق لتحسين جودة الإنتاج الزراعي وتقليل الفاقد، الأمر الذي يؤدّي إلى طلب متزايد على تلك المنتجات، ويساهم في تحفيز المزارع على استخدام التكنولوجيا الحديثة المتطوّرة في المجال الزراعي، فيزيد الإنتاج ويعزز جودته.
تجدر الإشارة إلى أنّ إحصاءات رسمية تفيد بأنّ متوسط عدد أشجار النخيل في دولة قطر يتراوح ما بين 650 ألف شجرة و700 ألف مزروعة على مساحة 2.2 ألف هكتار، أي نسبة 17 في المائة من مجمل الأراضي الزراعية في الدولة التي تبلغ 13 ألف هكتار. ومن المتوقع أن يبلغ إنتاج التمور هذا العام 34 ألف طنّ، ما يمثّل نمواً بنسبة اثنَين في المائة سنوياً. وكان الإنتاج في عام 2019 قد وصل إلى 30 ألف طن بنسبة نموّ مماثلة وبنسبة اكتفاء ذاتي آمن وصلت إلى 90 في المائة.
وتستورد دولة قطر سنوياً نحو أربعة آلاف طنّ من التمور، وتصدّر بعض الأنواع عبر "شركة حصاد الزراعية" التي ينتج مصنع "نافكو" التابع لها عشرات الأصناف. وكان نافكو قد أُنشئ في عام 1995، ويُعَدّ مصنع التمور الأوّل في الدولة، مع طاقة إنتاجية من التمور تفوق 2200 طنّ سنوياً.